Page 266 - merit 52
P. 266

‫الواجبة ُيذكر بطبيعة الحال‬                            ‫العـدد ‪52‬‬                           ‫‪264‬‬
‫إيمانويل كانط ‪،Immanuel Kant‬‬
                                                                           ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬       ‫الإنسانية ويعثون في الأرض‬
      ‫وبرغم أن مصطلح الأخلاق‬                                                            ‫فسا ًدا لتحقيق أجندتهم الشريرة!‬
      ‫الواجبة ظهر بعده بكثير إلا‬    ‫والوحشية التي يمكن أن يرتكبها‬                        ‫الأمر على عكس ذلك بكثير‪ ،‬ففي‬
    ‫أن فلسفته عن الأخلاق تعتبر‬       ‫أي إنسان يبدو في ظاهره أنه في‬
 ‫الحجر الأساسي لمذهب الأخلاق‬        ‫تمام العقل والوعي‪ ،‬نظرة خاطفة‬                         ‫معظم الأحيان لا يدرك مرتكبو‬
   ‫الواجب‪ ،‬يطرح كانط أن الإطار‬       ‫على صفحة الحوادث في الجرائد‬                            ‫الشر أنه شر أصيل‪ ،‬وهو ما‬
‫الأخلاقي الذي يتحكم في قراراتنا‬    ‫والصحف وحدها ومقدار الجرائم‬                               ‫قصدته حنة أرندت في تعبير‬
    ‫وأفعالنا ينقسم إلى نوعين من‬       ‫غير المعتادة يعطي فرضية حنة‬
 ‫الأوامر‪ :‬أوامر أخلاقية افتراضية‬                                                          ‫«تفاهة الشر»‪ ،‬بمعنى أن جذور‬
    ‫‪hypothetical imperatives‬‬                     ‫أرندت ثق ًل جدي ًدا‪.‬‬                     ‫الشر التافهة الضئيلة في نفوس‬
                                                                                        ‫البشر هي في حقيقة الأمر الجانب‬
          ‫وأوامر أخلاقية مطلقة‬         ‫دمتم متفكرين في‬                                    ‫الخفي في كل شخص فينا مهما‬
    ‫‪.categorical imperatives‬‬         ‫منظومتكم الأخلاقية‬                                ‫حاولنا ادعاء الفضيلة والطيبة‪ ،‬تلك‬
‫الأوامر الأخلاقية الافتراضية هي‬                                                           ‫الجذور هي التي تجعلنا قادرين‬
    ‫القوانين الأخلاقية التي نسير‬    ‫عند التفكر بشكل عام في منظومة‬                         ‫على فعل الشر بمختلف أوجهه‪،‬‬
   ‫عليها لأنها تخدم نتيجة معينة‪،‬‬   ‫الأخلاق الحالية‪ ،‬يتبادر لنا السؤال‬                      ‫بد ًءا من «التليقح» السلبي على‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬عندما يقرر الفرد‬   ‫الأهم‪ :‬هل ضآلة الدوافع المتسببة‬                      ‫الآخرين‪ ،‬مرو ًرا بتعطيل مصالح‬
    ‫رعاية والديه لكي يحقق نفس‬                                                             ‫الجمهور‪ ،‬انتها ًء بارتكاب جرائم‬
    ‫النتيجة وهي أن يراعيه أبناؤه‬       ‫في الشر أو عدم إدراكنا لحجم‬
    ‫عندما يكبر كذلك‪ ،‬هنا الطبيعة‬   ‫نتائجه ينفي وجود الشر بمفهومه‬                                              ‫وحشية‪.‬‬
   ‫الأخلاقية للأمر اعتمدت بشكل‬      ‫الجذري؟ وهل حالة عدم الإدراك‬                           ‫حقيقة الأمر يوجد تقارب بين‬
                                                                                           ‫أيخمان و»موظفة الخزينة» أو‬
             ‫محاكمة أدلوف أيخمان‬        ‫تعفينا من مسؤولية النتائج؟‬                       ‫أي موظف حكومي يتبع الأوامر‬
                                      ‫حسنًا للوصول لإجابة عن هذه‬                          ‫بشكل روتيني صارم‪ ،‬في سبيل‬
                                     ‫التساؤلات لا بد من العود قلي ًل‬                   ‫تحقيق صعوده في دولاب المهنة لا‬
                                                                                        ‫مانع لديه من عمل كل فعل شرير‬
                                         ‫لمصطلح «الأخلاق الواجبة»‬                       ‫دون أن يشعر بعد ذلك بأي ندم‪،‬‬
                                    ‫و»العواقبيه»‪ ،‬وعند ذكر الأخلاق‬                      ‫وفي نفس الوقت لا يوجد لديه أية‬
                                                                                        ‫نية بعينها أو دافع شرير واضح‪،‬‬
                                                                                           ‫حتى الآن هذه الإزدواجية هي‬
                                                                                         ‫لغز لنا‪ ،‬نحن قادرون على القيام‬
                                                                                       ‫بأشياء فظيعة‪ ،‬لكننا قادرون أي ًضا‬
                                                                                        ‫على أن نسأل أنفسنا بشكل تأملي‪:‬‬

                                                                                                         ‫كيف يتم هذا؟‬
                                                                                       ‫إن الوعي الذي يميز العقل البشري‬
                                                                                       ‫ليس محي ًرا بدرجة أكثر من مشكلة‬

                                                                                        ‫الشر هذه‪ ،‬التي ناقشها الفلاسفة‬
                                                                                         ‫منذ أفلاطون‪ ،‬وعلى الرغم من أن‬

                                                                                           ‫علم النفس الحديث يعد أسا ًسا‬
                                                                                           ‫تفسير ًّيا قو ًّيا للسلوك البشري‬
                                                                                         ‫الآن‪ ،‬إلا أنه في كثير من الأحيان‬
                                                                                        ‫لا نستطيع تفسير الرعب والعنف‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271