Page 231 - merit 52
P. 231

‫الملف الثقـافي ‪2 2 9‬‬‫الأشياء في عالم تشارلز سيميك‬          ‫المهشم‪ ،‬لهم تأثير كبير على‬         ‫خلاف على أن‬
                       ‫الذى لا ينتهي‬                     ‫شعريته‪ ،‬مما جعل قصائده‬           ‫التجربة الشعرية‬
      ‫سارة أبو ر َيا‬                                     ‫تتميز بنكهة خاصة وفريدة‬         ‫لا تأتي من محض‬
                                                      ‫لا‬‫من نوعها‪ .‬بينما في مجموعته‬
                                                          ‫الشعرية «العالم لا ينتهى»‬           ‫الصدفة‪ ،‬بل هى وليدة‬
                                                          ‫اعتمد على الأشياء‪ ،‬وتأملها‬     ‫تجارب حياتية ونفسية يمر‬
                                                                                         ‫بها الشاعر ليعبر عن وجهة‬
                                                             ‫ليرصد من خلالها حالة‬
                                                        ‫فلسفية عميقة وميتافيزيقية‪.‬‬         ‫نظره في العالم المحيط به‪.‬‬
                                                        ‫وإذا ربطنا سيرته الذاتية مع‬      ‫ومن ثم يمكن اعتبار الشعر‬

                                                           ‫مجموعته الشعرية سوف‬              ‫عملية معقدة من تجارب‬
                                                           ‫نتوصل إلى صورة عميقة‬           ‫ووجهات نظر يتم ترجمتها‬
                                                         ‫عن فلسفته الخاصة‪ ،‬والتى‬           ‫عن طريق الصور والمجاز‬

                                                                    ‫ميزته عن غيره‪.‬‬          ‫والرمز والاستعارة‪ .‬كما‬
                                                        ‫من الملاحظ أن هذه المجموعة‬        ‫يختلف الأسلوب من شاعر‬
                                                                                           ‫إلى آخر‪ ،‬وف ًقا لما يشعر به‬
                                                          ‫تحتوى على الأشياء المادية‬
                                                                ‫البسيطة مثل الشوك‬            ‫أو ما يجول فى خاطره‪،‬‬
                                                                                            ‫بالإضافة إلى التعبير عن‬
                                                           ‫والملاعق والفتات والكلاب‬       ‫فلسفته الخاصة في الحياة‪.‬‬
                                                           ‫ولعب الأطفال والحجارة‪.‬‬
                                                           ‫ويرجع ذلك إلى أن افتتان‬            ‫من الملاحظ أن الشاعر‬
                                                        ‫سيميك بعالم الأشياء جزء لا‬              ‫الأمريكي ‪-‬من أصل‬
                                                          ‫يتجزأ من شعريته ولجوئه‬
                                                          ‫إلى الميتافيزيقيا‪ .‬كما تعتبر‬      ‫صربي‪ -‬تشارلز سيميك‬
                                                             ‫الأشياء مهمة في أعماله‪،‬‬         ‫عندما قرر كتابة سيرته‬
                                                          ‫حيث غالبًا ما تعمل كحافز‬          ‫الذاتية استخدم «الذبابة»‬
                                                         ‫له‪ ،‬بالإضافة إلى أنها مواقع‬      ‫في رصد وتوثيق ما مر به‬
                                                         ‫متكررة للبحث الأنطولوجي‬          ‫من أحداث في كتابه «ذبابة‬
                                                           ‫والميتافيزيقي في قصائده‪.‬‬        ‫في الحساء»‪ .‬وبالرغم من‬
                                                        ‫وتعتبر استكشافاته للأشياء‬        ‫أن العنوان ربما يبدو غريبًا‬
                                                         ‫سمات مميزة لشعريته التي‬             ‫للوهلة الأولى‪ ،‬إلا أن مع‬
                                                         ‫تعمل ضمن تقاليد جماليات‬              ‫إمعان النظر سنجد أنه‬
                                                        ‫الوجود الجوهرية‪ ،‬كما تدفعه‬         ‫استخدم الذبابة ليستطيع‬
                                                         ‫ليبحر في البحث عن ما وراء‬       ‫من خلالها التحليق بسلاسة‬
                                                                                              ‫وبطريقة عشوائية‪ ،‬من‬
                                                                           ‫الصمت‪.‬‬         ‫الماضى كطفل صربى شهد‬
                                                            ‫يبدأ مجموعته «العالم لا‬     ‫ويلات الحرب العالمية الثانية‬
                                                         ‫ينتهي» بالاقتباس من فاتس‬       ‫ثم كلاجئ في باريس‪ ،‬ولاح ًقا‬
                                                         ‫والر‪« ،‬فلنرقص الرومبا مثل‬          ‫كمواطن أمريكي خدم في‬
                                                        ‫فالس»‪ .‬قد تشير هذه الجملة‬           ‫الجيش‪ ،‬وأخي ًرا كشاعر‪.‬‬
                                                            ‫الافتتاحية إلى أن سيميك‬        ‫ومن ثم يتضح أن ويلات‬
                                                             ‫متأثر بموسيقى الجاز‪،‬‬           ‫الحرب‪ ،‬والجوع‪ ،‬والفقر‬
                                                                                          ‫المدقع‪ ،‬والقصف‪ ،‬والزجاج‬
   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236