Page 179 - m
P. 179
الملف الثقـافي 1 7 7
سنركز على هذا البعد لكن من بن محمد المعروف بصاحب
المنظور الفني والجمالي ،خاص ًة
في عمله الأول في المجموعة التي الزنج .وفي مطالبته بالإصلاح
تناولها الزيات وهو «المعذبون
في الأرض» .فنحن نتبنى اتجا ًها الاجتماعي -على نحو ما يوضح
نقد ًّيا ينطلق من جماليات الزيات( -)2يرسم الطريق إلى
المضمون أكثر من جماليات
الإصلاح على أساس من قيمنا
الشكل.
وبهذا المعنى ،لا تعني الجماليات ومثلنا العليا التي أهملناها.
الكيفيات الشكلية والبنائية وفي هذا المعنى يقول طه
في العمل بقدر ما تعني
حسين« :إن لنا في المطالبة
المعاني والدلالات التي يمكن بالعدل الاجتماعي تاري ًخا حاف ًل
استخلاصها من المضمون .إنه عظيم الغناء يستحق أن نرجع
ليس بحثًا في صورة الوجود،
وإنما بحث في أسلوب الوجود، إليه ..فلعلنا إن فعلنا عرفنا أن
في الكيفيات التي يتجلى بها المتطرفين من قدمائنا قد سبقوا
الحدث ،ومن خلالها تكشف
إلى طائفة من الأصول في تنظيم
الشخصيات عن ماهياتها
وأصالتها في معاناة الوجود، الحياة الاجتماعية لم تستكشف
وشروط الحياة بالنسبة في أوروبا إلا في أثناء القرن
للموجود.
التاسع عشر أو في عصر الثورة
ولا يعنى ذلك غض الطرف
تما ًما عن البعد الشكلي والبنائي الفرنسية الكبرى».
لهذا العمل ،وأنما سنتوقف عنده
وأخي ًرا يحدثنا الزيات عن الدلالة
قلي ًل لما له من أهمية منهجية الإصلاحية والاجتماعية للعمل
في سياق الدرس النقدي .إذ إن الثالث «ماوراء النهر» قائ ًل:
طه حسين في هذه المجموعة «هي أي ًضا صرخة ضد الظلم
كان يمضي في طريق بينية بين الاجتماعي
القصة والمقالة ،الأمر الذي جعله
يتبنى المنهج البريختي المعروف للإصلاح ــــــــــــد طه حسين..
«بكسر الإيهام» ،بحيث كان لا ودعوة
يتورع عن الخروج عن السياق
الفني ليخاطب القارئ مباشر ًة الإصلاح،
في مواضع متعددة من القصة
وهي كذلك
الواحدة ،أو يتدخل في سياق تستثير الغضب
الأحداث ليدلي برأيه فيها أو
يعلق عليها أو يقدم لها شر ًحا ولكنها تستبقيـــــي الأرض» نموذ ًجا
وتفسي ًرا .ولعل السبب في ذلك الأمل تحارب
يرجع إلى غلبة البعد الإصلاحي
به اليأس والقنوط ،الزمان
الذي تقع فيه أحداثها هو زمن
إملائها ،يصرح الكاتب بذلك
فهو يقول :قصتنا لم تحدث
في العصر القديم وإنما تزعم
أنها حدثت في هذا العصر الذي
نعيش فيه»(.)3
وإذا كان الزيات قد ركز على
البعد الإصلاحي الاجتماعي في
هذه الأعمال ،فإننا في هذا البحث