Page 132 - m
P. 132

‫الشاهدين‪ ،‬فإن لم يكن ذلك جم ًعا‬                  ‫إن أمة عمرها ‪ 1400‬سنة لم تستطع‬
              ‫ثانيًا‪ ،‬فماذا يكون؟‬               ‫أن تن ِّقي خطابها أمة لا يعتد بها ولا‬
                                                 ‫ُيرجى منها خيٌر‪ ،‬فليس مطلو ًبا مني‬
    ‫ما شغلني في تلك المقالات هو‬                ‫–وأنا مسلم عادي يصلي ويصوم ويحج‬
 ‫الفارق بين النص المغلق والنص‬                 ‫إن استطاع‪ -‬أن أقرأ ملايين الكتب التي‬
‫المفتوح‪ ،‬بمعنى أن كتا ًبا كتبه الله‬
                                                   ‫تض ِّعف وتق ِّوي وتح ِّسن لكي أصلي‬
   ‫بذاته لا يجب أن يكون مفتو ًحا‬                 ‫وأصوم! أو لأعرف أي الأحاديث صحيح‬
  ‫للبشر‪ ،‬يرتبون آياته أو يرتبون‬              ‫وأيها مدسوس! فمنهجي الذي اتخذته‬
  ‫سوره‪ ،‬أو يتتبعونه في الصدور‬                  ‫في هذه الدراسة أن الحديث الموجود‬
                                              ‫بالكتب هو حديث صحيح ما لم تحذفه‬
     ‫أم ًل في الوصول إلى (أقرب)‬
‫صورة لحقيقة النص! فما بالك أن‬                                ‫من الكتاب باتفاق كامل‪..‬‬

  ‫هذا هو الكتاب الخاتم الذي نزل‬                 ‫عملية بشرية لا يمكن الوثوق‬        ‫هذه النسخة؟ ولما يلجأ أبو بكر‬
 ‫على النبي الخاتم الذي لا مراجعة‬               ‫بأنها كاملة‪ ،‬فالكمال لله‪ ،‬ثم إن‬   ‫وعمر إلى (جمع) القرآن بعد عام‬
                                             ‫الأحاديث الموجودة في الكتب التي‬
     ‫ولا تصحيح بعده؟ تصوري‬                     ‫يقدسونها هي التي تتحدث عن‬             ‫واحد من وفاة النبي إذا كان‬
    ‫للإحكام –في هذه المقالات‪ -‬أن‬             ‫النسيان والضياع واللحون وعدم‬       ‫مجمو ًعا عنده؟ وإذا كان محفو ًظا‬
  ‫النبي كان يترك لأصحابه كتا ًبا‬                ‫المطابقة‪ ..‬إلخ‪ ،‬وليس أنا أو كل‬
‫مغل ًقا كام ًل مك َّم ًل مر َّتبًا‪ ،‬بحيث لا‬     ‫من يعملون عقولهم ويقرؤون‬          ‫في الصدور‪ :‬كيف يمكن الوثوق‬
‫يضع أحدهم يده فيه‪ ،‬خاصة أنهم‬                  ‫النصوص قراءة محايدة‪ ،‬ناهيك‬         ‫في نص إلهي تم (تتبعه) –بتعبير‬
 ‫أميون‪ ،‬وأن اللغة العربية لم تكن‬                                                ‫زيد بن ثابت‪ -‬لدى ال ُح َّفاظ الذين‬
‫مستقرة حتى وقتها‪ ،‬أما وقد مات‬                    ‫عن أن (جمع) القرآن مرتين‬
   ‫–حسب الشواهد الكثيرة‪ -‬ولم‬                    ‫بفارق (‪ )15‬سنة‪ ،‬وعن طريق‬           ‫هم بشر مثلنا‪ ،‬يمكن أن ينسوا‬
   ‫يترك كتا ًبا مغل ًقا‪ ،‬مما استدعى‬           ‫الشخص نفسه (زيد بن ثابت)‪،‬‬            ‫أو يخلطوا بين المتشابهات من‬
 ‫الجمع والترتيب‪ ..‬إلخ‪ ،‬فهذا يثير‬                                                ‫الآيات‪ ،‬وهي كثيرة‪ ،‬أو يموتوا بما‬
                                                  ‫يثير الريبة في صحة الجمع‬
                        ‫العجب!‬                 ‫الأول‪ ،‬وإن قلت إن المرة الأولى‬        ‫لديهم كما حدث في اليمامة؟‬
 ‫زميلي العزيز أي ًضا تعجب (أنني)‬               ‫كانت جم ًعا والثانية نس ًخا فقط‬        ‫وحديثي لم يكن تشكي ًكا في‬
                                              ‫سأحيلك إلى الحديث الذي يقول‬       ‫(تحريف القرآن) كما فهم الزميل‪،‬‬
  ‫ناقشت ما ت ُعو ُد عليه لفظة (له)‬            ‫إن عثمان وقف على المنبر وطلب‬         ‫أو كما قذفني بتهمته الجاهزة‪،‬‬
 ‫في آية “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا‬            ‫من المسلمين أن يأتوه بما عندهم‬         ‫ولكن كنت –ولا أزال‪ -‬أتوقف‬
‫له لحافظون”‪ ،‬إن كانت تعود على‬                ‫خو ًفا من ضياع القرآن‪ ،‬وقد أتوه‬    ‫عند الروايات ومعقوليتها‪ ،‬وأطرح‬
 ‫الذكر أم على النبي‪ ،‬وأخذ يشرح‬                 ‫بالفعل‪ ،‬و َقبِ َل منهم دون شرط‬        ‫أسئلة عليها أجدها في صلب‬
‫لي أنها تعود على الذكر‪ ،‬يقول “مع‬                                                ‫الموضوع‪ ..‬فـ(جمع) القرآن يعني‬
‫أن الراجح واضح‪ ،‬فالنبي (ص)‬                                                         ‫أنه كان متف ِّر ًقا أو مشتتًا‪ ،‬وأي‬

     ‫لا ُيس َّمى ذك ًرا‪ ،‬ولا ي ُقال عنه‬
 ‫أنزلنا إنما يقال أرسلنا‪ ،‬والكلام‬
‫في الضمير يعود على أقرب مذكور‬
‫وهو الذكر وليس النبي”‪ .‬ولي عن‬
  ‫هذا القول ملحوظات‪ :‬الأولى أنه‬
  ‫أولى بالزميل أن يشرح للطبري‬

    ‫والقرطبي وابن كثير رأيه هذا‬
   ‫لأنني أخذت عنهم ولم أقل ذلك‬

     ‫من رأسي‪ ،‬فلو كان الراجح‬
   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137