Page 274 - m
P. 274

‫العـدد ‪55‬‬                            ‫‪272‬‬

                                      ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

  ‫وتتبعها بسيارة صديقة الأسرة‬                                ‫موصول‬           ‫وإبقائه في السجن‪ ،‬وبعد زواجه‬
   ‫شاهندة مقلد‪ ،‬وتلف معها كعب‬         ‫فأي شيء في البتاع الناس تشوف‬              ‫من أميمة التي أصبحت والدة‬
‫داير بين الأقسام والنيابة وعربات‬
 ‫الترحيلات‪ ،‬حتى أن نوارة نفسها‬                               ‫على طول‬       ‫أختي الصغرى زينب رحمها الله»‪.‬‬
‫شعرت بالذنب تجاه أمها‪ ،‬وتحكي‬          ‫والناس تموت في البتاع فيبقى مين‬
 ‫نوارة موق ًفا طري ًفا مفاده أن أمها‬                                                 ‫نوارة‬
    ‫كانت تريد أن ُتدخل لها بعض‬                              ‫مسئوول؟‬         ‫وأستاذة صافي ناز كاظم‬
‫المأكولات فتم اعتراضها‪« :‬مينفعش‬        ‫وإزاي حتفتح بتاع في وسط ناس‬
    ‫يا مدام»‪ ،‬فما كان منها إلا أنها‬                                            ‫أكثر ما لفت انتباهي في الكتاب‬
 ‫ردت بمنتهى القوة‪ :‬أنا مش مدام‬                                 ‫بتقول‬         ‫هو القالب الفريد لسيرة أعتبرها‬
                                            ‫بأن هذا البتاع جاب الخراب‬       ‫أنا سيرة ثلاثية‪ ،‬أو سيرة متعددة‬
     ‫أنا أستاذة‪ ،‬فكان لتلك العبارة‬
                 ‫مفعول السحر‪.‬‬                                 ‫مشمول‬             ‫الأطراف ومتداخلة الحكايات‪،‬‬
                                       ‫لأن حتة بتاع جاهل غبي مخبول‬               ‫لذا حرص ُت ألا أغفل الجانب‬
‫بينما كان عم أحمد فؤاد نجم يبكي‬                                               ‫المدهش بالنسبة إل َّي وهو علاقة‬
  ‫بقهر الرجال بسبب سجن ابنته‪،‬‬                  ‫أمر بفتح البتاع لأنه كان‬     ‫نوارة مع أمها والتي تختلف تمام‬
    ‫ويتحرق قل ًقا عليها أثناء ثورة‬                          ‫مسطول»‪.‬‬        ‫الاختلاف عن علاقتها بأبيها‪ ،‬نظ ًرا‬
 ‫يناير‪ ،‬أظهرت أمها شهامة لا تليق‬                                            ‫لتباين أساليب العيش لكل منهما‪،‬‬
  ‫سوى بنساء الأساطير والتاريخ‬             ‫أعترف بأنني تعرفت أكثر على‬         ‫وتناولهما للأمور وخاصة تربية‬
       ‫الخالدات كهيباتيا وإيزيس‪،‬‬           ‫شخصية صافي ناز كاظم من‬          ‫نوارة‪ ،‬فبينما كانت نوارة لا تجرؤ‬
                                         ‫خلال هذا الكتاب‪ ،‬تفاجأت بهذه‬      ‫أن تنادي والدتها سوى بحضرتك‪،‬‬
‫فكانت لا تكتفي بدعمها في النزول‬                                             ‫كانت الكلمة ذاتها مثا ًرا للسخرية‬
 ‫والدعاء لها والاطمئنان عليها‪ ،‬بل‬            ‫السيدة صاحبة الشخصية‬          ‫لدى عم نجم‪ ،‬يفرق الزمان والمكان‬
  ‫وصلت شجاعتها النادرة الخالية‬          ‫الفولاذية‪ ،‬فجميع مواقفها لا تنم‬        ‫بين الزوجين ويختلفان ‪-‬مهما‬
 ‫من أنانية الأمومة أن توقظها لكي‬       ‫إلا عن امرأة شديدة الفرادة‪ ،‬بد ًءا‬   ‫اختلفا‪ -‬إلا أنهما اجتمعا على حب‬
‫تنزل الميدان حتى لا يستفرد الأمن‬       ‫من حرصها المضاعف على توثيق‬            ‫نوارة وإن اختلفت وسائل إظهار‬
                                        ‫عرى علاقة نوارة بأبيها‪ ،‬تروي‬         ‫هذا الحب‪ ،‬كما جمعتهما سجون‬
    ‫بالشباب‪ ،‬حتى بعلاقتها بوالد‬          ‫نوارة الكثير من المغامرات التي‬         ‫السادات‪ ،‬فلك أن تتخيل طفلة‬
    ‫ابنتها ضربت صافي ناز كاظم‬           ‫خاضتها والدتها ببسالة وبإرادة‬        ‫ُتفطم عنوة لدخول أمها السجن‪،‬‬
‫مثا ًل للتفرد‪ ،‬فامتدت أواصر الرقي‬                                             ‫ثم تخرج لتسافر بها إلى العراق‬
   ‫لتتجاوز إصلاح علاقته بابنتها‬             ‫لا تقهر فقط لكي تقابل الأب‬         ‫لتتبلور كل علاقة نوارة بأبيها‬
   ‫إلى إصلاح علاقاته مع زوجاته‬          ‫بابنته‪ ،‬ولم تخضع لكلام الناس‬           ‫آنذاك عبر شرائط كاسيت‪ ،‬ثم‬
  ‫وخصو ًصا أم زينب‪ ،‬إلى التدخل‬            ‫بأن كل ما تفعله لا جدوى منه‬          ‫تعود الأم والابنة لمصر‪ ،‬ثم ما‬
‫الدائم لمساعدته والدفاع عنه‪ ،‬فكان‬     ‫مكررة دو ًما‪« :‬بس بنتي تستاهل»‪،‬‬         ‫يلبث الأب أن يسجن هو الآخر‪،‬‬
  ‫دورها لا ينسى حينما تهدم بيته‬          ‫فجاء عليها وقت كانت لا تخرج‬            ‫بعدها بعدة أعوام تسجن الأم‬
 ‫بعد زلزال ‪ ،1992‬حتى خصومته‬                                                    ‫مرة أخرى لتصبح الطفلة ابنة‬
                                           ‫سوى للبحث عن عم نجم من‬          ‫لوالدين يرزحان في السجون بتهمة‬
      ‫مع الشيخ إمام كانت تسمع‬            ‫أجل نوارة‪ ،‬كما خاضت العديد‬
  ‫منه وتصلح وترد غيبة الصديق‬             ‫من المواقف العصيبة لكي تنقل‬                ‫ارتكابهما لجريمة الكلمة!‬
                                        ‫نوارة في مدرسة مناسبة‪ ،‬مرو ًرا‬         ‫«ياللي فتحت البتاع فتحك على‬
                  ‫كسنبلة سلام‪.‬‬        ‫بفترة اعتقالها ثم خروجها لتروي‬
                                       ‫بكوميديا أهوال ما تعرضت له في‬                                ‫مقفول‬
        ‫إلى نوارة‬                        ‫السجن‪ ،‬وتعد أصابتها بالجرب‬               ‫لأن أصل البتاع واصل على‬

     ‫فضل ُت أن أؤجل ما ودد ُت أن‬           ‫أثناء سجنها أقل ما تعرضت‬
                                          ‫له آنذاك‪ ،‬وصو ًل لفترة اعتقال‬
                                        ‫نوارة والتي أظهرت بها والدتها‬
                                         ‫عزيمة لا تخطئها عين المنصف‪،‬‬
                                      ‫حيث كانت تقبع أمام مكان الحجز‬
   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279