Page 44 - تنوير 4-8
        P. 44
     لجنة الفلسفة وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا  -المجلس الأعلى للثقافة
إلـي ت ارجـع ثقافـة التسـامح وبالتالـي ت ارجـع النهضـة والتقـدم .والتفكيـر المنهجـي المنظـم ،التسـامح وقبـول مبـدأ الاحتـاف
ويمكننا إجمال أسـباب ت ارجع ثقافة التسـامح إلى نوعين مـع الآخـر ،التسـامح الـذي يخلـق حالـة مـن التقـدم فـي ظـل
التعايـش و قبـول الآخـر(.)17                                        من الأسـباب.
أخيـ اًر يمكـن إجمـال الآليـات التـى يمكـن مـن خلالهـا تجسـيد  فرديــة :تتمثـل فـي التشـدد والانتمـاء المتشـدد دينًيـا
         التطـور والتقـدم فـي فكرنـا العربـي ...مـن خـال:      وسیاسـًیا ،عـدم التفاعـل مـع الثقافـات المغايـرة ...العجـز
                                                               عـن تفهـم مواقـف الآخريـن  .الفهـم الخاطـئ للتسـامح علـي
	 1.الإيمـان بالإنسـان أولاً باعتبـاره أهـم كائنـات العالـم
الطبيعـي ،فهـو الغايـة والوسـيلة م ًعـا .الغايـة فـي قدرتـه                            أنـه يعنـي التنـازل والضعـف .
علـى التحـرر مـن العوامـل والعلـل الداخليـة وصـولاً إلـي
جوهـر التحضـر .الإنسـان نفسـه هـو العامـل الفاعـل              أيضـاً المشـكلات الاقتصاديـة مثـل :الفقـر والبطالـة،
                                                               المشـكلات الاجتماعيـة مثـل :القهـر والشـعور بالظلـم .
فـي عمليـة التطـور.                                            -يعانـي الإنسـان العربـي عموًمـا مـن ثقافـة الخـوف
والاغت ارب..الخـوف مـن الاسـتعمار والصهيونيـة ،الخـوف 	 2.التأكيـد علـى قيمـة العقـل الإنسـاني ،ومنحـه الأولويـة
فـي إد ارك الوجـود وإبـداع العالـم .                           مـن الحـروب الطائفيـة ،التعصـب الدينـي ،الخـوف مـن
-القاسـم المشـترك لـكل نمـوذج حضـاري ،وقيـاس                   السـلطة والأجهـزة الأمنيـة ،الخـوف مـن التمييـز العنصـري
درجـة التحديـث والتقـدم ،هـو الاحتـكام لمنطـق العقـل،           ...ومـن هنـا يكمـن القهـر والقمـع والاغتـ ارب ،حيـث يشـكل
والنظـر إليـه بوصفـه النـور الـذي نهتـدى بـه ،ونصـوغ           هـذا الاغتـ ارب ظاهـرة اجتماعيـة تتغلغـل فـي نسـيج الحيـاة
                                                               الثقافيـة والاجتماعية..هـذه الثقافـه تننافـي مـع ثقافـة الفكـر
بـه عالمـاً متحـر اًر مـن أشـكال الوصايـة التـي تعـوق
                                       أي تقـدم.                          الحـر ،وتعيـق كل تقـدم وتطـور وإبـداع (.)16
-الإيمـان بالعقـل يعنـي الإيمـان بالإنسـان وقدرتـه              -ومـن الأسـباب الاجتماعيـة التـي تـؤدى إلـي غيـاب
الخلاقـة علـي صياغـة المسـتقبل ،فـي مقابـل التقليـد            التسـامح  :الفجـوة الكبيـرة بيـن طبقـات المجتمـع ،غيـاب
الـذي يرسـخ مفاهيـم الإتبـاع والتبعيـة .العقـل الـذى           العدالـة الاجتماعيـة ،ضعـف التعليـم ،انتشـار الأميـة
نعنيـه هنـا هـو العقـل العملـى ،القـادر علـى تغييـر            وغيرهـا ممـا يـؤدى إلـي ت ارجـع ثقافـة التسـامح والحـوار .
الواقـع ،القـادر علـى الإنجـاز وحـل مشـكلات الحيـاة.           -مـن أجـل حـوار نقـدى بنـاء ...مـن أجـل النهـوض والتقـدم
علينـا إذن تعزيـز ثقافـة الفكـر والحـوار القائمـة علـى أسـاس 	3.يعـد الأخـذ بمبـدأى الحريـة والديمق ارطيـة ملازمـاً
للتحديـث والتقـدم ،فـي حيـن أن الاسـتبداد والطغيـان            مـن التسـامح فـي ظـل منـاخ آمـن يعتـرف حقـوق الإنسـان
ملازمـان للتخلـف .لذلـك لا تقـدم أو نهـوض أو تحديـث            والتعدديـة الثقافيـة ،رفـض كل أشـكال العنـف ،والتجاهـل،
إلا مـع الحريـة .                                              وإمتهـان الك ارمـة الإنسـانية ،والخضـوع لعنـف أقتصـادي أو
	 4.مـن آليـات النهـوض والتقـدم أي ًضـا وعـى الإنسـان              اجتماعـى ( الفقـر ،العـوز ،التهميـش ،الإقصـاء.)...
والمجتمـع بحقيقـة الزمـان ،لأن الإنسـان الـذي يتجـاوز          تعزيـز الديمق ارطيـة ...علـى أن تكـون ديمق ارطيـة حقيقيـة
الماضـي ويتطلـع إلـي المسـتقبل يكـون أكثـر وعًيـا              واقعيـة تؤسـس علـى قيـم المسـاواة والعدالـة بيـن أفـ ارد
بالتقـدم ...المعيـار هنـا ليـس التمسـك بالماضـي ،ولكـن         الشـعب  ...ديمق ارطية تمعن النظر في التوجهات والرؤي
التطلـع إلـي المسـتقبل.                                        المختلفـة وتحـاول المقاربـة بينهـا ،وتبنيهـا كاسـت ارتيجية
للإصلاح التي تعتمد بشـكل أساسـي على الأسـاس العلمي 	5.التحديـث والتقـدم لا يتحقـق فـي ظـل القمـع والاسـتبداد
                                                               44
     	
