Page 227 - merit 52
P. 227

‫الملف الثقـافي ‪2 2 5‬‬

‫فيليب لوجون‬  ‫فرونيكا ليك‬           ‫فاتنة الغرة‬                           ‫قدمناه‪ ،‬أن ن ُحيط ببعض‬
                                                                       ‫الاستراتيجيات التي نهجها‬
   ‫اللغة السوقية المعبرة عن‬            ‫السردية‪ ،‬وإن ُوج َد ذلك‬
   ‫ذاتية أمينة‪ ،‬أرى إيجا َد ما‬      ‫فدلي ًل على الصدق في البوح‬           ‫سيميك في اللغة السردية‬
 ‫يد ُّل عليها مح ُض ُصدفة في‬        ‫السردي؛ «صحت في رجل‬                 ‫لهذا النسيج الذاتي‪ ،‬ومما‬

              ‫اللغة الهدف‪.‬‬            ‫يمر بجانبي في الشارع‪:‬‬                  ‫بدا واض ًحا أن اللغة‬
                                   ‫«ابن القحبة»‪ .‬بالطبع كان‬            ‫السردية عند سيميك تعمد‬
‫ثام ًنا‪ُ :‬لغات ُمتضمنة‪،‬‬
‫واستراتيجيات فنية‬                     ‫ابن القحبة على صواب‪.‬‬               ‫إلى الجرأة أحيا ًنا‪ ،‬بحيث‬
                                          ‫ولكن ما العمل»(‪.)39‬‬            ‫تكشف عن الواقع اله ِّش‬
‫كت َب تشارلز سيميك سيرته‬                                               ‫بلغة ه َّشة‪ ،‬أقر ُب إلى نابية‪،‬‬
  ‫الذاتية في قالب عبر نوعي‪،‬‬          ‫وهكذا كثيرة هي أمثلة هذا‬        ‫وهذا انحرا ٌف ب َدهي في اللغة‬
                                       ‫القالب اللغوي المشحون‬           ‫السردية الذاتية التي تروم‬
    ‫لذلك نلفي فيها حضو ًرا‬                                              ‫استنساخ التجربة ب ُعنوان‬
 ‫لمجموعة أجنا ٍس متخللة‪ ،‬إذ‬         ‫بسردية الذات في «ذبابة في‬             ‫الصدق‪ ،‬ومما نأتي على‬
  ‫لا يكتفي فقط باستحضار‬            ‫الحساء»‪ ،‬ولأن النص المنقول‬          ‫ذكره من أمثلة‪ ،‬وسياقاتها‬
‫النموذج الرسائلي كما أشرنا‬                                              ‫النصية كثيرة‪ ،‬نذكر؛ «في‬
‫ساب ًقا‪ ،‬بل يعم ُد علاو ًة لتقنية‬      ‫دائ ًما إلى القارئ العربي‬       ‫أحد الصباحات‪ ،‬صحوت‬
                                     ‫يتعام ُل مع ُه المترجم تعام ًل‬  ‫مبك ًرا ورأيت خالتي تغسل‬
     ‫«الفيلم»‪ ،‬وهي حاضرة‬                                                ‫ثدييها في دلو ماء بارد‪.‬‬
   ‫بكثافة في طيات المسرود‪،‬‬            ‫ُمتماي ًزا‪ ،‬يض ُع في حسابه‬
 ‫و ُيمكن ُمراجعة مروي فيلم‬           ‫خصوصية النص أو ًل لأنه‬                ‫انتبهت أني أشاهدها‬
 ‫«سارق الدراجة» الذي أخذ‬             ‫سير ذاتي‪ ،‬وطبيعة المتلقي‬              ‫والتفتت‪ .‬انفجرت في‬
 ‫صفحات كثيرة من الرواية‬                                              ‫الضحك ورقصت قلي ًل كما‬
    ‫(من ص‪ 77‬إلى ص‪،)81‬‬                  ‫ثانيًا لأنه في بيئة ُمنافية‪،‬‬
    ‫يرويه الكاتب ولا يكتفي‬          ‫وأخا ُل المترجمة بصدد نقل‬                   ‫هي‪ ،‬عارية»(‪.)37‬‬
                                   ‫هذا النص تكون قد صا َدفت‬              ‫وللعل ِم فإن الترجمة التي‬
                                      ‫الكثير مما ص ُع َب نقل ُه‪ ،‬أو‬    ‫قدمتها إيمان مرسال لا بد‬
                                    ‫الكثير مما استعصى إيجا ُد‬         ‫وتتحف ُظ من بعض المقابلات‬
                                   ‫ُمقابل ل ُه‪ ،‬خا َّصة في مثل هذه‬     ‫اللغوية‪ ،‬وقد يكو ُن من باب‬
                                                                       ‫الاحتمال أن النص الأصلي‬
                                                                     ‫أقوى في هذه الجرأة اللغوية‪،‬‬
                                                                        ‫و َيصو ُغ التمثيل السردي‬
                                                                     ‫باختراقات لغوية أكث ُر برو ًزا؛‬
                                                                     ‫«أختا والدي كانتا قحبتين‬

                                                                            ‫قذرتين‪ .‬والد والدي‬
                                                                         ‫عجو ٌز بغيض‪ ،‬وجدتي‬
                                                                          ‫فلاحة أمية ومسكونة‬
                                                                       ‫بالخرافات»(‪ ،)38‬ويمك ُن أن‬
                                                                      ‫نعتب َر أسا َس الكشف الذاتي‬
                                                                       ‫الصادق في التشخيص‪ ،‬هو‬
                                                                         ‫الذي قد تكون فيه بعض‬
                                                                      ‫الانحرافات اللغوية والجرأة‬
   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231   232