Page 27 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 27

‫‪25‬‬               ‫إبداع ومبدعون‬

                 ‫رؤى نقدية‬

                                                                            ‫بفساد التربية فيها واستشهد‬

                                                                            ‫على فضل الأمم الإنكليزية‬

                                                                            ‫السكسونية بتربيتهم‬

                                                                            ‫ونشأتهم وما ألفوه من‬

                                                                            ‫العادات والأخلاق‪ ،‬وغرضه‬

                                                                            ‫من بيانه هذا حث الأمة‬

                                                                            ‫الفرنساوية على العدول عن‬

                                                                            ‫تقاليدها في التربية والتعليم‪،‬‬

                                                                            ‫وإدخال الإصلاح في المدارس‬

                                                                            ‫حتى تؤدي الغرض المقصود‬

                                                                            ‫منها وهو تخريج رجال‬

                                                                            ‫قادرين على العمل الصحيح‪،‬‬

                                                                            ‫غير معتمدين إلا على أنفسهم‪،‬‬

                                                                            ‫ولا يطلبون سعادتهم إلا من‬

                                                                            ‫كدهم واجتهادهم»‪ ..‬كما جاء‬

‫أحمد فتحي زغلول‬  ‫أدموند ديمولان‬                               ‫جان جاك روسو‬  ‫في مقدمة المترجم أحمد فتحي‬
                                                                                                 ‫زغلول‪.‬‬

      ‫والتربية) وأسس نظا ًما تربو ًّيا تبنته الثورة‬               ‫ترجم أحمد فتحي زغلول هذا الكتاب بعد عام‬
 ‫الفرنسية‪ ،‬وفي مفتتح إميل والتربية نقع على هذه‬                  ‫واحد من صدوره في فرنسا‪ ،‬ولاقى استحسا ًنا‬
                                                               ‫جمي ًل في الثقافة المصرية‪ ،‬ومر دون أثر لأن من‬
     ‫العبارة المدهشة‪ :‬يخرج كل شيء صال ًحا من‬                     ‫استحسنه لم يكونوا من أصحاب صنع القرار‪،‬‬
   ‫يد الخالق ثم يعتوره الفساد والنقص بين يدي‬                   ‫عكس ما حدث مع نفس الكتاب في فرنسا‪ ،‬واقرأ‬
                                                                 ‫وصف المترجم لوقعه في بلاده‪ ،‬إذ يقول‪« :‬هذا‬
                                      ‫الإنسان‪.‬‬                   ‫كتاب لم يترك منقصة في تربية الأمة الفرنسية‬
    ‫في هذا السياق‪ ،‬تقرأ كتاب د‪.‬أيمن تعيلب الذي‬                  ‫إلا أذاعها‪ ،‬ولا خل ًقا سيئًا أو عادة سافلة إلا ندد‬
     ‫يطرح بحرارة وصدق تصوراته حول المنتج‬                      ‫بها‪ ،‬لذلك اشتد وقعه في قلوبهم وضربوا بأيديهم‬
‫النهائي للعملية التعليمية‪ ،‬فيجعلك تتساءل‪ :‬أيمكن‬                  ‫على جيوبهم‪ ،‬ولكنهم مع ذلك لم يلوموا المؤلف‬
 ‫الوثوق في البيانات الرسمية الصادرة عن جهات‬                     ‫بل عظموه ولم يعنفوه‪ ،‬بل احترموه وعرفوا أنه‬
    ‫موثوق بها‪ ،‬والتي تعطي ‪-‬باستمرار‪ -‬شهادة‬
‫الجودة والضمان‪ ،‬والاعتماد الأكاديمي؟ والبيانات‬                    ‫مخلص يحب أمته‪ ،‬ويطلب لها النفع والفخار‪،‬‬
‫العالمية التي تشير إلى دخول العديد من الجامعات‬                   ‫فما منهم إلا من أكرم مثوى الكتاب‪ ،‬ورأى فيه‬
 ‫المصرية في مراكز متقدمة من التصنيف العالمي؟‬                  ‫تذكرة لأولي الألباب‪ ،‬وأجلس صاحبه حيث يجلس‬
    ‫وبيانات الحكومة عن تطوير التعليم في مصر‪،‬‬                     ‫الحكماء وأحله حيث تحل العظماء‪ ،‬وسألوه أن‬
‫ومشروع وزير التربية التعليم (المبهم والغامض)‬                   ‫يكون قائد حركة التعليم والهدى بهم إلى الطريق‬

       ‫عن ثورة التعليم في مصر‪ ،‬وأبرز مظاهرها‬                                                       ‫المستقيم»‪.‬‬

                 ‫(التابلت)‪ ،‬وسيل بيانات السيد الوزير التي لا‬  ‫ليس من المستنكر أن يقع هذا الكتاب في ثقافته‬

                 ‫هذا الموقع‪ ،‬فتاريخ الفرنسيين في تحسين التعليم تنقطع ولا يصدق في أكثرها؟‬
‫هنا‪ ،‬أتركك لتقرأ رؤية د‪.‬أيمن تعيلب لهذا المنتج‬
                                                              ‫معروف‪ ،‬ولعل العاملين في حقل التعليم يعرفون‬
                 ‫النهائي‪ ،‬بعنوان (تعليمنا للخضوع لا للحرية)‬
                                                              ‫جهود جان جاك روسو‪ ،‬وأثره في فرنسا‪ ،‬ففي‬

‫سنة ‪ 1762‬نشر روسو كتابه الشهير ج ًّدا (إميل ص‪ :129‬هذا التلميذ الذي تربى على نظام تربوي‬
   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32