Page 33 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 33
31 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
مملوكه من عبيد وإماء. الإنسانية يعد بمثابة القوة الناعمة التي تلجأ
-المكان :وخصائصه التي تترك أث ًرا في وعي من إليها الجماعة في أنشطتها الفعلية التي تسعى من
خلالها إلى الوجود والبقاء والتمدد بشقيه المادي
يحيا فوقه. القائم على التوسع والاستحواذ ،والمجازي الجمالي
-المعتقد :وموقعه الفاعل في النفوس. المعرفي المعتمد على فرض التأثير وتحقيق الهيمنة
-منزلة الأديب عمو ًما والشاعر على وجه
الخصوص :في الواقع الاجتماعي للأفراد. وإشاعة جو من الولع والهيبة والإجلال لقيمها
-النظرة إلى الرجل :الوالد ،الزوج ،الأخ ،الابن المعيشية في نفوس الآخرين المغايرين لها ،ويمكن
بالنسبة إلى المرأة ،فالرجل في السياق الاجتماعي
العربي يشكل سلطة لها حضورها بالنسبة إلى هذه التعامل مع هذا المسلك في إطار معالجتنا لواقع
الأدب والثقافة العربية عمو ًما في العلاقة مع الآخر
الأنثى منذ القدم. خلال المائتي سنة الأخيرة بد ًءا من القرن التاسع
-قبل كل ما سبق أو بعده هناك سلطة غير عشر وصو ًل إلى زمننا الحالي ،وكيف كنا نصنف
ملموسة تبدو جلية في كل العناصر السابقة؛ ألا النخبة في بلداننا العربية والإسلامية وفق طرفين
وهي سلطة النسق الثقافي المتحكم في حياة الفرد
والمجموع والموجه لها الذي يصبغها بصبغة حازمين :محافظ ،ومجدد ،أو دا ٍع إلى الارتباط
مخصوصة ،تعد بمثابة ناتج ،البحث في أسبابه الشديد بالتراث وبقيم الهوية المستقاة من اللغة
يعني بحثًا في الفواعل المنتجة لهذا النسق ،وهي والدين يخيم على مسعاه هذا خوف وحذر وشك
عملية لا شك في أن النهوض بها يحيل إلى أبواب وريبة في الآتي من ثقافة الغرب وفي المنادي بمزيد
من الاتصال به ،في مقابل راغ ٍب في الهرولة خلف
معرفية عدة. قيم الآخر الغربي واقتفاء أثره ،وما من شك في أن
حركة البعثات والترجمة التي نشطت بشكل ملحوظ
الأدب :حالة ثقافية تاريخية منذ القرن التاسع عشر وعززتها بالتوازي معها
حركة استعمارية استطاعت أن تفتن كثيرين في
ويبقى النص الأدبي شاه ًدا ودلي ًل يمكن بلدان المشرق الإسلامي ،لما رأوا في هذا المستعمر
الاستعانة به في الوقوف على طبيعة هذه السلطة؛ من قدرة على التوسع والاستحواذ وتحقيق الهيمنة
إذ يمكن القول إن ما يسمى بالأغراض الشعرية،
قد ساعدت على ترسيخ وعي كهذا.
وفي مقدمتها المدح والفخر والرثاء ،تعد بمثابة ويأخذنا هذا المدخل إلى ثنائية مهمة يمكن الوقوف
استجابات جمالية تعكس حضور هذه السلطة
وأثرها القوي في الوعي وفي السلوك ،وما الأديب عليها فيما يتعلق بمسألة القوة الناعمة المتصلة
ومنجزه الفني إلا أمارة ودليل كاشف عن ذلك؛ إنه بأشكال الفكر والثقافة والمعرفة بصفة عامة التي
فرد في قومه ،وصوت ناطق بما يموج به الضمير تجعل منها الأمم مطايا للتأثير وللفاعلية في علاقات
الجمعي من خواطر. بعضها ببعض ،هذه الثنائية تمثل في (الأدب
وفي إطار الاحتفاء بهذه السلطة تتبين عمليات والسلطة)؛ إن هذه السلطة في السياق الاجتماعي
التصنيف وإصدار الأحكام وما يمكن تسميته الفرز
الاجتماعي التي تكشف عنها مصطلحات وشرائج العربي -على سبيل المثال -تتخذ أثوا ًبا متنوعة
اجتماعية ،مثل :أغربة العرب ،العبيد والإماء، تتدثر بها()2؛ فلا تبدو تب ًعا لذلك بهيئة واحدة؛ فإذا
الصعاليك ،ثم بعد ظهور الإسلام ظهر مصطلح
(الصابئ) في إشارة إلى من خرج على دين قومه نظرنا إلى العرب منذ جاهليتهم نجدها تبدو في
إلى دين جديد ،وهذه المصطلحات جميعها تعد أمثلة كيانات عدة ،مثل:
شاهدة على من تلفظهم تلك السلطة أو تضعهم في
مواضع الازدراء والاحتقار في ظل نظرة سلبية -القبيلة :وأثرها الفاعل في سلوك أفرادها وفي
تنظيم حركته وضبط أدائه داخليًّا وخارجيًّا .ولكل
قبيلة شيخ أو كبير تتوافق عليه وترضى به حك ًما
ومرج ًعا لها.
-السيد :في حضوره بالنسبة إلى مسوده أو