Page 234 - merit 52
P. 234

‫الفندق الصلبة بينما أمه‬           ‫يخبرنا سيميك في سيرته الذاتية‬
 ‫وأخوه ينامون على السرير‪.‬‬              ‫أنه عندما كان طفًل مر من أمامه‬
                                  ‫طابور من الأسرى الألمان تصطحبهم‬
     ‫يكتفى بسماع خطواتهم‬        ‫الجنديات الروسيات‪ ،‬وقد دعته إحداهن‬
      ‫وكأنه تجرد من روحه‬        ‫لمشاهدة إطلاق النار عليهم‪ ،‬في إشارة‬
     ‫البشرية وأصبح مجرد‬          ‫إلى الاستهانة بأرواح البشر في سبيل‬
      ‫«شيء» ليس له أهمية‬       ‫المجد الزائف‪ .‬لذا‪ ،‬فليس من الغريب أن‬
  ‫سوى لهذا الفأر‪ .‬من ناحية‬     ‫يستعيد سيميك إدراكه المبكر لمأسوية‬
   ‫أخرى ترتدى والدته فرو‬        ‫أن يكون الفرد لاج ًئا ومنبو ًذا في مطلع‬
      ‫القط‪ ،‬حيث تعكس هذه‬         ‫سيرته الذاتية‪ ،‬مستعي ًنا بكلمة واحدة‬
   ‫الصورة الأوضاع المتدنية‬
  ‫التى وصلوا إليها‪ ،‬فالجميع‬              ‫تصف الألم والمهانة‪ُ " ‬مشَّردون"‬
 ‫يعانون ولا سبيل للخلاص‪،‬‬
‫فهى ‪-‬على حد وصفه‪« -‬أيام‬          ‫كان يمكننى أن أسمعهم في‬       ‫أو الشيوعية أو القومية أو‬
                                 ‫الأعلى يذرعون المكان جيئة‬     ‫الأصولية الدينية‪ ،‬وبالتالى‬
         ‫ظلماء ومشؤومة»‪.‬‬         ‫وذها ًبا‪ .‬يأرقون‪ ،‬ويتقلبون‬  ‫يصبح العالم مكا ًنا لا يحتمل‪.‬‬
    ‫كما يصف حال من نالوا‬        ‫في أسرتهم‪« .‬إنها أيام ظلماء‬    ‫يشير إلى حال أسرته أثناء‬
   ‫نصيبًا من الأزمات بسبب‬        ‫ومشؤومة»‪ ،‬أسر إلى الفأر‬
   ‫الحرب‪ ،‬وبالأخص ساعى‬                                             ‫الحرب العالمية الثانية‪،‬‬
   ‫البريد‪ ،‬فيخبرنا في سيرته‬         ‫بينما كان يقضم أذنى‪.‬‬        ‫وما طالها من فقر وجوع‪،‬‬
‫الذاتية عن انتظارهم له عندما‬   ‫مرت سنون‪ .‬ارتدت أمى ياقة‬
  ‫كان في باريس مع أسرته‪،‬‬        ‫من فرو القط‪ ،‬ظلت ُتمسدها‬          ‫جعلهم عرضة لمقايضة‬
‫والذي لم يكن يتحمل رؤيتهم‬                                       ‫ما يملكونه مع الفلاحيين‬
‫بسبب الإزعاج الذي يسببونه‬        ‫حتى انتثر ومضها وأضاء‬         ‫والغجر في سبيل الحصول‬
 ‫له حيث لم يكن يصل البريد‬                          ‫القبو»‪.‬‬     ‫على ما يسد الجوع‪ ،‬لدرجة‬
 ‫بسرعة‪ .‬ويصفه في قصيدته‬                                          ‫أنهم كانوا يسمحون لهم‬
     ‫الثانية عشرة ‪-‬والتى لا‬         ‫حالة الفقر التى شهدها‬        ‫بالتجول في المنزل‪ ،‬وفتح‬
    ‫تحمل عنوا ًنا‪ -‬من الجزء‬      ‫سيميك صغي ًرا لا يزال لها‬     ‫الأدراج والخزانة للحصول‬
                                ‫تأثير بداخله‪ ،‬فهو يعبر عن‬      ‫على ما يريدونه‪ .‬فهو يشير‬
            ‫الأول المجموعة‪:‬‬       ‫ضآلته وقلة حيلته بكونه‬       ‫إلى هذه الحالة الميؤس منها‬
‫«‪ ..‬كان معطف ساعى البريد‬          ‫مجرد «طعم» يسهل أكله‪،‬‬       ‫في قصيدته السادسة ‪-‬التى‬
‫الذي يرتديه ممز ًقا‪ ،‬والفئران‬                                  ‫لا تحمل عنوا ًنا أي ًضا‪ -‬من‬
‫تفر من جيوبه وإليها‪ .‬وكانت‬         ‫على الرغم من أنه بحاجة‬         ‫الجزء الأول للمجموعة‪:‬‬
 ‫القبعة ذات الحافة العريضة‬         ‫إلى الطعام‪ .‬كما أنه ليس‬   ‫«كنا فقراء للغاية لدرجة أنى‬
                                  ‫لديه مكان في عالم البشر‪،‬‬   ‫حللت محل الطعم في مصيدة‬
       ‫التى يعتمرها مثقوبة‬        ‫فمكانه هو القبو؛ فهو هنا‬       ‫الفئران‪ .‬وحي ًدا في القبو‪،‬‬
               ‫بالرصاص»‪.‬‬         ‫يذكرنا بتجربته في باربس‬
                                  ‫عندما كان ينام على أرض‬
‫تأخذنا هذه النقطة إلى أخرى‬
    ‫هامة في شعر سيميك ألا‬

 ‫وهى أن الأشياء في قصائده‬
    ‫تتميز بالتقلص والتشوه‪.‬‬

  ‫فعلى سبيل المثال‪ ،‬يستخدم‬
  ‫سيميك «شكائم من حصى‬
   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239