Page 225 - merit 52
P. 225

‫الملف الثقـافي ‪2 2 3‬‬

‫جلوريا جراهام‬  ‫تشارلز سيميك‬     ‫تشارلز ديكنز‬                    ‫أعيش فيه مرتين في الأسبوع‬
                                                                     ‫في ربيع عام ‪ .1944‬لقد‬
  ‫نفسه‪« .‬لقد جعلني حظي‬           ‫إلى أمريكا‪ ،‬حي ُث الوالد هناك‬
   ‫التعس جذا ًبا فجأة»(‪.)32‬‬      ‫انتظرهم واستقبلهم‪ ،‬ويمكن‬         ‫شع َر بالخزي وكان ممتلئًا‬
                                                                  ‫بالاعتذارات‪ ،‬ولقد واسيت ُه‪،‬‬
      ‫كان سيميك حينها قد‬            ‫عمو ًما وص ُف هذه الجزء‬
 ‫استشع َر التحول من أوروبا‬          ‫من حياة الشاعر تشارلز‬            ‫فقد كان طف ًل فقي ًرا من‬
                                     ‫بالاستقرار رفقة أبويه‪،‬‬          ‫سياتل وفع َل ما قي َل ل ُه‪،‬‬
   ‫مسرح الحرب إلى أمريكا‬                                             ‫وكان من الغبا ِء مني أن‬
‫أرض الحلم؛ «لم تكن أمريكا‬            ‫إلا أن بعض الشجارات‬        ‫ألومه عندما أصب َح العالم كله‬
                                ‫والخصومات بين الأب والأم‪،‬‬       ‫مجنو ًنا‪ ،‬في الوقت الذي كانت‬
 ‫مثل أوروبا؛ كانت عظيمة‬                                           ‫فيه عائلتي ُمعرضة للخطر‬
   ‫في بشاعتها مملة للغاية‬           ‫ستدفع به إلى الاستقرار‬        ‫من بعض الجيران المختلين‬
    ‫في نفس الوقت‪ .‬أحببت‬          ‫رفقة أحد الأصدقاء في شقة‬         ‫عقليًا في بلغراد مثلما كانت‬
                                                                ‫من ِق َبل القنابل الأمريكية(‪.)31‬‬
‫أمريكا على الفور»(‪ .)33‬وكان‬         ‫سفلية قذرة‪ ،‬ظروفها لم‬          ‫لما قرأ ُت هذا الحوار الذي‬
   ‫هذا الاستشعار مصحو ًبا‬        ‫تكن ُمواتية‪ ،‬ومع ما َعصف‬
                                 ‫بسيميك في هذه المرحلة من‬              ‫أجرته فاتنة الغرة مع‬
‫بنوع من الاستقرار والصفاء‬       ‫ُمراهقة‪ ،‬نتعرف عليه شخ ًصا‬           ‫تشارلز سيميك أعجب ُت‬
  ‫الذهني الذي على ُخطاه بدأ‬                                       ‫بهذا المقطع‪ ،‬ولكي نزي َد عن‬
   ‫ير ُسم ملامح ذات ِه شاع ًرا‬      ‫يبحث عن الحب‪ ،‬وينتق ُل‬          ‫الثقافة الرفيعة لسيميك‪،‬‬
 ‫كبي ًرا ولم يتوقف عن كتابة‬      ‫من وظيفة إلى أخرى لتأمين‬             ‫جانب ُه الإنساني الرفيع‬
    ‫قصائده‪ ،‬وبدأ في تطوير‬         ‫حاجياته‪ ،‬وظيفة في مكتبة‪،‬‬           ‫والمتسامح‪ ،‬وبخاصة في‬
   ‫َموهبته حتى في السنوات‬                                           ‫أواسط الأدب والفن‪ ،‬فقد‬
 ‫التي قضاها ُمجن ًدا‪ ،‬وضمن‬          ‫إلى وظيفة بائع قمصان‪.‬‬         ‫تعرف الرجل كما يور ُد في‬
                                   ‫ثم بعد هذا كله يج ُد نفسه‬     ‫سيرته على قائمة طويلة من‬
‫سيرته نجد ُه يفص ُح عن حبه‬          ‫مدع ًوا للخدمة العسكرية‬      ‫الشعراء والمفكرين‪ ،‬كما شاء‬
  ‫لأمريكا لأنها منحته الحظ‪،‬‬                                     ‫القد ُر أن لاقى أي ًضا عد ًدا من‬
   ‫الحظ الذي سلبته بلجراد‬             ‫الأمريكية‪ ،‬وضمن هذه‬          ‫الدبلوماسيين‪ ،‬إن سيميك‬
    ‫منه؛ «شعرت بأنني في‬         ‫التفاصيل كان يح ُّس سيميك‬            ‫ُيق ِّد ُم ببراعة لا نظي َر لها‬
                                  ‫أن حلم الشاعر يتلاشى في‬          ‫دفا ًعا عن فن الشعر وعن‬
                                                                  ‫كتابات ِه وانشغالات ِه المعرفية‬
                                                                 ‫والوجودية وشغفه بالفنون‪،‬‬
                                                                       ‫ودفا ًعا لا مثيل ل ُه عن‬
                                                                 ‫الإنسانية وال ِّسلم والجمال‪.‬‬

                                                                ‫خام ًسا‪ :‬أمريكا الحظ‬
                                                                ‫ومتاه ُة ال ُحلم والنشاز‬

                                                                     ‫بعد الشتات في باريس‪،‬‬
                                                                 ‫استطاعت الأم رفقة سيميك‬
                                                                ‫والأخ الأصغر أن تقطع سالم ًة‬
   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230