Page 10 - باب القيم بين النسبيّ والمطلق:العمل
P. 10
اﻟﺿرورﯾّﺔ .وھو ﻣﺎ ﯾﻌ ّﻣﻖ واﻗﻌﯾﺔ اﻟﻌﻣل ﻛﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺗﻌﺗرف ﺑﺄھﻣﯾّﺔ اﻟﻘﯾﻣﺗﯾن وﺗﻛﺎﻣﻠﮭﻣﺎ.
وﯾﻣﻛﻧﻧﺎ أن ﻧﻘﻊ ﻣﻊ "ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي" ﻋﺎﻟم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﻔرﻧﺳﻲ ) (1832-1767ﻓﻲ ﻧ ّﺻﮫ
"اﻟﻔﻌل واﻟﻌﻣل" ،ص ،12ﻋﻠﻰ ﺗﺻ ّور ﻣﻣﺎﺛل إﻟﻰ ﺣ ّد ﻛﺑﯾر .ذﻟك أﻧّﮫ ﯾداﻓﻊ ﻋن أطروﺣﺔ
ﺗﻌﺗﺑر أ ّن اﻟﻌﻣل ﯾرﺗﺑط ﺑﺎﻟﻣﻌﺎﻧﺎة وﯾﮭدف إﻟﻰ إﺑداع ﻣﻧﺗوﺟﺎت ﻣﻔﯾدة.
***إﺳﺗﺛﻣﺎر ﻧص "ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي"" ،اﻟﻔﻌل واﻟﻌﻣل" ،ص.12
ﯾﻘول اﻟﻛﺎﺗب" :إﻧﻧﻲ أﺳ ّﻣﻲ ﻋﻣﻼ ،اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺗواﺻل اﻟذي ﻧﻧﻛ ّب ﻋﻠﯾﮫ ﻟﻧُﻧﺟز ﻋﻣﻠﯾﺎت ﺻﻧﺎﻋﯾّﺔ
أو ﺟزءا ﻣن ھذه اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﻓﺣﺳب" .وذﻟك ﻣﻔﺎده أ ّن اﻟﻌﻣل ﻻ ﯾُﻔﮭم ﻛﻧﺷﺎط ھﺎدف وﻣﻣﺎرﺳﺔ
ﺧﻼّﻗﺔ إﻻ ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾرﺗﺑط وﻓﻖ ﻣﻘ ّوﻣﺎت ﻋﻠم اﻹﻗﺗﺻﺎد اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ﺳﺑﻖ وأن ﺣ ّددﻧﺎه ﻛﻌﻠم
ﯾﺧﺗ ّص ﺑﺗﺣدﯾد ﻗواﻧﯾن اﻹﻧﺗﺎج واﻟﺗوزﯾﻊ واﻹﺳﺗﮭﻼك ﻟﻠﺛروات ،ﺑﺎﻟﺻﻧﺎﻋﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ
اﻟطرق اﻟﻣﻧظﻣﺔ واﻟﻣﺑﻧﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗّﺑﻌﮭﺎ اﻟﻔﻧﯾّون واﻹﺧﺗﺻﺎﺻﯾون ﻓﻲ
أﻋﻣﺎﻟﮭم ،وﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾﻖ اﻟﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﻧظرﯾّﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻣﺣﻛﻣﺎ ﻟﺗﺣﺻﯾل ﺑﻌض اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ طﺎﻟﻣﺎ أ ّن
ﻏﺎﯾﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﺔ ھﻲ اﻹﻧﺗﺎج .وﺑﮭذا اﻟﻣﻌﻧﻰ ،ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﺟﮭد ﻣﺑذول ﯾﺷﻌرﻧﺎ ﺑﺎﻟﻌﻧﺎء واﻟﺷﻘﺎء
واﻷﻟم اﻟﻧﻔﺳﻲ واﻟﺑدﻧﻲ ،ﻧﻠﺗزم ﻓﻲ إطﺎره ﺑﺈﻧﺟﺎز ﺷﻲء ﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﻌﯾّن .واﻟﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺗﻲ
ﻧﻌﯾﺷﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺗرﺗﺑط ﺑﺎﻟرﺑﺢ ﺑﻣﺎ ھو ﺗﻌوﯾض ﻋن اﻟﺟﮭد اﻟﻣرھﻖ اﻟﻣﺑذول" .ﻓﺎﻟﻌﻣل –ﻣﺛﻠﻣﺎ
ﯾﺻ ّرح ﺳﺎي -ھو ﻣﻌﺎﻧﺎة .ﻓﺈذا ﻟم ﺗﻛن ھذه اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻣﺷﻔوﻋﺔ ﺑﺄ ّي ﺗﻌوﯾض أو أ ّي رﺑﺢ ،ﻛﺎن
اﻟﻘﺎﺋم ﺑﮭﺎ ﻣدﻋﺎة ﻟﻠﺣﻣﺎﻗﺔ أو اﻟﺷذوذ ﻣن ﻗﺑل أ ّي ﻛﺎن" .وﯾورد اﻟﻛﺎﺗب ﻷﺟل اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن
اﻟﻌﻣل ﻣﻌﺎﻧﺎة ،ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ ﺗﺧ ّص ﻋﻣل اﻟﻌﺎﻟم وﻋﻣل اﻟﻣﻘﺎول واﻟﻌﻣل اﻟﯾدو ّي ،وﻛﻠﮭﺎ
رﻏم ﻣﺎ ﯾﻣﯾّز ﺑﯾﻧﮭﺎ ﻣن طﺑﺎﺋﻊ ﻓﻲ اﻷﻧﺷطﺔ ،ﺗﻠﺗﻘﻲ ﺣول ھدف اﻹﻧﺗﺎج اﻟذي ﯾو ّﺣد ﺑﯾﻧﮭﺎ.
واﻹﻧﺗﺎج ھو اﻟﺗﻌوﯾض اﻟﻣﻧﺎﺳب ﻋن اﻟﺷﻘﺎء واﻟﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﺗﻲ ﯾﻌﯾﺷﮭﺎ ﻛل ﻋﺎﻣل داﺧل ﻋﻣﻠﮫ.
وﻷﺟل ذﻟك ﯾﺳﻌﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻗدر ﺟﮭده إﻟﻰ إﺧﺿﺎع اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾّﺔ وﻗﮭر ﺻﻌوﺑﺎﺗﮭﺎ ﻷﺟل
ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻔﺎﺋدة اﻹﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ اﻟﻣرﺟ ّوة ﻣن ﻋﻣﻠﮫ ،ﻣﺗو ّﺳﻼ ﻓﻲ ﻛل ذﻟك ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل واﻷدوات وﺑرأس
اﻟﻣﺎل وﻛﻠﮭﺎ ﺷروط ﻹﺧﺿﺎع اﻟطﺑﯾﻌﺔ وﺗوﺳﯾﻊ ﺳﻠطﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﯾﮭﺎ طﻠﺑﺎ ﻟﻣطﻠﺑﮫ اﻟﻧﻔﻌﻲ .وإذا
ﻛﺎن اﻹﺑداع ﻣطﻠوﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺣﺳب "ﺳﺎي" ،ﻓذﻟك ﻷﻧّﮫ ﯾﻌﺑّر ﻋن اﻟﻘدرة اﻟﺧﻼﻗﺔ ﻟدﯾﻧﺎ ﻋﻠﻰ
إﻋﺎدة إﻧﺗﺎج ﻣوا ّد اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﺑﺄﺷﻛﺎل ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋن ﺷﺎﻛﻠﺗﮭﺎ اﻷوﻟﻰ ،إذ أ ّن "ﻛﺗﻠﺔ اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻛ ّون
ﻣﻧﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻟن ﺗﻛﺑر وﻟن ﺗﺻﻐر" ﻛﻣﺎ ﯾرى "ﺳﺎي" ،وﻟﻛﻧﻧﺎ ﻧﺗﻔﻧن ﻓﻲ إﺑداع ﺗﺷﻛﯾﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﺣﺎء
ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ طﺑﻘﺎ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻻﺗﻧﺎ اﻟﻣﻧﺷودة ،وذﻟك ﻣﺎ ﯾﻛﺳب آﺛﺎر اﻟﻌﻣل ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ طﺑﻘﺎ ﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻻﺗﮭﺎ
اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ .وﺣﯾﻧﺋذ ،ﯾﺑدع اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻧﻔﻊ وﻻ ﯾﺑدع ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ﻛﻣﺎ ﯾﻘول اﻟﻛﺎﺗب .وإﺑداﻋﮫ
وﺳﯾﻠﺔ أﺳﺎﺳﯾّﺔ ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ رﺑﺣﮫ وﻓﺎﺋدﺗﮫ وﺗﻌوﯾﺿﮫ ﻋن ﺷﻘﺎءه وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ.
اﻟﺗﺧﻠــــــــــــــــــص :ھﻛذا ﯾﻛون اﻟﻌﻣل ﻣﺟﺎﻻ ﯾﺗﻼزم ﻓﯾﮫ ﻣطﻠب ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟذات ﺑﻣطﻠب ﺗﺣﻘﯾﻖ
اﻟﻣﻧﻔﻌﺔ واﻟرﺑﺢ طﺑﻘﺎ ﻟرؤى "ﻛﺎﻧط" و"ﺟون ﺑﺎﺗﯾﺳت ﺳﺎي" و"ﺟوزاف ﺑرودون" .وھﻛذا،
ﺗﺑرز ﻟﻠﻌﯾﺎن واﻗﻌﯾّﺔ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾّﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل :وأﻗﺻد ﺛﻧﺎﺋﯾّﺔ اﻟﻧﺟﺎﻋﺔ واﻟﻌداﻟﺔ .ﻓﻌﻠﻰ أ ّي
ﻧﺣو ﺗﺗﺄ ّزم اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ؟ ووﻓﻖ أﯾﺔ ﺿواﺑط وﺷروط ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ ﺗﻣﺛل ﻣوازﻧﺔ ﻣﺗﻛﺎﻓﺋﺔ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ؟.
-ص-08