Page 226 - merit 52
P. 226
العـدد 52 224
أبريل ٢٠٢3 وطني»(.)34
وهكذا عاش سيميك في
المقدد للخنزير حضور ُمتعالي النفس يفرض ذاته، أمريكا بين الحظ و َمتاهة
قوي في النص ،لأن سير َة وقد أحب ُه سيميك رغم ما
سيميك في حقيقة الأمر هي له وما عليه لأنه كان يعامل ُه حلمه شاع ًرا ،وبع َض
في رتبة صديق؛ «سهرنا النشاز الذي كان يتسلل
سير ٌة وقعت في الحدود إليه ،ولكن يمكن اعتبا ُر
الفاصلة بين زمنين :زمن طوي ًل ،حتى أن أبي أمريكا سيرة الاكتمال عند
الجوع والحرمان وزمن أعطاني بعض رشفات من سيميك ،فقد كان يحس أنه
الشبع والتعويض ،لهذا نج ُد الويسكي»( ،)35ولعلها أمو ٌر يعوض خسارة الماضي
الخنزير يحض ُر في الصورة و ُيرمم الضياع ،خاصة في
الأولى من سيرته؛ صورة من صميم التنشئة تصن ُع بعض َلحظات ال ُأنس الراقية
الحرب باعتباره المأمول الذي شاعرا ًكال َّراحل تشارلز والجميلة التي كان يتقاسمها
ترغ ُب فيه العائلة و ُتقاي ُض سيميك ،فالأم عصامية مع الأب الذي وضعه في
لأجل الحصول عليه ،أما مكانة صديق له ،يرتشف
والأب أكثر انفتا ًحا ،وسيميك معه النبيذ أو يأكل معه في
في الصورة الثانية من بينهما علام ٌة فارقة في مطعم ،أو يشتريان في متجر،
سيرته وهي صورة ال ِّسلم الإبداع الشعري. وبالرغم من سوء الأحوال
فيحض ُر الخنزير باعتباره يمكن الجزم بأن علاقة المادية ،وأن الأب كان يعيش
واق ًعا ومأكو ًلُ ،ينسي مرار َة دون معرفة قدر نفسه ،إلا أن
الماضي و ُيعوض خسارة تعاون وحب عائلي نشأت في الكاتب يق ُّر بسرقته لأفضل
وسط سيميك ،فرغم بعض اللحظات ،وأن أمريكا أهدته
الزمن الفائت. الأحداث التي ُيصورها في الاتزان الذي كان مفقو ًدا في
ذبابة في الحساء هي تمثيل أوروبا الشرقية وقتذاك.
زمني لكارثة العالم ولآماله، سيرته كالخصومات بين
الأبوين ،أو جنون الخالة، ساد ًسا :العائلة ،الحب
وتمثيل ذاتي للراحل عنا أو خوا ُء الأعمام ،أو قصص والخنزير المسكين
الآن الشاعر تشارلز سميك الأصول لدى الأجداد ،إلا أن وأشيا َء أُخر
تماس ًكا عائليًّا حتى في فترات
«تمتلىء سيرة سيميك يتمتع سيميك الشاعر كما
بحكايات بديعة عن تاريخ سيميك العصيبة كفترة قدمت ُه مجموعة من الحوارات
الاغتراب في فرنسا كان
أسرته ،عمن عرفهم من ظاه ًرا ،فقد ساعدهم الخال بشخصية ُمتزنة ،إنسانية
شعراء واعدين اختفوا في في فرنسا ،واستقبلهم الأب ُمتواضعةُ ،موجزة وبليغة،
الحياة ،عن الصداقة والطعام في أمريكا ،وكذا في مراحل
من طفولته كان بين أهله من وفي جانب من صفحات
والموسيقى والفلسفة، سيرته نج ُد أن أ ًّما من طبقة
حتى عن وجو ٍه لِعابرين ما أمه وأهله من أبيه.
يتحدث سيميك في سيرته ُمتوسطة محترمة ومولعة
زال يتذكرها بعد كل هذه الذاتية عن بعض لحظات بالفن الموسيقي تقف خلف
السنوات .وفي نثر ِه كما في هذا المبدع ،وأب ُمنفتح من
شعر ِه ،تدف ُعنا قراءة سيميك حبه العاطفي ،ولا سيما أصول أقل تماس ًكا مما هي
للتذكر والتخ ُّيل والاستمتاع حبه لتلك التي لم يعرف
عنها شيئًا حتى اختفت، عليه الأم ،لكنه أب عزي ٌز
والضحك»(.)36 كما يتحدث أي ًضا عن حبه
للخنزير المسكين ،وقد أخذت
ساب ًعا :انحرا ُف اللغة، قصة الخنزير صبغة التكرار
صد ُق التشخيص في صوغه السير ذاتي ،فقد
كان للأكل والطعام ،واللحم
من المفيد علاوة على ما