Page 218 - ميريت الثقافية- العدد رقم 22 أكتوبر 2020
P. 218

‫العـدد ‪١٩‬‬                           ‫‪216‬‬

                                   ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

    ‫للثقة‪ ،‬لاسيما أنه أدار مبيعات‬              ‫من اليمن ومن جدة‪.‬‬       ‫وسرعان ما أبحر بروس في النيل‬
   ‫الملك والعاج والكثير من السلع‬    ‫ثم أبحر إلى مصوع وهي جزيرة‬            ‫من القاهرة وصو ًل إلى أسيوط‬
                                     ‫قبالة الساحل الأفريقي مباشرة‬         ‫مع أحد الشيوخ المصريين‪ ،‬ثم‬
      ‫الثمينة مقابل الحصول على‬                                             ‫ارتحل بعدها إلى أسوان التي‬
  ‫أسلحة نارية‪ .‬أما نائب مصوع‪،‬‬           ‫حيث وصلها في ‪ 19‬سبتمبر‬            ‫علق بها نتيجة إصابته بمرض‬
   ‫التي كانت تابعة لحكومة باشا‬       ‫‪ ،1769‬وكانت المدينة تعاني من‬          ‫في العين‪ ،‬وقدم بروس وص ًفا‬
  ‫جدة‪ ،‬فكان ينأى بنفسه عن هذا‬        ‫وباء الجدري الذي سبب وفيات‬
                                      ‫كبيرة «لدرجة أن الأهالي بدأوا‬    ‫بدي ًعا لمصر وأحوالها رغم اعتماده‬
    ‫التحالف وأعد للاستقلال عن‬       ‫في إلقاء الجثث في البحر بد ًل من‬       ‫على مغادراته المتقطعة للقارب‬
‫جدة‪ .‬وتوقف عن دفع الجزية ولم‬       ‫دفنها»‪ .‬وهكذا علق في مصوع ولم‬            ‫الذي يقله في النيل المصري‪.‬‬
‫يستطع الباشا (الذي لم تكن لديه‬     ‫يستطع الخروج منها مدة شهرين‬
                                    ‫لمواصلة رحلته سري ًعا‪ ،‬مما مكنه‬     ‫ورحل إلى القصير حيث ركب في‬
    ‫قوات كافية) إجباره على ذلك‪،‬‬       ‫من وصف المكان وص ًفا دقي ًقا‪.‬‬      ‫سفينة إلى سيناء‪ .‬وبعدئذ أبحر‬
 ‫لأنه كان أقرب للساحل الحبشي‪.‬‬        ‫ومن وصفه لها «ترابض السفن‬           ‫على امتداد ساحل البحر الأحمر‬
‫بأية حال فإن ميتيكال أغا والباشا‬                                       ‫الشرقي‪ .‬ثم زار العديد من موانئ‬
                                       ‫الراسية من مصوع وسواكن‬
    ‫اتفقا في النهاية وسلم الأخير‬   ‫المتجهة إلى جدة وقت ذروة الرياح‬           ‫الجزيرة العربية حيث أبدى‬
   ‫للأول الجزيرة وإقليم مصوع‬                                           ‫اهتما ًما بمعرفة طرق الطب المحلية‬
                                     ‫الموسمية في الصيف بالقرب من‬
     ‫مقابل مبلغ يتم دفعه سنو ًّيا‬  ‫ساحل الحبشة (إريتريا الحالية)‪،‬‬         ‫واشترى عد ًدا من المخطوطات‬
‫وعين ميتكال أغا «مايكل»‪« ،‬حاكم‬       ‫حيث تواجه رياح شرقية خفيفة‬           ‫العربية حول هذه المسألة‪ .‬وفي‬
 ‫التجراي»‪ ،‬محص ًل لاستحقاقاته‪،‬‬                                            ‫ينبع منحه قاضي المدينة عينة‬
                                         ‫منتظمة تضرب طوال الليل‪،‬‬        ‫من «البلسم» أو الترياق وزجاجة‬
  ‫وبدوره دعم «مايكل» في النهاية‬    ‫ورياح غربية خلال النهار»‪ .‬وكان‬       ‫كبيرة منه‪ .‬واستقل عند مغادرته‬
  ‫رحلة بروس «داخل الحبشة ثم‬         ‫ميتيكال أغا ‪ ،Metical Aga‬وهو‬        ‫لسواحل الجزيرة العربية سفينة‬
 ‫إلى سنار»‪ ،‬قبل العودة إلى مصر‪.‬‬                                        ‫متجهة إلى جزر دهلك حيث أخبره‬
   ‫ومن ملاحظات بروس في عالم‬             ‫صديق عظيم «لحامي جالية‬          ‫أهلها أنه «ليست لديهم أمراض»‪،‬‬
                                        ‫الإنجليز» في جدة‪ ،‬في الأصل‬       ‫إلا في الربيع عندما تأتي السفن‬
     ‫البحر الأحمر ازدهار تجارة‬        ‫عب ًدا حبشيًّا‪ ،‬وعده بروس أه ًل‬
   ‫الهند بشكل متزايد في سواكن‬
 ‫ومصوع‪ ،‬رغم منع بعض التجار‬

       ‫«الهنود غير المسلمين» من‬
   ‫الوصول إلى الأراضي المقدسة‬
‫بالحجاز‪ ،‬ومن ثم تركز اعتمادهم‬
  ‫على اليمن وسواكن ومصوع في‬
  ‫تمرير تجارتهم إلى جدة‪ ،‬مقابل‬
 ‫الحصول على منتجات مثل ذهب‬
    ‫سنار الصافي عبر الحبشة‪ ،‬ما‬

      ‫يشير إلى حيوية التجارة في‬
 ‫المناطق المحيطة بمنابع نهر النيل‬

                       ‫حينذاك‪.‬‬
 ‫وإجما ًل فقد قدم بروس في عمله‬

    ‫تفاصيل تاريخية كثيرة حول‬
  ‫عالم البحر الأحمر‪ ،‬تجاوزت في‬
    ‫واقع الأمر نحو تقديم قراءات‬
  ‫مغلوطة لافتراض جذور وهمية‬
   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222   223