Page 91 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 91
89 إبداع ومبدعون
قصــة
مثل أمه تما ًما. هنا .أدخلتني إلى حجرة ،من الواضح أنها تتشاركها
تجاهلني الرجل ،وكأني كائن غير مرئي ،ففعلت مع أختها ،ودعتني إلى الجلوس .بادرتها بالسؤال:
-لماذا لا تحضرين الدروس معنا؟
مثله ..استدار ومشي بلا استئذان كما دخل. قالت بسرعة:
سارعت «جميلة» بقفل الباب وراءه ،وكأنها تقول -أمي مريضة ،نتناوب الجلوس معها لتمريضها
سنعود بالمشهد لما قبل مجيئه ،وسننسى كل ما حتى..
ثم صمتت ،ولم تكمل.
قاله .ثم وقفت صامته لا تعرف ماذا تقول ،أو لم أتوقع تلك الإجابة مطل ًقا .هممت بالرحيل ،فلم
تفعل! ولكنها وجدت نفسها في النهاية مدينة لي أجد ما أقوله ..وقفت لأستعد ،وفجأة انفتح الباب
بلا استئذان ،ودخل رجل مسن يلبس عباءة فوق
بتفسير؛ أنا صديقتها الوحيدة ،فقالت:
-عم «منسي» زوج أمي ،و»قاسم» ولده هو من جلبابه ،ونظر إلى «جميلة» نظرة عتاب وضيق قائ ًل:
-أمك بمفردها ،ولدي «قاسم» نزل من نصف
كان يقف معي بعد انتهاء الدرس في آخر يوم
تقابلنا فيه ،وسرت معه حينما أخبرني أن أمي ساعة ليشتري لها بعض الأدوية ،وما عاود حتى
سقطت أثناء سيرها ،والطبيب عندها« .قاسم» الآن ،كانت تلك ورديته ليجلس معها ،هو يعاملها
يحبني منذ رآني أول مرة ونحن فى بلدهم .وأنا
أكرهه ،وأكره أباه الذي جعل أبي يفر بي وبنا
خو ًفا منهم .وها هم وراءنا من جديد ،ولا أعرف
كيف أُقنع أمي بالابتعاد عنهم بعد كل الأذى الذي
سببوه لنا!
قبل أن نودع بعضنا هي تذهب لأمها ،وأنا أرحل
عن هذا البيت ،قالت:
-مري عليَّ عندما تستطعين ،فنحن جيران
وأصدقاء..
هززت رأسي بالموافقة ،وأني سأفعل ،ثم
خ َّفضت من صوتها ج ًّدا وأشارت إلى حيث
كان «منسي» يقف ،وقالت:
-كان رب العمل الذى عمل والدي لديه سنوات
طويلة ،فجعل حياته جحي ًما حتى ترك له البلد،
والآن هو يسيطر على حياتنا..
رددت بسرعة:
-لن أتركك ،وستدخلين الامتحان ،وستنجحين،
وربما عندها نستطيع م ًعا
التفكير في كل الأشياء
الأخرى ،وفي المستقبل.
هزت رأسها بالموافقة..
انصرفت ،وقبل أن أعبر
بوابة بيتها إلى الخارج كان
السؤال يلح عليَّ:
-هل ستفعل؟ هل
ستقدر؟!