Page 280 - m
P. 280
عمر البديع باستشهاده بقول شملت الرواية الكثير من
أندريه مالرو :الحياة لا تساوي الاقتباسات حول الكتابة ،وكيفية
التعاطي معها ،من ضمنها المرور
شيئًا ..لكن لا شيء يساوي
الحياة .مؤك ًدا عليه بحديثه على قصة البورتريه البيضاوي
ونظرته الشخصية« :الحياة الشكل للكاتب الأمريكي إدغار ألان
أكبر من كل شيء ،إنها أكبر من بو ،عن ذلك الفنان الذي طلب من
الكتابة ،فاجعل الكتابة ذريعة زوجته الثبات حتى يرسمها ،وحين
اكتمل البورتريه كانت زوجته قد
للحياة وليس العكس». غادرت الحياة ،ربما ليست الكتابة
إدريس الذي يعيش من أجل أن
يكتب ،مغتر ًفا من قلوب ملهماته وحدها من تأكل الحياة ،بل كل
الحياة ،وأول قلب ثقبه هو قلب الفنون تقتات على ممارسينها!
هناء زوجته ،تركها تعاني وركض
خلف ملهماته ،مخل ًفا الجراح في صديقه معه وكاش ًفا الكثير من وتكون الملكة على عرش قلبه،
قلبها الذي لم يحب سواه ،حذره أسراره ،هو الذي عاش من أجل بقيت بجوار عمر الذي لم يلحظ
صديقه عمر قائ ًل« :الاستقرار الكتابة ،وقدم حياته قربا ًنا لها، التغيرات التي خلفتها الخيانة على
هو أخطر شيء يتعرض له مبدع
كثي ًرا ما نبهه صديقه وناشره روحها وطريقتها.
مثلك». كان عمر البديع هو صاحب
هو لم يستقر يو ًما ،لقد وصف الأثر القوي على زوجته أمينة
حاله في كتابه الأخير على هذا ومحور حياتها ،وكذلك تأثر به
النحو“ :عند الحدود الفاصلة بين صديقه الكاتب الناجح إدريس،
الولع والفتور كنت أقف راج ًفا.. الذي قرر تنفيذ كل نصائحه
ممز ًقا بين انجذابي نحو الهاوية وهو راقد في غيبوبته ،كمحاولة
ورعبي من الفراغ ..فراغي من أخيرة لأن يطيل عمر صديقه من
الحب ،مثل فراغي من الكتابة، خلاله ،نصحه بالتورط في الكتابة
لا يطاق ..فكلاهما كان مشدو ًدا قائ ًل“ :الكتابة تو ُّرط ،ومن لا
للآخر ..وكنت مشدو ًدا لهما م ًعا يعشق التورط فليدع الكتابة لمن
بخيوط غامضة». يستحقها».
رحلاته مع الملهمات ،وعودته هكذا كسر إدريس خوفه ،وشرع
إلى حضن هناء المنتظر دو ًما
والمتسامح للأبد حتى خطفها في كتابة كتابه الأخير مو ِّر ًطا
الموت ،عرف الكثير من الفتيات
ويعتقد أنه محب لهن ،وذكر
ذلك في كتابه «كان لزا ًما عليَّ أن
أحب ،أن تعبر الكلمات قلبي حتى
تنفذ إلى قلوبكم» .كتب قصته
الأولى بعد حبه لهناء ،كما ذكرت
أن الكتابة تلتهم الحياة ،فهو لم
يستمر معها ،بل انجرف وراء
طقوسه الغريبة لإرضاء الكتابة،