Page 276 - m
P. 276

‫العـدد ‪55‬‬                              ‫‪274‬‬

                                                                      ‫يوليو ‪٢٠٢3‬‬

‫قراءة في رواية‬

      ‫«سيرة الكائنات»*‬
                                                                       ‫زكريا صبح‬

‫للكاتبة ياسمين مجدي‬

               ‫البشر بالكائنات‪.‬‬            ‫وهو عليم يحكي عن زهرة‪.‬‬         ‫سيكون عليك في كل لحظة في‬
      ‫رحلة سريعة الإيقاع لاهثة‬       ‫نجحت الكاتبة ببراعة في بث روح‬
   ‫الأنفاس‪ ،‬زادتها سرعة ولها ًثا‬                                           ‫أثناء القراءة وبعد عدة صفحات‬
      ‫تقسيم العمل إلى فصول أو‬           ‫الحياة في الكائنات المحيطة بها‪،‬‬     ‫من الغوص في العمل والتماهي‬
 ‫مقاطع رئيسة‪ ،‬ثم تقسيم المقطع‬          ‫وربما لو أُتيح لهذه الكائنات أن‬        ‫مع الأبطال‪ ،‬أن تكون يق ًظا في‬
     ‫الرئيس إلى مقاطع كثيرة قد‬         ‫تتحدث الآن أو تقول كلمة حول‬        ‫استخلاص الأبطال ذوي الصبغة‬
‫تصل إلى عشرين مقط ًعا أو يزيد‪،‬‬       ‫الرواية؛ لقالت‪ :‬شك ًرا للكاتبة التي‬  ‫الإنسانية عن أقرانهم ذوي الروح‬
  ‫شديدة الاكتناز والتكثيف ل ُتعبِّر‬    ‫عاملتنا بمنطق الروح الإنسانية‬      ‫الإلكترونية؛ حيث تخوض الكاتبة‬
    ‫لنا الكاتبة في لغة فنية مفعمة‬                                          ‫تجربة شائقة في تأنيس الكائنات‬
      ‫بالإنسانية عن معاناة امرأة‬           ‫التي ترى في كل الموجودات‬       ‫بصفة عامة‪ ،‬وبث الروح فيما هو‬
‫معاصرة تعيش في مجتمع ضاغط‬                 ‫‪-‬عاقلة كانت أو غير عاقلة‪-‬‬         ‫رقمي ليصبح إنسيًّا يتفاعل مع‬
   ‫في حالة مطالبة دائ ًما بحقوقه‪،‬‬     ‫إخوة وجيرا ًنا وأصدقاء‪ ،‬لو أُتيح‬      ‫الإنسان الذي يلعب به أو يلعب‬
    ‫متغاف ًل عن حقوق زهرة‪ ،‬تلك‬         ‫للكائنات أن تتحدث؛ لعبَّرت عن‬
   ‫المرأة التي تعرض لنا لحظاتها‪،‬‬       ‫فرحها رق ًصا وطر ًبا لما آلت إليه‬      ‫معه‪ ،‬حتى يتحول هذا الكائن‬
‫ولا أقول يومياتها أو ساعاتها‪ ،‬بل‬     ‫مصائرها داخل العمل‪ ،‬لقد نجحت‬           ‫الرقمي إلى را ٍو مشارك وعليم‪،‬‬
                                      ‫الكاتبة في نقل إدارة الصراع بين‬         ‫فهو مشارك يحكي عن نفسه‬
                                      ‫البشر إلى صراع تصنعه علاقات‬
   271   272   273   274   275   276   277   278   279   280   281