Page 93 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 93
91 إبداع ومبدعون
قصــة
أكتبها بالأمس لي ًل ،قرأتها مجد ًدا لأكملها؛ وجدت ()3
فيني ضج ًرا منها ،و َهممت بمس ِحها .عدلت عن ذلك
الأمر وحاولت تحسين سلوك البطل قلي ًل والتعديل استيقظت على صوت أمي الحبيبة وهي توقظني
من تصرفاته ولكن لم أستطع ،أردت تخليصه من ألمح في هذا العالم البائس، بتلقاطسفيموأوناجأهفتهاحأمع ًيلن َّبيعيع ًدلاى
حياته البائسة ،وضجره الكثير. الحظ يخرجني من دائرة
إلى أن قررت قتله ،بدأت في صياغة مشهد موته، السيء الذي يلازمني منذ تخ ّرجي من الجامعة.
حاولت أن أجعله بطوليًّا ،بحيث يخرج في مظاهرة ُتقبّلني على خدي الأيسر وتذ ّكرني بغمازتي الرائعة
وعيني الجميلتين وبشرتي السمراء .ف ُتزيل عني
تندد بأزمة الغلاء الطاحن التي تضرب البلاد كل هواجسي ،ورهق أعوامي الخمس والعشرين
وتطالب بتحسين الأوضاع المعيشية .ثم يعتقل
فيها ،ويموت بالتعذيب ،كما يحدث دائ ًما في الأنظمة التي انقضت دون أن أفعل شيئًا ،سوى ورقة يتيمة
الاستبدادية ،داخل السجن الذي سيوضع فيه.
ولكني عدلت عن هذا؛ فالحي الذي َيسكن فيه، معلقة على جدار غرفتي المتهالك مليئة بالأختام
والمدينة التي يطوف في شوارعها غارقة في الجهل
والرهق اليومي ،ولا أحد يستطيع التح ّدث عن أمر ومغلفة تغلي ًفا رخي ًصا.
الخبر والوقود ،فالعسس يجثمون على صدر المدينة، أتحرك بتثاقل نحو دورة المياه لإفراغ ما بمثانتي،
يحسبون أنفاس ُس ّكانها. ومن ثم أنجز تفاصيلي الصباحية .فالقهوة أعدها
فكرت في أن يكون مشهد موته عند النهر حيث بنفسي وأنا أصنع غمام ًة من دخان سجائري
يذهب للقاء حبيبته ،فيختلفان أثناء حديثهما ،تذهب
هي إلى حافة النهر ،يحاول تهدئتها فيجر ُفهما وأطالع كومة الكتب التي أمامي ،كتب إنجليزية
التيار .ولكن تذ ّكرت أن حبيبته في مكان يبعد تما ًما
عن مكانه الذي يسكن فيه ،وأن البلدة التي يسكن قديمة اشتريتها من بائع متجول بأسعار زهيدة.
بها ليس فيها نهر. سألتني أمي:
وفي غمرة اجتهادي في قتل بطل القصة ،فكرت في
أمه التي تحبه ،وفي أنني كان بالإمكان جعله أكثر -هل صليت.
صمو ًدا وقوة ،مسحت القصة وبدأت اكتب قصة
أجبتها بغمغمة غير واضحة الكلمات .وهي بالطبع
جديدة.
أنني واعتبرتها تفسيرها، في كثي ًرا لم تجتهد
صلّيت.
()4
بدأت بالعبث بهاتفي رديء السرعة ذي الشاشة
المتكسرة ،أول ما طالعني فيه هو القصة التي كنت