Page 272 - merit 52
P. 272

‫العـدد ‪52‬‬                         ‫‪270‬‬

                                                                              ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬  ‫رحمه جابر‬

                                  ‫لا شيء في‬
                                      ‫المدينة‬

 ‫وهم‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬لا مجال لتأمل‬   ‫انتهت بها المطاف كلها في النهاية‬     ‫فرجينيا وولف قد‬                ‫كانت‬
 ‫ذاتك كفرد داخل المجتمع المديني‬      ‫إلى الانتحار‪ ،‬فمحاولتها خلق‬     ‫رفضت بشكل قاطع‬
 ‫ولا زمن‪ ،‬لذلك أنت فرد منجرف‬         ‫مساحة الحرية الريفية داخل‬       ‫الاستقرار في الريف‪،‬‬
                                                                     ‫حتى بعد أن أخبرها‬
     ‫داخل شلال كبير من الكثير‬     ‫النظام المديني قادتها لغربة أليمة‬   ‫طبيبها النفسي بأن‬
     ‫من أفراد يتوهمون هم أي ًضا‬   ‫وانفصال روحي لا حل له سوى‬          ‫ذلك سيساعدها على‬
    ‫بفردانيتهم‪ .‬ليس للفرد أهمية‬
   ‫في المدينة‪ ،‬الأحداث ماضية على‬                        ‫الرحيل‪.‬‬         ‫الشفاء‪ ،‬آثرت البقاء في لندن‬
    ‫كل حال‪ ،‬بذاك الفرد وبدونه‪،‬‬      ‫الفردانية داخل المجتمع المديني‬      ‫المدينة‪ ،‬ومن الواضح تواجد‬
                                                                      ‫الحياة المدينية في كتاباتها كلها‬
       ‫ولا أحد سيلحظ ذلك‪ ،‬هذا‬                                         ‫تقريبًا‪ ،‬ربما كانت ستنجو من‬
   ‫هو التماهي المقصود‪ .‬الجميع‬                                         ‫الانتحار لو قبلت البقاء هناك‪،‬‬
  ‫مهتمون بوجودهم كأفراد لكن‬                                          ‫فالريف مكان مناسب لفرجينيا‬
‫الجميع لا يهتمون بوجود الفرد‪،‬‬                                           ‫بتقلباتها المزاجية ونفسيتها‬
‫فحضورك لمناسبة عزاء في القرية‬                                          ‫المعقدة‪ ،‬لا بل حتى بأسلوبها‬
                                                                       ‫(التداعي الحر)‪ ،‬فحريته هذه‬
      ‫شيء ضروري‪ ،‬ولا يعفيك‬
   ‫حضور بقية أفراد عائلتك من‬                                              ‫لا تليق بها المدينة بنظامها‬
 ‫أداء الواجب‪ ،‬الواجب الذي يقف‬                                           ‫وقواعدها‪ .‬إسقاط الأسلوب‬
‫عليك أنت كفرد ويتحقق بك فقط‪،‬‬                                             ‫العفوي هذا في نظام المدينة‬
    ‫تلك السمة غائبة عن المجتمع‬                                          ‫المحكوم خلق الاضطراب لها‬
‫المديني الاحتمالي الذي يمكن فيه‬                                         ‫ولشخصياتها الروائية التي‬
    ‫أن يؤدي أي شخص مهمتك‪.‬‬
   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277