Page 129 - m
P. 129

‫تجديد الخطاب ‪1 2 7‬‬

 ‫من يفكر‪ -‬بـ»التشكيك» هو أول‬                            ‫ومعروف في الواقع عند الغرب‬                ‫العامة‪ ،‬لأنهم لا يسمعون أص ًل‪،‬‬
    ‫ما يرد إلى ذهن الواحد منهم‪،‬‬                            ‫والعرب ليس بحاجة لدليل‪،‬‬                              ‫فكيف يعقلون؟!‬
                                                         ‫ولكن ما هو الداعي للحديث عن‬
  ‫مع أنني لم أشكك ولم أثبت‪ ،‬أنا‬                                                                       ‫السبب الرابع والأخير‪ :‬أن‬
  ‫فقط استعرضت المُ َد َّون في كتب‬                       ‫القرآن بطريقة التشكيك” (انتهى‬                ‫الكاتب –كما بدا من قراءتي‪-‬‬
                                                                            ‫الاقتباس)‪.‬‬             ‫ذهب إلى الإنترنت وأخذ ردو ًدا‬
     ‫التراث نفسها‪ ،‬التي ينزلونها‬                                                                    ‫جاهزة من المواقع التي يتردد‬
  ‫منزلة التقديس لدرجة القول إن‬                           ‫والواقع أن هذا ليس ما بدأت به‬             ‫عليها‪ ،‬ولصقها في المقال‪ ،‬حتى‬
                                                            ‫أنا ولكنه صوت عقله‪ ،‬صوت‬              ‫أنه وضعها بأرقام الهوامش التي‬
         ‫الأحاديث تنسخ القرآن!‬                                                                  ‫ُوجدت بالأصل المنقول عنه‪ ،‬دون‬
‫الإجابة أنه بدأ من نقطة (الحقيقة‬                          ‫القناعة المسبقة والفهم المبتسر‪،‬‬        ‫أن يحذف هذه الأرقام أو أن‬
                                                           ‫ففي سلسلة مقالاتي السابقة‪،‬‬              ‫ينقل الهوامش أي ًضا‪ ،‬وقد‬
   ‫المطلقة) التي تقول إن التوراة‬                          ‫ومنها المقال الذي يرد عليه‪ ،‬لم‬           ‫ترك ُتها في مكانها كما هي‬
‫والإنجيل تم تحريفهما‪ ،‬لقول ابن‬                         ‫أقل أب ًدا إن الإنجيل مح َّر ٌف‪ ،‬لأنني‬    ‫عام ًدا‪ ،‬رغم أنني أصلحت ما‬
  ‫حزم «كيف يستحل مسلم إنكار‬                              ‫أميل إلى أنه ليس كتا ًبا من َّز ًل من‬
                                                         ‫الله أص ًل‪ ،‬بل هو تجميع كتابات‬                    ‫أمكنني إصلاحه!‬
   ‫تحريف التوراة والإنجيل وهو‬                             ‫الرسل والتلاميذ متى ومرقس‬                ‫طيب‪ ..‬إذا كان الأمر كذلك‪،‬‬
    ‫يسمع كلام الله ‪-‬عز وجل‪:-‬‬                                ‫ولوقا ويوحنا‪ ،‬وهي ليست‬
   ‫(مح َّم ٌد رسو ُل الله والذين معه‬                                                                 ‫فلماذا أنشر هذا المقال على‬
   ‫أشداء على الكفار رحماء بينهم‬                              ‫متشابهة إلا في أجزاء قليلة‪،‬‬             ‫عواره؟ ببساطة لأنه يمثل‬
 ‫تراهم ُر َّك ًعا ُس َّج ًدا يبت ُغو َن فض ًل‬            ‫فكل كتاب منها يروى جانبًا من‬             ‫تفكير المتدينين تمثي ًل صاد ًقا‪،‬‬
    ‫من الله ورضوا ًنا سيماهم في‬                           ‫حياة وتعاليم السيد المسيح‪ ،‬بل‬            ‫يمثل الزميل الذي كتب المقال‬
   ‫وجو ِه ِهم من أث ِر السجو ِد ذلك‬                                                                 ‫وشيوخه الذين استشارهم‪،‬‬
      ‫مثلُ ُهم في التورا ِة ومثلُ ُهم في‬                   ‫إن هناك عشرات الكتب غيرها‬                ‫فهم لا يقرؤون بشكل جيد‪،‬‬
‫الإنجي ِل كزر ٍع أخر َج شطأه فآز َر ُه‬                    ‫رفضتها الكنيسة ولم تعتمد إلا‬            ‫وبالتالي لا يمررون الكلام على‬
    ‫فاستغل َظ فاست َوى على سوقه‬                            ‫الأربعة‪ ،‬أقربها إنجيل برنابا‬           ‫عقولهم‪ ،‬ويستسهلون الذهاب‬
 ‫يعج ُب ال ُّز َّرا َع ليغي َظ بهم الكفار)‪.‬‬                                                         ‫إلى شيوخهم في المواقع التي‬
  ‫وليس شيء من هذا فيما بأيدي‬                                 ‫الذي يتبنى الفهم الإسلامي‬              ‫يأخذون قناعاتهم (الجاهزة)‬
‫اليهود والنصارى‪ ،‬مما ي َّدعون أنه‬                         ‫للمسيحية‪ ،‬وقلت إنه في أحسن‬                  ‫منها‪ ،‬ويلصقون ما يجدون‬
   ‫التوراة والإنجيل”‪( .‬الفصل في‬                         ‫الأحوال يمكن اعتبارها مثل كتب‬              ‫دون تمحيص‪ ،‬ودون قراءة ما‬
  ‫الملل والأهواء والنحل ‪)1 /160‬‬                          ‫الأحاديث في الإسلام‪ ..‬فمن أين‬           ‫ينقلونه حتى‪ ،‬ويشككون ببساطة‬
  ‫رأي ابن حزم ومن ينقلون عنه‬                           ‫جاء بأنني بدأت كلامي بتحريفات‬                ‫ُيح َس ُدون عليها في نوايا –وفي‬
   ‫‪-‬لا أريد أن أقول رأيهم لأنه لا‬                                                               ‫إيمان‪ -‬من لا يقول أقوالهم المعلبة‬
  ‫رأي لناقل أعمى‪ -‬أن الدليل على‬                              ‫الإنجيل؟ بل والقول إن هذا‬          ‫الجاهزة السطحية الفارغة المفرغة!‬
‫تحريف التوراة والإنجيل أنهما لا‬                          ‫( ُمشتهر ومعروف عند الغرب‬
 ‫يثبتان عن النبي المثبت في القرآن‬                      ‫والعرب وليس بحاجة لدليل)؟!‬                    ‫أول القصيدة‬
‫كما في الآية‪ ،‬مع أن قول ابن حزم‬                          ‫(المُشتهر والمعروف) من وجهة‬
 ‫مجرد رأي بين أراء‪ ،‬ففي تفسير‬                             ‫نظر الناقلين هو ما يؤمنون به‪،‬‬           ‫استهل الزميل رده بهذه الجملة‪:‬‬
 ‫الطبري للآية جاء في أحد الآراء‪:‬‬                       ‫وهو يظن –ومن ينقل منهم‪ -‬أن ما‬            ‫“بدأ الكاتب ]يقصدني[ حديثه‬
 ‫«وأولى القولين في ذلك بالصواب‬                         ‫يظنه ُمشت َه ٌر ومعرو ٌف ولا يحتاج‬
  ‫قول من قال‪ :‬مثلهم في التوراة‪،‬‬                           ‫لدليل! مع أن أمر الديانات كلها‬          ‫عن التوراة والإنجيل‬
     ‫غير م َثلهم في الإنجيل‪ ،‬وإن‬                       ‫يحتاج لدليل لأنها (ظنيِّة) لا يوجد‬         ‫وتحريفات الإنجيل‪،‬‬
 ‫الخبر عن مثلهم في التوراة متناه‬                       ‫دليل واحد ملموس عليها‪ ،‬ولا أثر‪،‬‬
 ‫عند قوله ( َذلِ َك َم َثلُ ُه ْم ِف التَّ ْو َرا ِة)‬                                                 ‫وأن هذا ُمشتهر‬
                                                           ‫سوى بعض الروايات المتناقلة‬
                                                          ‫المتضاربة حد النفي وليس حد‬
                                                          ‫الإثبات‪ ..‬كما أن وصمي –وكل‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134