Page 52 - حلقة دراسية - نهائية
P. 52

‫‪ ‬المبحث الثاني‪ :‬الخوارق في ألف ليلة وليلة‪.‬‬

  ‫مما لا شك فيه أن حكايات ألف ليلة وليلة أشبعت قصص الأطفال ببعض الموبقات التي غابت عنها من قبل‪،‬‬
     ‫مثل المارد الذي يخرج من القمقم‪ ،‬الحصان الطائر‪ ،‬البساط السحري‪ .‬تعتبر هذه الموبقات من أبرز ما تكرر في‬
                                                     ‫قصص الأطفال كتأثر مباشر من حكايات ألف ليلة وليلة‪.97‬‬

  ‫يمتاز التأثر بالليالي بتوظيف الوسائل الفنية غير التقليدية التي تعتمد الدهشة وتنحاز إلى المفاجأة واللذة‪ ،‬وابتعاد‬
    ‫النص عن أنماط تقليدية من أنماط الشخصيات المألوفة في بيئة الطفل‪ ،‬والانتقال لشخصيات وحبكات قادرة على‬

  ‫اخت ارق العقل اللاواعي للطفل بج أرة وخفة ولذة‪ .‬هذه الشخصيات التي تسللت إلى نصوص الأطفال كالمارد والحورية‬
    ‫والحصان الطائر خضعت لزمانية غير مألوفة‪ ،‬ناتجها كان إنارة خيال الطفل وتزويده بعالم طريف جميل‪ ،‬بل وقد‬
                                                             ‫يتمثل بديلاً حماه من وطأة النص التعليمي ورتابته‪.‬‬
     ‫يعُّد أدب البحر وأدب الرحلات من الفنون الهامة التي دخلت إلى فضاءات أدب الأطفال من نوافذ ألف ليلة‬

‫وليلة‪ ،‬وأثرته بثقافة بحرية اعتمدت على الخيال في أحيان‪ ،‬واستندت على الواقع العلمي في أحايين أخرى‪ ،‬وإن لم يكن‬
    ‫ذلك مبتغى النص َف ُج ُّل التفاصيل المتعلقة بالبحر تصب ضمن حقائق علمية امتزجت مع الخيال بجاذبية متفردة‪،‬‬
     ‫وبما لا يوصد الأبواب أمام استمتاع الطفل بأحداث فانتازية خارقة للعادة‪ .‬إن موضوع الرحلات من الموضوعات‬

‫العامة التي نشرتها ألف ليلة وليلة‪ ،‬ولقد أوحت قصص السندباد إلى كثير من كتاب الرحلات في الغرب أن يؤلفوا عن‬
                                          ‫رحلاتهم‪ ،‬وهذا التوجه برز في كتابي روبنسون كروزو ورحلات جلفر‪.98‬‬

      ‫كما نعلم فإن حكايات ألف ليلة وليلة تزخر بقصص الرحلات والمغام ارت‪ ،‬ونكاد لا نق أر قصة لا يسافر أبطالها‬
   ‫ويخوضون المغام ارت‪ ،‬وخاصة أن الكثير من ابطال القصص يعملون بالتجارة‪ ،‬وهذا الاختيار لمهنة التجارة بمثابة‬

           ‫حيلة فنية للتسهيل على الكاتب في نقل البطل من مكان لأخر ليعرض المغام ارت في إطار مهنة التجارة‪.‬‬

                                                                                                    ‫‪ 97‬ارفع‪ ،‬يحيى‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.031-030‬‬
                                                                                                   ‫‪ 98‬القلماوي‪ ،‬سهير‪ .‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪.14-13‬‬

                                                         ‫‪52‬‬
   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57