Page 29 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 29

‫الجامعة وضعت لها رؤية ورسالة‪،‬‬                     ‫أيمن تعيلب‬
 ‫بموجبها وضعت كل كلياتها رؤية‬

      ‫ورسالة‪ ،‬وفي ضوء ذلك تم صنع‬
‫(لائحة) للكلية‪ ،‬إذا قرأت هذه الأشياء‬

        ‫(عن الجامعة عمو ًما‪ ،‬والكلية‬
       ‫خصو ًصا) ستشعر بالعبث الذي‬
   ‫نعيشه‪ ،‬بعد أن يتحول كل شيء‬
   ‫إلى شعارات براقة‪ ،‬وهي شعارات‬
  ‫تخنق العملية التعليمية وتخفيها‬

‫من شعبها‪ ،‬ما العائد الذي تنتظره الدولة من هذه‬                   ‫الوعي لدى الأطفال بقوله‪« :‬إن معظم‬
‫الفئة بعد قضاء مرحلة عمرية ربما تزيد عن ثلث‬                     ‫ما تنفسناه في تعليمنا لا يكفي هواؤه‬
                                                                ‫الفاسد الممرور لتنفس قطة واحدة في‬
            ‫العمر في التعليم الذي تقدمه الدولة؟‬      ‫هذا الكون العريض‪ ،‬فقد تعلمنا كثي ًرا مما يؤذينا‬
 ‫هذه الأسئلة ‪-‬للأسف‪ -‬مطروحة للنقاش ‪-‬رغم‬                  ‫وقلي ًل مما ينفعنا‪ ،‬تعلمنا ما ينضب أرواحنا‪،‬‬
                                                       ‫وما يقصقص أجنحة خيالنا‪ ،‬وما يجهض بذور‬
    ‫سذاجتها الظاهرة‪ -‬منذ بدايات القرن الثامن‬          ‫أحلامنا في المهد‪ ،‬كان معظم تعليمنا مؤامرة على‬
   ‫عشر‪ ،‬ويشير المختصون إلى مفكرين متقدمين‬             ‫أرواحنا وأجسادنا ووجودنا نفسه‪ ،‬كان تعليمنا‬
                                                    ‫لحساب أسيادنا وسادتنا وليس لنا‪ .‬قرأت وفهمت‬
       ‫انشغلوا بمثل هذه الأمور‪ ،‬مثل الفيلسوف‬            ‫وعرفت أن البرامج التعليمية والتربوية في أي‬
   ‫الإنجليزي جون لوك والفرنسي الأشهر جان‬              ‫دولة لون من ألوان ترسيخ وعي وسطوة وعقل‬
 ‫جاك روسو‪ ،‬وستدهش عندما تعلم أن فيلسوف‬               ‫السلطة‪ ،‬فاللغة بالمعنى الفكري والفلسفي الواسع‬
 ‫إنجلترا الشهير جون لوك ‪-‬الذي جعلت كتاباته‬              ‫في مناهج التربية والتعليم ساحة من ساحات‬
‫من الاهتمام بالعواطف أم ًرا واق ًعا‪ -‬اهتم بالتربية‬       ‫الحروب والصراعات الأخلاقية والاجتماعية‬
                                                      ‫والسياسية‪ ،‬اللغة ليست بريئة أب ًدا‪ ،‬اللغة ساحة‬
     ‫الجسدية وجعلها هد ًفا رئي ًسا ضمن أهداف‬          ‫حرب سلطوية‪ ،‬وعصا غليظة من عصي السلطة‬
 ‫التربية‪ ،‬وأن جان جاك روسو الذي أحدث ثورة‬             ‫الكثيرة التي تترامى ما بين العصي المرئية واللا‬
  ‫في نظم التعليم في العالم‪ ،‬طرح أسئلة كثيرة عن‬        ‫مرئية‪ ،‬هي حرب بالمعنى الحرفي والمجازي م ًعا‪،‬‬
 ‫أغراض التربية‪ ،‬وبمرور الوقت أصبحت أسئلته‬           ‫وربما كان المعنى الحرفي أشد وأنكى‪ ،‬فكل تخطيط‬
                                                        ‫تربوي منهجي في أي دولة هو سياسة لغوية‬
   ‫تشكل المشروع القومي للتعليم في فرنسا بعد‬                 ‫وسلطة سياسية في المقام الأول والأخير‪.‬‬
                              ‫الثورة الفرنسية‪.‬‬            ‫ربما يدفعنا ذلك إلى سؤال ساذج وهو‪ :‬لماذا‬
                                                        ‫نتعلم؟ ما الهدف من التعليم؟ وما الذي يجعل‬
  ‫سنكتشف ونحن في نهايات القرن الربع الأول‬           ‫دولة ما تنفق مليارات الجنيهات شهر ًّيا لتعليم فئة‬
‫من القرن الحادي والعشرين أننا في أمس الحاجة‬

  ‫إلى إعادة طرح هذه الأسئلة من جديد للوصول‬
   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34