Page 13 - باب القيم بين النسبيّ والمطلق:العمل
P. 13
اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘطﻊ ﻣﻊ ﺛﺑﺎت ﻣدﻟول اﻟطﺑﯾﻌﺔ ﻓﯾﮭﺎ –ﻛﻣﺎ ھو ﻣﺗﺣﻘﻖ ﻓﻲ اﻟطﺑﯾﻌﺔ
اﻟﺣﯾواﻧﯾّﺔ ﺑﺷﻛل ﻏرﯾز ّي آﻟﻲ ،-ﻟﺗﺗﺣ ّول إﻟﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﺣﺗﻛم إﻟﻰ ﻧظﺎم ﻣﺳﺗﺣدث ﻣن اﻟﺣﺎﺟﺎت
واﻟﻣطﺎﻟب اﻹﺳﺗﮭﻼﻛﯾّﺔ واﻟﺗﺑﺎدﻟﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗ ّم اﻟ ّﺳﻌﻲ إﻟﻰ ﺗﻠﺑﯾﺗﮭﺎ ﻋﺑر ﺗﻛﺎﻣل اﻷﻧﺷطﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ
ﺑﯾن اﻷﻓراد .وذﻟك ھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﯾﮫ ھذا اﻹﻗﺗﺻﺎد ّي ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘول":ﻛل ﻓردﻣن ﻛ ّل اﻷﻧواع اﻟﺣﯾواﻧﯾّﺔ
ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﯾﻛون ﻣﺳﺗﻘﻼّ إﺳﺗﻘﻼﻻ ﺗﺎ ّﻣﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺑﻠﻎ أﺷ ّده ،وطﺎﻟﻣﺎ ﯾﺑﻘﻰ ﻓﻲ وﺿﻌﮫ اﻟطﺑﯾﻌﻲ ﯾﺳﺗطﯾﻊ
اﻹﺳﺗﻐﻧﺎء ﻋن أﯾّﺔ ﻣﺳﺎﻋدة ﻣن أ ّي ﻣﺧﻠوق ﺣ ّﻲ آﺧر .ﻟﻛن اﻹﻧﺳﺎن ﻣﺣﺗﺎج ﺑﺎﺳﺗﻣرار ﺗﻘرﯾﺑﺎ إﻟﻰ
ﻋون ﺑﻧﻲ ﺟﻧﺳﮫ .وﻣن اﻟﻌﺑث أن ﯾﺑﻘﻰ ﯾﻧﺗظر ذﻟك ﺑداﻓﻊ ﻋطﻔﮭم وﺣده".
إ ّن ﺗﻠك اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ اﻟﻣﻛﯾﻧﺔ ﻟدى ﻛل اﻷﻓراد ﺑﻣﺳﺎﻋدة اﻵﺧرﯾن ﻟﮭم ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﻣﺟﺎﻧ ّﻲ
وﺑداﻓﻊ اﻟﻌطف وﺣده ،ﺗﻔﻘد ﻛل ﻣدﻟول أﺧﻼﻗ ّﻲ إذا اﻛﺗﻔﻰ ﻓﯾﮭﺎ ﻛل ﻓرد ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾل ﻋﻠﻰ ﻏﯾره ﻓﻲ
اﻧﺗظﺎر اﻟﻣﺳﺎﻋدات اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻧﺗﮭﻲ ﺗﻧﺎﺳﺑﺎ ﻣﻊ ﻧظﺎم اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻼﻣﺣدود وﻣﺎ ﯾطرﺣﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ ذﻟك
ﻣن اﻧﺗظﺎرات ﻻ ﻣﺣدودة ﻣن ﻏﯾرﻧﺎ ﺗﻧﻔّره ﻣﻧّﺎ وﺗُﻔﻘد ﻋطﻔﮫ ﻋﻠﯾﻧﺎ وﺗﻌﺎطﻔﮫ ﻣﻌﻧﺎ ﻛل ﻣﻌﻧﻰ.
وﻟذﻟك ،ﯾﺗﺣﺗّم ﻋﻠﻰ ﻛ ّل ﻓرد أن ﯾﺳﺗﺑدل طرﯾﻘﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠﮫ ﻣﻊ اﻵﺧر ،وأن ﯾﺗو ّﺟﮫ إﻟﻰ ﻏﯾره ﻣن
اﻷﻓراد ﻋﻠﻰ ﻧﺣو واﻗﻌ ّﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻟﯾُﺧﺎطﺑﮭم وﯾُﻔﺎوﺿﮭم ﻓﻲ ﻣﺻﺎﻟﺣﮭم ﻛﻣﺎ ﯾﺗﻣﺛﻠوﻧﮭﺎ ھم أﻧﻔﺳﮭم
وﻛﻣﺎ ﯾﺑﺗﻐون ﺗﺣﻘﻘﮭﺎ واﻗﻌﯾّﺎ ﻋﺑر ﻣﺎ ﯾﺗوﻓّر ﻋﻠﯾﮫ ﻣن ﻣﻧﺗوج ﯾﻌﺑّر ﻋن ﺑﻌض ﺗﻠك اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ.
ﻣﺑدؤه ﻓﻲ ذﻟك" :أﻋطوﻧﻲ ﻣﺎ أﻧﺎ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮫ ،وﺳﯾﻛون ﻟﻛم ﻣﻧّﻲ ﻣﺎ أﻧﺗم ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﯾﮫ".
وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧﺣو ﻧﻘطﻊ ﻧﮭﺎﺋﯾّﺎ ﻣﻊ "اﻧﺗظﺎر وﺟﺑﺔ ﻋﺷﺎﺋﻧﺎ ﻣن ﻋطف اﻟﺟزار واﻟﺧﺑّﺎز" ﻟﺗﺗﺣ ّول
ﻋﻼﻗﺗﻧﺎ ﺑﮭﻣﺎ إﻟﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﺑﺎدل ﻧ ّد ّي ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى ﻣﺎ ﻧطﻠﺑﮫ ﻣﻧﮭﻣﺎ وﻣﺎ ﯾﻘﺎﺑﻠﮫ ﻣن ﺧﯾرات ﻟدﯾﻧﺎ
ﯾﺣﺗﺎﺟﺎﻧﮭﺎ.وﺣﯾﻧﮭﺎ ﺗﺧﺗﻔﻲ ﻛل أﺷﻛﺎل اﻟﻌطف واﻟﺗﻌﺎطف وإﻟﻰ اﻷﺑد ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى ﺗﺑﺎدل اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ،
ﻟﺗُﺳﺑدل ﺑﺎﻹﻧﺧراط اﻟﻣﺗﻛﺎﻓﺊ ﻓﻲ ﻧظﺎم ﺗﺑﺎدل ﺗﻠك اﻟﻣﻧﺎﻓﻊ ﺑﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺣ ّددھﺎ "رﯾﻛﺎردو"
وﺿﺑطﻧﺎ ﻣﻘ ّوﻣﺎﺗﮭﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ.وذﻟك ﻣﺎ ﯾﻌﻧﯾﮫ "آدام ﺳﻣﯾث" ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘول" :إﻧﻧﺎ ﻻ ﻧﺧﺎطب ﻓﯾﮭم
إﻧﺳﺎﻧﯾﺗﮭم وإ ّﻧﻣﺎ أﻧﺎﻧﯾﺗﮭم ،وﻧﺣن ﻻ ﻧﺣ ّدﺛﮭم إطﻼﻗﺎ ﻋن ﺣﺎﺟﺎﺗﻧﺎ ﺑل ﻧﺣ ّدﺛﮭم دوﻣﺎ ﻋن ﻓواﺋدھم".
ھﻛذا ،ﯾﺗﺣ ّول اﻟﻌﻣل إﻟﻰ ﻧظﺎم ﺗﺑﺎدل ﻟﻠﺧﯾرات ﺗﺣﻛﻣﮫ اﻟﻔواﺋد اﻟرﺑﺣﯾّﺔ وﺿواﺑط ﻗﯾم اﻟﺳﻠﻊ اﻟﺗﻲ
ﻧﻧﺗﺟﮭﺎ ﻟﺗﻐطﯾﺔ ﻣطﺎﻟب اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﺗﻲ ﻟدﯾﻧﺎ .وﻣﻘﺎﯾﺿﺔ ﻣﻧﺗﺟﺎﺗﻧﺎ ﻣﻊ ﻣﻧﺗﺟﺎت ﻏﯾرﻧﺎ ﻟﯾﺳت إﻻ
ﻣﺟﺎزات دﻻﻟﯾّﺔ ﯾﺳﺗﻌﻣﻠﮭﺎ اﻟﻛﺎﺗب ﻟﻠﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﻧﺗوج اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺗﻘﺎﺑﻠﮫ ﺣﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻗﺗﻧﺎء
ﻣﻧﺗوج ﻣﺧﺗﻠف ،رﻏم أ ّن اﻟﻣﻘﺎﯾﺿﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ "ﺗﺑﺎدل ﺳﻠﻌﺔ ﺑﺳﻠﻌﺔ" ﺣﻛﻣت ﻧﻣط اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﺑداﺋﻲ
وﻟﯾس ﺛ ّﻣﺔ ﻣﺎ ﯾﻣﻧﻌﮭﺎ ﻓﻲ أ ّي وﻗت إذا ﻣﺎ ﺗ ّم اﻹﺗﻔﺎق ﺑﯾن اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﯾن .وﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل اﻟﻣﻧﺗﺞ ﻣﮭﻧﯾّﺎ
ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺑﺣﺳب اﻟﻛﻔﺎءة واﻟﺟﻧس واﺧﺗﻼف طﺑﯾﻌﺔ اﻷﺷﻐﺎل ،ﻻ ﯾﺳﺗﻧﻔذ ﻣﻌﻧﻰ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣل
ﻓﻲ ﻣدﻟوﻟﮫ اﻟﻛﻠّﻲ اﻟذي ﯾﻌﻧﻲ ﻛذﻟك ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﻣﻠﯾّﺔ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ ﺿﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻹﻧﺗﺎج وﻓﻖ ﻧظﺎم
"اﻟﺗﯾﻠرة" اﻟذي ﯾﻌﻧﻲ أن ﯾﺧﺗ ّص ﻛل ﻋﺎﻣل ﺑﺣرﻛﺔ إﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ واﺣدة ﺿﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻹﻧﺗﺎج ،ﺗﺗﻛﺎﻣل
ﺿﻣن ﻧﺳﻖ ﻣﻧﺗظم ﻣﻊ ﺑﯾﻘﯾّﺔ اﻟﺣرﻛﺎت اﻹﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻛﻔل ﺑﮭﺎ ﻏﯾره ﻣن اﻟﻌﻣﺎل ﻛ ّل
ﺿﻣن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺧﺗص ﺑﮭﺎ وﺗﻧﺻ ّب ﻋﻠﯾﮭﺎ طﺎﻗﺔ ﺟﮭده اﻟﻣر ّﻛزة ،ﺣﺗّﻰ ﯾﺗ ّم اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ
ﺗﺻرﯾف طﺎﻗﺔ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺣﺳﺎﺑ ّﻲ وﻛﻣ ّﻲ دﻗﯾﻘﯾن ،وﺣﺗّﻰ ﯾﺗ ّم إﺧﺿﺎع طﺎﻗﺔ اﻟﺟﮭد
اﻟﻣﺑذول إﻟﻰ وﺗﯾرة اﻧﺗظﺎم ﻓﻲ اﻟﺳرﻋﺔ واﻟﺗﻛﺎﻣل ﺗﺣﻘّﻖ اﻟﻣردودﯾّﺔ واﻹﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ واﻟﻔﺎﺋدةاﻟﻣطﻠوﺑﺔ.
-ص-11