Page 221 - merit 52
P. 221

‫الملف الثقـافي ‪2 1 9‬‬

‫بول ريكور‬  ‫إيمان مرسال‬          ‫إميل زولا‬                           ‫والاستبداد؛ «نقايض ما‬
                                                                   ‫نحتاجه بأي شيء حيث‬
 ‫فكثي ًرا ما ترد كلمة ما عد ُت‬  ‫للضرورات البيولوجية‪ ،‬وفي‬         ‫لم يكن عندنا نقود‪ .‬نعطي‬
  ‫أتذكر‪ ،‬أو ما شابه‪ ،‬أو يبرر‬       ‫قائمتها الأكل‪ ،‬الأكل الذي‬
   ‫بالنسيان‪ ،‬حتى وإن حدث‬                ‫يس ُّد الحاجة للأكل‪.‬‬          ‫حذاء الرقص الجلدي‬
                                      ‫يجري السفر بالذاكرة‬            ‫الأسود الذي تركه أبي‬
   ‫ذلك كما ُيفصح في المقطع‬          ‫أي ًضا عبر اعتماد شعرية‬     ‫مقابل دجاجة‪ )..( .‬قايضنا‬
  ‫أعلاه‪ ،‬فلا يتذكر بما يفكر‪،‬‬       ‫التفاصيل واقتياد الذاكرة‬
  ‫أو بما يشعر‪ ،‬ولربما يكون‬                                            ‫سجا ًدا وأرائك وآنية‬
                                 ‫إلى كل التفاصيل(*) والرغبة‬        ‫خزفية راقية بحيوانات‬
     ‫ذلك مؤش ًرا على الصدق‬            ‫في اكتشاف أبعد نقطة‬        ‫مختلفة عبر السنوات»(‪.)12‬‬
 ‫التام لكل ما يلاح ُقه سيميك‬
  ‫بال َّسرد‪ ،‬لأن لحظة الماضي‬        ‫في التذ ُّكر‪ ،‬ذلك أن «رغبة‬  ‫ثان ًيا‪ :‬م َرايا الذكريات‪،‬‬
                                ‫الاكتشاف تحول الماضي إلى‬           ‫تفكي ُك الانكسار‬
     ‫وإن جاء الإتيان بها إلى‬
‫الحاضر صد ًقا‪ ،‬فهذا لا يعني‬        ‫حاضر إبداعي جديد»(‪.)15‬‬         ‫أعود في هذا المحور للتأكيد‬
 ‫تخييلها كما هي في الماضي‪،‬‬            ‫«أتذكر استلقائي على‬        ‫على أن الخطة السردية التي‬
 ‫بل إقرارها كصورة ومعطى‬                                           ‫اعتمدها سيميك في المحكي‬
‫في الحاضر‪ ،‬وهذا أصع ُب مما‬          ‫الأرض وعيني في عين‬           ‫الذاتي‪ ،‬هي مرآوية الذاكرة‪،‬‬
‫يكون‪ ،‬لذلك نج ُد بول ريكور‬         ‫إحدى الدمى من الجنود‬
                                   ‫أو مراقبتي للذباب وهو‬             ‫أو رواية كل ما تعكسه‬
  ‫في حديثه عن الذاكرة يص ُّر‬       ‫يتسكع على ال َّسقف‪ .‬عدا‬      ‫الذاكرة من صور في الماضي‪،‬‬
    ‫على فكرة «إن أنا تذكرت‬         ‫هذه المشاهد المتفرقة‪ ،‬لا‬      ‫بعضها يبدو واض ًحا ملتئ ًما‬
    ‫حد ًثا من حياتي الماضية‬     ‫أتذكر بم كنت أفكر أو بماذا‬       ‫في النسيج الحكائي‪« ،‬تعود‬
                                                                ‫أولى ذكرياتي إلى سنة‪1942‬‬
 ‫فإني لا أتخيله‪ ،‬إني أتذكره‪،‬‬               ‫كنت أشعر»(‪.)16‬‬       ‫أو ‪ ،)13(»1943‬والبعض الآخر‬
  ‫أي إني لا أطرحه كمعطى‪-‬‬        ‫الحال أن سيميك لا يصل إلى‬
 ‫غائب‪ ،‬لكن كمعطى‪ -‬حاضر‬                                             ‫من نسيج الذكريات يبدو‬
                                  ‫أبعد نقطة في التذكر دائ ًما‪،‬‬     ‫شذر ًّيا ُمتشظيًا‪« ،‬ذاكرتي‬
                                                                   ‫ضعيفة وكل شيء يبدو‬
                                                                 ‫وكأنه تحت إضاءة خافتة‬

                                                                         ‫وظلال كثيفة»(‪.)14‬‬
                                                                  ‫والأهم أن خطاب الانكسار‬

                                                                    ‫ُيهيمن على نسق الذاكرة‪،‬‬
                                                                        ‫الانكسا ُر الاجتماعي‬

                                                                  ‫والسيكولوجي الذي عاشه‬
                                                                ‫سيميك‪ ،‬خاصة بعد الترحيل‪،‬‬

                                                                    ‫وتأزم الأوضاع وازدياد‬
                                                                 ‫الحاجة إلى الخنزير المسكين‬
                                                                 ‫الذي يحضر في النص بقوة‬

                                                                      ‫كناي ًة على الوجبة التي‬
                                                                  ‫يتصار ُع و ُيصارع الجميع‬

                                                                      ‫من أجلها‪ ،‬إيحا ًء كذلك‬
   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226