Page 224 - merit 52
P. 224

‫العـدد ‪52‬‬                              ‫‪222‬‬

                                 ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                         ‫في داخله والتي لم تنطفئ‬
                                                                   ‫لحي ٍن ما رغم كل الظروف؛‬
     ‫كانت أكثر جما ًل‪)..(.‬‬        ‫وكشف‪ ،‬إذ حرص كثي ًرا في‬           ‫العمل‪ ،‬الخدمة العسكرية‪..‬‬
  ‫أحببت الملاحم والقصائد‬            ‫محكيه على إطلاع القارئ‬        ‫«اكتشفت جز ًءا من نفسي‪،‬‬
                                                                   ‫مخيلة ورغبة في التعبير‬
       ‫القصصية والأغاني‬           ‫على فشله الأول ومحاولاته‬          ‫عن أشياء محددة لا أريد‬
             ‫الشعبية»(‪.)28‬‬          ‫الأولى في الكتابة الشعرية‬
                                     ‫التي فشلت تكرا ًرا؛ «لقد‬                  ‫نسيانها»(‪.)24‬‬
‫حتى في المرحلة التي قضاها‬                                           ‫في سيرته الذاتية تمثيلات‬
‫في الخدمة العسكرية مبعو ًثا‬      ‫أخجلتني القصائد‪ .‬كنت ما‬            ‫حول ذاته الوجدانية التي‬
                                 ‫زلت أريد أن أكتب الشعر‪،‬‬
    ‫من أمريكا إلى فرنسا لم‬                                              ‫يروقها الفن والشعر‪،‬‬
     ‫يتخلف عن فعل الكتابة‬           ‫لكن ليس هذا النوع من‬           ‫وذاته الفكرية التي تأسرها‬
  ‫والتفكير في القصيدة‪ ،‬وقد‬                      ‫الشعر»(‪.)26‬‬        ‫الفلسفة‪ ،‬ولأن الرجل جمع‬
 ‫كان الكتاب ملاز ًما له‪ ،‬علما‬
 ‫أن ظروف التجنيد ما كانت‬            ‫الجميل في المحكي الذاتي‬           ‫بين الاثنين‪ُ ،‬منفت ًحا على‬
   ‫تسمح بأريحية الكتابة أو‬              ‫لسيميك هو الإصرار‬             ‫الأفلام‪ ،‬وعار ًفا بالعزف‬
    ‫وهج القراءة؛ «اندهشت‬                                            ‫والموسيقى في بدايات أولى‬
 ‫العجوز سيئة المزاج التي‬         ‫والمواجهة والرغبة‪ ،‬ولا غرو‬      ‫مع الأم التي علمته ذلك‪ ،‬لأنه‬
 ‫تملك المكتبة من أن يختار‬          ‫أن واح ًدا من قيمة الشاعر‬       ‫كان من صميم انشغالاتها‬
                                       ‫ال َّراحل قد يكون واج َه‬  ‫ووظيفتها‪ ،‬فإن ذلك كله رسم‬
      ‫جندي أمريكي كتا ًبا‬          ‫أصعب وأم َّر مما أورده في‬       ‫شخصية سيميك المهووسة‬
                 ‫كهذا»(‪.)29‬‬         ‫سيرته‪ ،‬فقد كان ُطموحه‬              ‫بالفن؛ «كنت مهوو ًسا‬
                                                                       ‫بفرونيكا ليك‪ ،‬لورين‬
 ‫في حوار أجرته فاتنة الغرة‬       ‫على ال َّدوام وع ًرا‪ ،‬ووصل في‬    ‫باكول‪ ،‬إيدا لوبينو‪ ،‬وحتى‬
 ‫مع تشارلز سيميك منشو ٌر‬           ‫ح ِّسه الفني وذوقه الثقافي‬     ‫جلوريا جراهام‪ ،‬لكنني لم‬
‫في المنبر الثقافي العربي ضفة‬      ‫درجة التماهي مع المفكرين‬           ‫أضع عيني من قبل على‬
  ‫ثالثة(‪ )30‬سألته كالتالي‪ :‬في‬     ‫والأدباء والمخرجين وأبطال‬         ‫جين تيرني إلى أن رأيت‬
  ‫سيرتك «ذبابة فى الحساء»‬          ‫الأفلام وغيرهم؛ «تخيلت‬
  ‫كانت هناك تلك المقابلة مع‬                                                 ‫فيلم «لورا» (‪.)25‬‬
                                  ‫نفسي ريتشارد بيسهارت‬           ‫ليس ذاك فقط بل لأن الرجل‬
   ‫الشاعر الذى اكتشفت أنه‬             ‫عندما كنت شا ًبا»(‪.)27‬‬
   ‫واحد من الطيارين الذين‬                                          ‫كان شغو ًفا بالكتاب‪ ،‬محبًّا‬
  ‫يلقون فوقكم القنابل التى‬         ‫إن شغف سيميك بالقراءة‬             ‫للقاءات الثقافية ولندوات‬
  ‫كان من الممكن لإحداها أن‬       ‫كما يتحدث في سيرته الذاتية‬        ‫الشعر‪ُ ،‬مندم ًجا مع الوسط‬
 ‫ُتنهي َمسيرتك قبل أن تبدأ‪،‬‬      ‫شغ ٌف من نوع خاص‪ ،‬يلته ُم‬         ‫الثقافي للقرن الماضي كلي ًة‪،‬‬
  ‫وكيف أنك تسامحت مع ُه‪،‬‬          ‫المختلف من الألوان الفكرية‬
‫هل التسامح ابن الفن‪ ،‬أم أن‬                                             ‫فهذا كان الطريق نحو‬
   ‫الأمر شخصي ويعود إلى‬            ‫والأجناس المختلفة‪ ،‬ولذلك‬         ‫تشارلز سيميك الأمريكي‬
                                      ‫لم َح ال َّدارسون لقصائده‬
          ‫طبيعتك الخاصة؟‬              ‫الشعرية ودواوينه ذا َك‬          ‫الصربي الذي سيصبح‬
    ‫وقد كان جوابه كما يلي‪:‬‬          ‫التفاعل الدياليكتيكي بين‬        ‫في وقت غير ذاك من كبار‬
     ‫حسنًا‪ ،‬لقد كانت لحظ ًة‬                                          ‫شعراء التاريخ المعاصر‪،‬‬
     ‫ُمدهشة‪ ،‬أن تكتشف أن‬         ‫الفكر والفن والذات والمحيط؛‬
    ‫شاع ًرا أكبر سنًّا ورج ًل‬        ‫«لجأت إلى مكتبة أبي‪.‬‬             ‫وللعلم فقد كان سيميك‬
   ‫لطي ًفا ج ًّدا والذي أعجبت‬                                      ‫صاد ًقا صدو ًقا فيما يحوم‬
   ‫به كثي ًرا‪ ،‬قد اعتا َد إسقاط‬   ‫قرأت زولا وديكنز وحتى‬
‫القنابل على المكان الذي كن ُت‬        ‫ديستوفسكي من أرفف‬                  ‫حول سيرته من بوح‬

                                  ‫غرفة النوم‪ .‬أصبحت بعد‬
                                 ‫ذلك مدمنا للقراءة‪ .‬أحببت‬

                                     ‫«أوليفر تويست» ج ًّدا‪،‬‬
                                     ‫ورواية «آمال عظيمة»‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229