Page 232 - merit 52
P. 232

‫العـدد ‪52‬‬                              ‫‪230‬‬

                                    ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                           ‫ولكنها أي ًضا تنبه القراء‬
                                                                       ‫إلى أن العالم الذي هم على‬
  ‫التى تعكس صورة واقعية‬             ‫ارتداء معاطفهم بأيد صنعت‬          ‫وشك الدخول إليه هو عالم‬
 ‫وعاطفية أكثر شمو ًل‪ ،‬وذلك‬                          ‫من دخان‪.‬‬          ‫مفصول ومجاور‪ ،‬ويمتلئ‬
‫في وصفه للقتلى أو النازحين‬                                              ‫بروح الدعابة‪ ،‬كما يعتبر‬
                                       ‫كانت السماوات السحيقة‬          ‫علاقة غير مؤكدة ومتغيرة‬
      ‫«وهم يحاولون ارتداء‬           ‫مفعمة بآذان منكمشة صماء‬
   ‫معاطفهم بأيد صنعت من‬                                                  ‫بين الواقع والخيال‪ .‬في‬
                                               ‫بد ًل من النجوم‪.‬‬       ‫الجزء الأول من المجموعة‪،‬‬
                  ‫الدخان»‪.‬‬          ‫يطلب سيميك هنا من القارئ‬
 ‫ومن القصيدة الأولى يتضح‬                                                   ‫يواجه سيميك المناظر‬
  ‫أن اهتمام سيميك بالوقائع‬            ‫أن يتصور والدته على أنها‬        ‫الطبيعية الحقيقية والمتخيلة‬
 ‫التاريخية المصاحبة بالصور‬           ‫«ضفيرة من دخان أسود»‪،‬‬            ‫لتجارب طفولته‪ ،‬في تجربة‬

   ‫يضفى على عمله نو ًعا من‬             ‫حيث تشير هذه الصورة‬              ‫هجره بلجراد مع عائلته‬
 ‫الثقل‪ ،‬بالرغم من أنها قصة‬               ‫إلى تشابك الحياة داخل‬        ‫إلى الولايات المتحدة‪ ،‬والتى‬
   ‫قصيرة يتم سردها بجمل‬               ‫الأسرة‪ ،‬كما أنها تستدعي‬         ‫ترتبط ارتبا ًطا وثي ًقا بواقع‬
                                       ‫إلى الأذهان أهوال الحرب‬       ‫الحرب العالمية الثانية‪ .‬بينما‬
   ‫بسيطة ومباشرة‪ ،‬ولكنها‬               ‫من خلال الدخان الأسود‬        ‫يحافظ الجزآن الثاني والثالث‬
‫تحمل في طياتها حركة غنائية‬               ‫للمدن المحترقة‪ ،‬وتزايد‬        ‫على الاهتمام والتفاعل مع‬
                                        ‫الرماد في السماء بسبب‬          ‫التاريخ‪ ،‬ولكن من منظور‬
 ‫من خلال استخدام الصور‪.‬‬                   ‫حرق الجثث‪ ،‬ولكن لم‬          ‫أبعد‪ .‬وتشتمل القصائد في‬
  ‫فالسطر الختامى للقصيدة‬              ‫ُيش ْر مباشرة إلى تفاصيل‬
                                        ‫الحرب العالمية الثانية في‬       ‫هذه الأجزاء الأخيرة على‬
       ‫نلاحظ أن «السماوات‬              ‫أي مكان داخل القصيدة؛‬          ‫فكر فلسفي أي ًضا‪ ،‬وبالتالي‬
  ‫السحيقة» تمتلئ بالصورة‬               ‫بد ًل من ذلك‪ ،‬يخبرنا عن‬         ‫تتناول السؤال أو الأسئلة‬
  ‫المفاجئة والمتحركة لـ»آذان‬        ‫هؤلاء الذين قتلوا أو شردوا‬
                                                                              ‫الأكبر عن الهوية‪.‬‬
     ‫صماء منكمشة بد ًل من‬                  ‫بسبب ويلات الحرب‬          ‫تعد القصيدة الأولى ‪-‬والتى‬
   ‫النجوم»‪ ،‬والتى لا يمكنها‬         ‫العالمية الثانية‪ .‬بالإضافة إلى‬  ‫لا تحمل عنوا ًنا‪ -‬في مجموعة‬
    ‫سماع نداءات البشر‪ .‬قد‬           ‫استخدام الصور السيريالية‬
   ‫تكون الآذان صغيرة ج ًّدا‪،‬‬                                           ‫«العالم لا ينتهي» انعكا ًسا‬
    ‫وصماء‪ ،‬وبعيدة ج ًّدا عن‬                                          ‫لهذه التجربة التى عاصرها‬
   ‫سماعنا‪ ،‬ولكن هناك نو ًعا‬                                           ‫وشهدها في طفولته‪ ،‬والتى‬
 ‫من الأمل في اختيار سيميك‬
  ‫لكلمة «آذان»‪ ،‬والذي يكمن‬                                              ‫تتميز بالإيجاز والبلاغة‪:‬‬
     ‫في التوق الشديد للعثور‬                                          ‫كانت أمى ضفيرة من دخان‬
 ‫على شيء بد ًل من لا شيء؛‬
   ‫فهناك تأكيد على أن غياب‬                                                               ‫أسود‪.‬‬
   ‫الإله ليس غيا ًبا تا ًّما‪ ،‬وأنه‬                                     ‫حملتنى مقم ًطا فوق المدن‬
   ‫ربما يكون موجو ًدا هناك‪،‬‬
‫حتى لو لم يتم الرد على هذه‬                                                            ‫المحترقة‪.‬‬
  ‫النداءات أو لم يتم سماعها‪.‬‬                                           ‫كانت السماء مكا ًنا أوسع‬
 ‫لم يكن العالم في أفضل حال‬                                             ‫وأشد عص ًفا من أن يلعب‬
    ‫عندما فتح سيميك الطفل‬
‫الصغير عينيه عليه‪ ،‬بل كانت‬                                                            ‫فيها ولد‪.‬‬
 ‫الوحشية وانعدام الإنسانية‬                                            ‫وقد التقينا بكثير من أولئك‬
‫فى أوج حالاتهما على الإطلاق‬
                                                                               ‫الذين يشبهوننا‪.‬‬
                                                                         ‫جميعهم كانوا يحاولون‬
   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237