Page 16 - باب القيم بين النسبيّ والمطلق:العمل
P. 16
ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣل ﻣﻣﻛﻧﺔ وﯾﺳﯾرة اﻟﺗﺣﻘّﻖ؟ .وھل أ ّن ﺣﺎﻟﺔ اﻹﻏﺗراب اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺢ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﺎﻣل
وﺻﺎر ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻌﻣل ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﺗﺧﻠّص ﻣﻧﮭﺎ ﻻﺳﺗﻌﺎدة اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﺗﺿﯾﮭﺎ إﻧﺳﺎﻧﯾﺗﻧﺎ؟.وﻟﻛن ،ﻣﺎذا
ﻧﻌﻧﻲ ﺑﺎﻹﻏﺗراب ،وﻣﺎذا ﺗﻛون ﻣﺧﺎطره؟.
***اﻹﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻧص "اﻹﻏﺗراب"" ،ﻣﺎرﻛس" ص.68
ﻣدار اﻟﻧ ّص ھو ﻣﺷﻛل اﻹﻏﺗراب اﻟذي ﯾﻌﯾﺷﮫ اﻟﻌﺎﻣل ﺿﻣن ﻧﻣط اﻹﻧﺗﺎج اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ.
وھو ﻧص ﯾﺟﯾﺑﻧﺎ ﻋن اﻹﺷﻛﺎﻟﯾّﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ :إذا ﻛﺎن ﻧﻣط اﻹﻧﺗﺎج اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﯾﺟﺳ ّد اﻏﺗراب اﻟﻌﺎﻣل
وﻋﻣﻠﮫ ،ﺑﺄ ّي ﻣﻌﻧﻰ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﻛﺷف ﻋن ذﻟك وﺗﺄﻛﯾده؟ :ھل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻧﻰ اﻹﻧﺧراط اﻟﻌﻔوي اﻟذي
ﯾﻘﻊ ﻓﯾﮫ اﻟﻌﺎﻣل ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻛﺗﻔﻲ ﺑﻣﺟﺎرات اﻟﺗﻧظﯾم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣل إﻋﻼء ﻟﻘﯾﻣﺔ رأس اﻟﻣﺎل
ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﻌﺎﻣل ،أم أن ذﻟك ﯾﻌود إﻟﻰ ﻓﻘدان ﻛﻠّﻲ ﻟﻠوﻋﻲ اﻟذاﺗﻲ ﻓﻲ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﮫ ﺣﯾﻧﻣﺎ
ﯾﻧﺳﻠب اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻧﺗظره ﻣن ﻣﻛﺎﻓﺋﺔ ﻓﻲ ﺷﻛل أﺟر ﻋن ﻋﻣﻠﮫ ﻣﮭﻣﺎ ﻛﻠﻔﮫ ذﻟك ﻣن ﺗﺧ ّل ﻋن
ﻗﯾﻣﮫ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ وﻛراﻣﺗﮫ اﻟﺑﺷرﯾّﺔ ،واﻧﺳﻼب ﺻﺎﺣب رأس اﻟﻣﺎل ﻓﻲ ﻣراﻛﻣﺔ اﻟﺛروة دون
ﺳواھﺎ؟ .وأ ّﯾﺔ ﺳﺑل أﻣﺎم اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ ﻻﺳﺗﻌﺎدة وﻋﯾﮭﺎ ﺑﺈﻧﺳﺎﻧﯾﺗﮭﺎ وﺗﺣ ّررھﺎ ﻣن اﻹﻏﺗراب ﻓﻲ
اﻟﻌﻣل؟.
وﯾﺗﺧذ "ﻛﺎرل ﻣﺎرﻛس" )اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ (1883-1818ﻣن وﺿﻌﯾّﺔ اﻏﺗراب اﻟﻌﺎﻣل وﻋﻣﻠﮫ ﻣوﻗﻔﺎ
ﺻرﯾﺣﺎ ﯾﻌﺗﺑر ﻓﻲ إطﺎره أن واﻗﻊ اﻹﻧﺗﺎج اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻻ ﯾؤ ّدي ﺳوى إﻟﻰ اﻏﺗراب ﻛﻠ ّﻲ ﻟﻠﻌﻣل
واﻟﻌ ّﻣﺎل .وأﻧّﮫ ﻣن واﺟب اﻹﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ أن ﺗﺳﺗﻌﯾد وﻋﯾﮭﺎ ﻟﺗﺗﺣ ّرر ﻣن اﻟﻣراھﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﻋواﻣل
اﻟﻣردودﯾّﺔ واﻟﻧﺟﺎﻋﺔ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾّﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺑﺗﻐﻲ ﺳوى ﺗﺣﻘﯾﻖ ذاﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب إﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ اﻟﻌﺎﻣل
وﻣطﻠب اﻟﻌداﻟﺔ ﻛﻘﯾﻣﺔ أﺳﺎﺳﯾّﺔ.
واﻹﻏﺗراب ﻛﻣﺎ ﯾﻌﻧﯾﮫ "ﻣﺎرﻛس" ﻓﻲ ﺳﯾﺎق اﻟﻛﺷف ﻋن ﺳﻠﺑﯾّﺎت اﻟﻧظﺎم اﻹﻗﺗﺻﺎدي اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ
ﻓﻲ اﻟﻧص ھو "اﻟوﺿﻊ اﻟذي ﯾﻛون ﻓﯾﮫ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺎﻗدا ﻟذاﺗﮫ وﺣرﯾّﺗﮫ ،ﻏرﯾﺑﺎ ﻋن ﻧﻔﺳﮫ ﻣﻧﻔﺻﻼ
ﻋن إﻧﺗﺎﺟﮫ ﻻ ﯾُﻧ ّﻣﻲ طﺎﻗﺗﮫ اﻟﻌﺿو ّﯾﺔ أو اﻟذھﻧ ّﯾﺔ ﺑل ﯾﺳﺗﻧزﻓﮭﺎ وﯾﻧﻔﯾﮭﺎ" .وﺗﺗﺣﻘّﻖ ﺗﻣظﮭرات
وﺗﺟﻠّﯾﺎت اﻹﻏﺗراب ﺿﻣن ﻧﻣط اﻹﻧﺗﺎج اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ اﻟذي "ﯾزداد –ﻓﯾﮫ -اﻟﻌﺎﻣل ﻓﻘرا ﺑﻘدر
اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻟﺛروة وﻧﻣﺎء إﻧﺗﺎﺟﮫ ﺣﺟﻣﺎ وﻗ ّوة". .ذﻟك أ ّن اﻟﻌﺎﻣل ﺑﻘدر إﻗﺑﺎﻟﮫ اﻟﻣﺗﻠ ّﮭف ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣل
رﻏﺑﺔ ﻣﻧﮫ ﻓﻲ ﻧﯾل ﻛ ّم اﻷﺟر ﻛﻣﻛﺎﻓﺋﺔ ﻋن ﺟﮭده اﻟﻣﺑذول ،ﯾﻛون ﺑﺻدد إﻧﻣﺎء إﻧﺗﺎج ﺛروة رأس
اﻟﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﯾﺷﺗﻐل ﻟدﯾﮭﺎ .وﺗﻧﺎﺳﺑﺎ ﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈ ّن ازدﯾﺎد ﺗﻠك اﻟﺛروة اﻹﻧﺗﺎﺟﯾّﺔ ﻟن ﯾﻣﺛل ﺳوى ﻗ ّوة
إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻟﮭﺎ ﺗزﯾد ﻣن ﻓﻘره وﺑؤﺳﮫ .إذ ﺑﻘدر اﻟﻛ ّد وﺑذل اﻟﺟﮭد واﺳﺗﻧزاﻓﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل ﺿﻣن
اﻹﻧﺗﺎج اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﺗﺗّﺳﻊ اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ اﻟﻔﺎرﻗﺔ ﺑﯾن ﺣﺟم اﻟﺛروة اﻟﻣﺗﻧﺎﻣﯾﺔ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﻘر اﻟﺗﻲ
ﯾﺳﺗﺷﻌرھﺎ اﻟﻌﺎﻣل .ﻣﻊ أ ّن ذﻟك اﻟوﺿﻊ اﻟﺑﺎﺋس اﻟذي ﺗﻧﺣدر ﻓﯾﮫ إﻧﺳﺎﻧﯾّﺔ اﻟﻌﺎﻣل وﺗﺣﺗﺟب وراء
ﻛﺛﺎﻓﺔ ﺣﺿور اﻟﺛروة وﻗ ّوﺗﮭﺎ ،ﺗﺣ ّول "اﻟﻌﺎﻣل إﻟﻰ ﺳﻠﻌﺔ ﺗزداد وﺿﺎﻋﺔ ﺑﻘدر اﻟزﯾﺎدة ﻓﻲ ﺧﻠﻖ
اﻟﺳﻠﻊ" .ﺑﻣﻌﻧﻰ ،أ ّن ﻋﺎﻟم اﻟﺳﻠﻊ اﻟذي ﯾﻧﺧرط ﻓﯾﮫ اﻟﻌﺎﻣل ﺑﺣﺛﺎ ﻋن ﺗﺣﻘﯾﻖ أﺟر ﻣﺗواﺿﻊ ،ﻻ
ﯾﺣ ّول ﻣﺟﮭوده ﺳوى إﻟﻰ ﺳﻠﻌﺔ ﯾُﺗﺎﺟر ﺑﮭﺎ وﻻ ﯾُﺣ ّول اﻟﻌﺎﻣل ﺳوى إﻟﻰ طﺎﻗﺔ ﺟﮭد ﻣﻌ ّرﺿﺔ
ﻟﻺﺳﺗﻧزاف اﻟﻣﺗزاﯾد ﻷﺟل ﻣزﯾد ﺗﻛدﯾس اﻟﺳﻠﻊ .وﺗﻠك ھﻲ ﺳﻠﻌﻧﺔ اﻟﻌﻣل .أ ّﻣﺎ ﻣوﺿﻌﺔ اﻟﻌﺎﻣــــل
-ص-14