Page 274 - m
P. 274

‫العـدد ‪59‬‬                                    ‫‪272‬‬

                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢3‬‬

    ‫العديد من الشعراء الأطباء في‬                ‫وجيه البارودي‬                    ‫لنتوقف عند الطبيب الأندلسي ابن‬
   ‫التأسيس للحداثة الشعرية في‬                                                    ‫زهر الحفيد‪ ،‬طبيب العيون الشهير‬
‫النصف الأول من القرن العشرين‬            ‫َوما َب َل َغ ال َفتى ال َخمسين إِلا‬
   ‫كأحمد زكي أبو شادي المتوفي‬          ‫َذوى ُغص ُن الصبا ِمن ُه َفماتا‬                 ‫المتوفى ‪ 595‬للهجرة‪ .‬جاءت‬
‫‪ 1955‬والذي أسس مدرسة أبولو‬                                                         ‫أشعاره رقيقة غزلية على خلاف‬
‫الشعرية التي ساهمت في تحديث‬              ‫َيقو ُل ال َركب هاتا دا ُر ِهن ٍد‬       ‫ابن سينا‪ ،‬وقد جمع أشعاره وقدم‬
‫القصيدة العربية شكليًّا عبر كتابة‬      ‫َف َهل ُيجدي َمقال ال َرك ِب هاتا‬          ‫لها في كتاب الباحث فوزي سعيد‬
‫القصيدة متعددة القوافي والمقاطع‬       ‫َب َكيت َعلى ال ُفرات َغداة َشطوا‬
    ‫الشعرية‪ ،‬وكذلك عبر الابتعاد‬       ‫َف َظن النا ُس ِمن َدمعي ال ُفراتا‬              ‫عيسى ‪ ،1983‬ومن أشهرها‬
    ‫عن الجزالة اللغوية والصخب‬                                                    ‫ُموشح (أيها الساقي) والذي غناه‬
‫الموسيقي‪ .‬كما ينبغي الإشارة إلى‬             ‫ومن شعره في الحكمة‪:‬‬
   ‫الشاعر المصري إبراهيم ناجي‬        ‫َوما ُغر َبة الإِنسا ِن في ُبع ِد دا ِر ِه‬     ‫الكثير من المطربين المعاصرين‬
‫المتوفي ‪ ،1953‬المُشارك في جماعة‬       ‫َو َل ِكنها في ُقرب َمن لا ُيشاك ُل‬                        ‫أشهرهم فيروز‪:‬‬
   ‫أبولو الشعرية‪ ،‬وكاتب كلمات‬
   ‫قصيدة الأطلال الشهيرة التي‬              ‫***‬                                          ‫َأ ُيها الساقي إِ َلي َك المُش َتكى‬
                                                                                         ‫َقد َد َعونا َك َوإِن َل َتس َمع‬
                ‫غنتها أم كلثوم‪:‬‬    ‫أما في العصر الحديث فقد شارك‬                   ‫ُغص َن با ٍن ما َل ِمن َحي ُث اِس َتوى‬
    ‫يا فؤادي‪ ،‬لا تسل أين الهوى‬                                                       ‫با َت َمن َيهوا ُه ِمن َفر ِط ال َنوى‬
     ‫كان صر ًحا من خيا ٍل فهوى‬                                                    ‫ومن أعذب قوله في الغزل أي ًضا‪:‬‬
                                                                                   ‫َمل َأ ال ُضلو َع َوفا َض َعن َأحنا ِئها‬
       ‫لست أنساك وقد أغريتني‬                                                           ‫َقل ٌب إِذا ُذ ِك َر ال َحبي ُب َيذو ُب‬
          ‫بف ٍم عذب المناداة رقيق‬                                                   ‫ومن الأطباء الشعراء الأقدمين‬
                                                                                  ‫أبي الصلت أمية الأشبيلي المتوفي‬
     ‫وعندما سؤل إبراهيم ناجي‬                                                       ‫‪ 529‬للهجرة‪ ،‬ولا ينبغي الخلط‬
  ‫عن ماهية العلاقة ما بين الطب‬                                                     ‫بينه وبين الشاعر الجاهلي أمية‬
                                                                                   ‫بن أبي الصلت الثقفي‪ .‬كان أبو‬
                 ‫والشعر أجاب‪:‬‬                                                         ‫الصلت عالمًا موسوعيًّا طبيبًا‬
  ‫الناس تسأل‪ ..‬والهواجس جمة‬                                                        ‫وشاع ًرا رقي ًقا وموسيقيًّا وألف‬
                                                                                     ‫كذلك في علم الميكانيكيا‪ ،‬ولكن‬
         ‫طب وشعر كيف يتفقا ِن‬                                                     ‫السعد لم يحالفه فقضى سنوات‬
   ‫الشعر مرحمة النفوس وسره‬                                                           ‫طويلة من حياته سجينًا‪ ،‬وقد‬
                                                                                    ‫أتم تأليف كتابه (كتاب الأدوية‬
       ‫هبة للسماء ومنحة الديا ِن‬                                                  ‫المفردة) وهو الكتاب الذي سوف‬
   ‫والطب مرحمة الجسوم ونبعه‬                                                      ‫ُيترجم لاح ًقا إلى اللاتينية و ُيدرس‬
                                                                                   ‫في عدد من جامعات أوروبا‪ .‬في‬
     ‫من ذلك الفيض العلي الشأ ِن‬                                                     ‫الحقيقة لقد ُفقد ديوان أشعاره‬
   ‫لقد جاءت إجابته تقليدية‪ ،‬وقد‬                                                    ‫التي كتبها بنفسه ولم يبق منها‬
  ‫أكدت على مفهوم الإلهام الإلهي‬                                                      ‫إلا القليل‪ ،‬ويغلب على أشعاره‬
                                                                                   ‫الحكمة والغزل الرقيق والأسى‬
                 ‫ونعمة الموهبة‪.‬‬                                                   ‫نتيجة لما عاناه في مسيرة حياته‪،‬‬
 ‫لنتوقف عند الشاعر علي الناصر‬
                                                                                                   ‫ومن أشعاره‪:‬‬
   ‫طبيب الجلدية‪ ،‬حيث ُيعتبر من‬                                                          ‫َأ ُيحيي ال َده ُر ِمني ما َأماتا‬
‫أهم رواد الحداثة العربية الذين لم‬                                                      ‫َو ُير ِجع ِمن َشبابي ما َأفاتا‬

  ‫يتم تسليط الضوء عليهم بشكل‬
  ‫كا ٍف‪ ،‬حيث قدم قصائد متعددة‬
‫لم تلتزم بوحدة الشطرين‪ ،‬وكتب‬
‫قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر في‬
   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279