Page 146 - m
P. 146

‫العـدد ‪59‬‬                  ‫‪144‬‬

                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬                ‫الترجمات أهمية كبيرة‪.‬‬
                                                             ‫و ُينسب إلى الصفي أبو‬
   ‫أفضل وتقديم تحليل أكثر‬          ‫على الرغم من أنه‬      ‫الفضائل بن العسال‪ ،‬والذي‬
 ‫كفاءة لها‪ ،‬بل أي ًضا من أجل‬       ‫لا يمكن استبعاد‬           ‫يعتبر على الأرجح أعظم‬
‫التعبير عن محتواها بصياغة‬                                 ‫مؤلفي القرن الثالث عشر‪،‬‬
                                       ‫احتمال أنه تم‬     ‫ترجمة العديد من مختارات‬
              ‫عربية أفضل‪.‬‬               ‫تدوين بعض‬         ‫النصوص الآبائية‪ ،‬لا سيما‬
   ‫وبرغم أن لد َّي القليل ج ًدا‬    ‫الترجمات المبكرة‬         ‫مجموعة مواعظ القديس‬
‫من المعلومات التي يصعب أن‬          ‫إلى اللغة العربية‬         ‫يوحنا ذهبي الفم‪ .‬ولقد‬
  ‫أبني عليها أي استنتاجات‪،‬‬            ‫العامية‪ ،‬إلا أنه‬      ‫استخدم مؤلفون آخرون‬
 ‫إلا أنه لد َّي انطباع بأن هناك‬        ‫يبدو أن عملية‬        ‫في تلك الفترة العديد من‬
                                    ‫تدوين الترجمات‬        ‫النصوص الآبائية المترجمة‬
     ‫أي ًضا تطو ًرا في مهارات‬           ‫هذه قد بدأت‬     ‫باللغة العربية‪ ،‬والتي ُيفترض‬
 ‫الترجمة‪ .‬فالترجمات الأولى‪،‬‬          ‫ببطء في القرن‬      ‫أنها أُعدت بنا ًء على طلبهم(‪.)27‬‬
                                    ‫العاشر الميلادي‪،‬‬        ‫وإذا كان بإمكاننا وصف‬
     ‫بما فيها كتاب «اعتراف‬            ‫ربما في الوقت‬       ‫المرحلة الأولى من الترجمة‬
 ‫الآباء»‪ ،‬كانت ترجمة حرفية‪،‬‬       ‫الذي تم فيه تأليف‬      ‫بأنها تمهيدية وأكثر شعبية‪،‬‬
                                        ‫أول الكتابات‬     ‫والثانية بأنها موجهة بحكم‬
    ‫ويبدو أن المترجم لم تكن‬       ‫القبطية المعروفة‬            ‫الضرورة‪ ،‬فإن المرحلة‬
     ‫لديه معرفة وافية باللغة‬          ‫باللغة العربية‬       ‫الثالثة تعد فترة من العمل‬
 ‫العربية الأدبية‪ .‬وينطبق هذا‬       ‫على يد ساويرس‬         ‫الأكاديمي لدراسة المصادر‪.‬‬
   ‫أي ًضا على الكثير من المواد‬     ‫بن المقفع وغيره‬          ‫ومع تنامي العلاقات مع‬
    ‫الليتورجية المبكرة‪ ،‬والتي‬          ‫من المفكرين‬          ‫الآداب المسيحية الأخرى‬
  ‫ربما اعتمدت على الترجمات‬                                    ‫المكتوبة باللغة العربية‬
    ‫الشفهية والمخصصة‪ .‬أما‬                     ‫الأقباط‪.‬‬     ‫والإنتاج الهائل للنصوص‬
‫ترجمات المرحلة الثانية‪ ،‬ومن‬                                ‫العربية‪ ،‬لم تعد الترجمات‬
‫بينها «تاريخ البطاركة»‪ ،‬فإنها‬              ‫جورج جراف‬     ‫من اللغة القبطية ذات أهمية‬
    ‫تعطي انطبا ًعا بعمل أكثر‬                            ‫رئيسية‪ .‬وعلى عكس الفترات‬
 ‫دقة وإتقا ًنا للغة العربية‪ .‬كما‬                        ‫السابقة‪ ،‬لم تعد المصادر الآن‬
    ‫نجد من هذه الفترة أي ًضا‬                               ‫قبطية فحسب‪ ،‬بل يونانية‬
 ‫أول مؤلفين عرب مسيحيين‬                                   ‫وسريانية أي ًضا‪ .‬أضف إلى‬
  ‫في مصر‪ ،‬ومن الواضح أن‬                                     ‫ذلك استخدام الترجمات‬
 ‫المترجمين كانوا قادرين على‬                             ‫العربية القديمة‪ ،‬الواردة غالبًا‬
 ‫الكتابة باللغة العربية‪ ،‬بل قد‬                           ‫من مجتمعات أخرى‪ ،‬أما في‬
 ‫يكون من الصعب التأكد مما‬                                 ‫حالة المجموعات‪ ،‬يتم دمج‬
‫إذا كان النص الوارد من هذه‬                                 ‫المواد المترجمة بالفعل مع‬
    ‫الفترة مترج ًما للعربية أم‬                           ‫الترجمات الجديدة(‪ .)28‬وتتم‬
‫مكتو ًبا باللغة العربية‪ .‬وتتميز‬                           ‫مراجعة الترجمات القديمة‬
    ‫المرحلة الثالثة بمترجميها‬                           ‫ليس فقط باستخدام مصادر‬
    ‫الذين كانت اللغة العربية‬
  ‫لغتهم الرئيسية ويتعاملون‬
  ‫معها بأريحية تامة‪ ،‬بل كان‬
   ‫العديد منهم أي ًضا مؤلفين‬
     ‫عرب مسيحيين بارزين‪.‬‬
    ‫كما كانت ترجماتهم أكثر‬
   141   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151