Page 145 - m
P. 145

‫حول العالم ‪1 4 3‬‬                 ‫المرحلة الثالثة‬                        ‫والثالثة كنسية طقسية‪،‬‬
                                                                       ‫تم كتابتها باللغة العربية‬
 ‫والعربية من سير القديسين‪،‬‬        ‫تعد المرحلة الثالثة الأشهر‬
 ‫والتي تمتد من سفر التكوين‬              ‫والأكثر تسجي ًل في‬                ‫بالاستناد إلى المصادر‬
 ‫إلى العصور الوسطى‪ ،‬تتعلق‬                                           ‫القبطية خلال العقود الثلاثة‬
                                      ‫مخطوطاتنا‪ .‬وفي هذه‬
   ‫باثنين من أساقفة «مليج»‬      ‫المرحلة‪ ،‬لم تعد اللغة القبطية‬         ‫الأخيرة من القرن الحادي‬
    ‫اللذين عاشا خلال الربع‬       ‫لغة حية‪ ،‬وبالتالي اقتصرت‬            ‫عشر‪ ،‬فإنه لمن الممكن القول‬
‫الثالث من القرن الثالث عشر‪،‬‬     ‫الترجمات على عدد قليل من‬
     ‫وهما‪ :‬بطرس ساويرس‬         ‫العلماء والرهبان الذين كانوا‬            ‫إن هذه الفترة هي الأكثر‬
                                ‫على استعداد لدراسة لغتهم‬             ‫أهمية‪ .‬ويبدو أن «موهوب»‬
       ‫الجميل وخليفته الأنبا‬                                         ‫و»حبيب ميخائيل» لم يكونا‬
  ‫ميخائيل‪ .‬ورغم أن المصادر‬                     ‫القديمة(‪.)24‬‬
  ‫كلها قبطية‪ ،‬إلا أنه لا يوجد‬   ‫ولهذا كانت القواعد النحوية‬              ‫الوحيدين اللذين يبحثان‬
                                ‫القبطية والمفردات المشتركة‬            ‫في الأديرة عن المخطوطات‬
    ‫دليل على أن «السنكسار»‬
  ‫بأكمله قد ُت ْر ِجم من مصدر‬         ‫بين القبطية والعربية‬                 ‫ويترجمان ويحرران‬
 ‫واحد‪ .‬ومرة أخرى‪ ،‬كان على‬      ‫ضرورية‪ ،‬ثم أصبحت نتا ًجا‬             ‫مجموعات النصوص التي لا‬
‫المترجمين جمع النصوص من‬
‫مصادر عديدة وتحريرها‪ .‬أما‬            ‫أدبيًّا ها ًّما لتلك الفترة‪.‬‬     ‫تزال ذات قيمة‪ .‬علاوة على‬
  ‫المجموعة الثانية التي يرجع‬        ‫ومع اضمحلال المعرفة‬             ‫ذلك‪ ،‬لم تكن ترجماتهما‪ ،‬إلى‬
                                  ‫باللغة القبطية‪ ،‬كان هناك‬           ‫جانب العديد من الترجمات‬
     ‫تاريخها إلى هذه الفترة‪،‬‬      ‫إتقان متزايد للغة العربية‬
 ‫فهي النصوص الكنسية التي‬          ‫وعدم رضا عن الترجمات‬                   ‫الأخرى‪ ،‬مخصصة ولا‬
‫ح َّررها مكاريوس عن القديس‬     ‫القديمة‪ ،‬وبالتالي تم تنقيحها‪.‬‬         ‫بمبادرة خاصة بسيطة‪ ،‬بل‬
                                   ‫وهذا هو الحال على وجه‬              ‫تمت الموافقة عليها رسميًّا‬
    ‫يوحنا في وادي النطرون‪.‬‬       ‫التحديد بالنسبة لترجمات‬            ‫من قبل الكنيسة‪ .‬وباستثناء‬
     ‫وبما أنه من المعروف أن‬       ‫الكتاب المقدس التي ساهم‬
    ‫العديد من الأجزاء الأكثر‬                                            ‫«السنكسار» والمجموعة‬
                                      ‫فيها العديد من علماء‬            ‫الكنسية المنقحة التي كتبها‬
       ‫أهمية في مجموعته قد‬         ‫اللغة القبطية‪ ،‬مثل يوحنا‬           ‫القديس مكاريوس‪ ،‬والتي‬
‫ترجمها أبو إسحاق بن فضل‬         ‫السمنودي‪ ،‬والوجيه يوحنا‬
 ‫الله قبل عدة عقود‪ ،‬يبدو أنه‬                                           ‫تنتمي إلى المرحلة الثالثة‪،‬‬
                                     ‫القليوبي‪ ،‬والأسعد أبو‬             ‫لم يكن هناك أي ترجمات‬
   ‫اعتمد على المصادر العربية‬     ‫الفرج هبة الله بن العسال‪.‬‬          ‫قابلة للمقارنة‪ .‬ويبدو إلى حد‬
                  ‫أي ًضا(‪.)26‬‬                                         ‫كبير أن جامعي النصوص‬
                                   ‫وكان لدى بعض الأعداد‬               ‫والمترجمين والمحررين في‬
    ‫إلى جانب هذه المجموعات‬           ‫المتزايدة من المفسرين‬         ‫عصر خريستودولوس الثاني‬
‫والمساعي اللغوية والتفسيرية‬                                           ‫(‪ )1077 -1047‬وكيرلس‬
                                 ‫وكاتبي الشروحات للكتاب‬                 ‫الثاني (‪)1092 -1078‬‬
       ‫الشهيرة التي قام بها‬    ‫المقدس‪ ،‬مثل بن كاتب قيصر‬              ‫هم الذين ساهموا في عملية‬
     ‫المؤلفون العظماء في تلك‬   ‫والمؤتمن أبو إسحاق العسال‪،‬‬           ‫الانتقال من اللغة القبطية إلى‬
                               ‫مترجمون يعملون معهم(‪.)25‬‬              ‫العربية‪ .‬كما يبدو أن هذين‬
       ‫الفترة‪ ،‬لا بد أن يكون‬                                         ‫البطريركين‪ ،‬اللذين ينتميان‬
     ‫هناك أي ًضا قدر لا بأس‬       ‫ربما كانت الترجمة الأكثر‬           ‫إلى أبرز البطاركة في تاريخ‬
     ‫به من ترجمة النصوص‬        ‫أهمية هي «السنكسار»‪ .‬حيث‬            ‫الكنيسة القبطية‪ ،‬قد لعبا دو ًرا‬
   ‫الملفقة المشكوك في صحتها‬                                         ‫بار ًزا في هذا التحول اللغوي‪.‬‬
‫والنصوص الآبائية الروحية‪.‬‬         ‫إن هذه المجموعة الواسعة‬
      ‫وبما أن العديد من هذه‬        ‫المكتوبة باللغتين القبطية‬
     ‫النصوص غير محفوظة‬
     ‫باللغة القبطية‪ ،‬فإن لهذه‬
   140   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150