Page 278 - m
P. 278
الإسكندرية مدينة الرب كمسرح العـدد 59 276
لأحداث أكثر من نصف الرواية،
بينما لم ُيذكر اسم القرية اعتما ًدا نوفمبر ٢٠٢3 جمال الروح والوجه ،تجلت الفتنة
ع َّما حدث بها من أهوال تغني عن مزيحة عبء الجسد وإشكالياته
بمرض صاحبها حتى مماتها، فحلت الروائح الشبقة على جسد
ذكر اسمها. وبموت متوقع لسيدة مسنة أُكلت
تجاوزت فكرة عدم التسمية الأمكنة من قبل الفقر والقهر والشيخوخة أسمر تجري به دموية الحياة محل
ولعنة الأمومة ،في حين جاء البطل آخر أبيض يحمل وج ًها ملائكيًّا،
والتواريخ إلى شخوص الرواية الرئيسي للعمل في الحكاية صف ًرا، نتأت الغواية بدي ًل عن الجمال
أنفسهم ،حيث لم تأ ِت الكاتبة على أي بنهاية الرواية ،بخيال قد ساقه الصريح كما جاء التكريس لسلطة
ذكر اسم للشخوص الرئيسيين لتصور نفسه كنطفة ثم جنين ،في الإيروسية حقيقيًّا غير مفتعل أو
محاولة للتحرر من الجسد الذي كان متسرع ،فبينما نجحت الشقيقة
اللهم فيما بعض الشخصيات سبب كل هذه العذابات التي ُزرع
الثانوية كأم السيد والسيد ،جاء الأقل جما ًل في مغامرة الإغراء كانت
الشخوس بلا أسماء مما أعطى فيها منذ اللحظة الأولى. تنكمش الرغبة في الشقيقة الجميلة
للرواية طاب ًعا عالميًّا حيث يمكن أن
يقرأها أي شخص بالعالم ويتفاعل الدولاب كملاذ صاحبة البيت والزوج والولد ،تتدافع
مع أحداثها ويتوحد مع أبطالها الصور خلال حوارية الأم الجميلة
وأزماتهم التي اتخذت طاب ًعا إنسانيًّا إن اعتبرنا أن الإشكالية مع ابنها لتوضح لنا أن كل شيء
السوسيولوجية للجسد قد جاءت كان سيؤدي لهذه النتيجة الحتمية،
في الأساس. كركيزة أساسية في صلب المروية، فقد تحطمت العلاقة الزوجية
فإننا لا يمكن -في الوقت ذاته -أن بصورة ميلودرامية ولحقت بها
الأدب وعقدة الحكاية الأولى نغفل الفكرة فيما وراء استخدام علاقة الأختين بواقع أقل وتيرة
الولاب كملاذ آمن ،في الواقع قد وح َّدة.
على عكس الشائع بأن الأمراض شكلت لعبة الغميضة جنبًا إلى جنب
النفسية والعقد الاجتماعية الأكثر مع الدولاب جز ًءا أصي ًل من حيوات بينما ذوت الزوجة وصار حضورها
خطورة يشعر بها الإنسان المدرك، ش َّفا ًفا عديم الفاعلية كانت الأمور
الأطفال وعملا م ًعا على تأصيل تجري على قدم وساق مع الزوج
فإن الطب النفسي له رأي آخر، أعمق لخيالاتهم التي لا تبارحهم
حيث اثبتت الفحوصات السريرية حتى وهم في غمار الحياة بمعتركها الذي على عملقته في عيون ابنه عندما
والتجريبية أن السواد الأعظم من الحاد ،حضر الدولاب كبطل أصيل كان في مطلع طفولته ،سرعان ما
من أبطال الرواية لا يقل أهمية في تحطمت صورته الجسدية المتخيلة
الأزمات النفسية المركبة -التي دوره عن تأثير الأبطال الرئيسيين، وعاد لحجمه النحيل وصلعته
تصاحب الإنسان طوال حياته إلى ويناطح شخوص كالزوجة والأبناء وملابسه البائسة ،يمارس نذالته
مماته -يكون منبعها حوادث وقعت في الأثر ،حيث طغى بحضوره على بهذا الجسد البائس بجرأة الجاهل
في أثناء الطفولة ،خاصة الطفولة
الأولى ،ساعدت البنية الروائية للعمل وجودهم السرمدي الباهت. بماهيته ،على الرغم من هذه الظروف
الكاتبة في إبراز تيما الحكايات التي لم يأت الدولاب كبطل محوري الملتبسة لرجل عديم القيمة والوسامة
مزجت الواقع بالأسطورة ،مميطة يلوذ به البطل الرئيسي للهرب من
قسوة العالم فحسب ،ولكن جاء والمكانة الاجتماعية ،ويفتقر للحد
اللثام عن عقد البطل الذي أكمل أي ًضا كشاهد على تماوج الزمان الأدنى للمؤهلات التي تجعله يلحق
حياته بحكاياته الأولى حام ًل متاعها والمكان اللذين تش َّكلا عبر بناء بركب الإنسانية ،برعت الرواية في
دائري لا يركز على تواريخ محددة إبراز سلطته الذكورية وتبجحه الذي
في سراديب ذاكرته ،ومشهرها في قدر ما يبرز ما وراء اللحظة ،لم سمح له بممارسة الرذيلة التي ينهى
وجه العالم كدليل على قهره وقلة تتحدد أسماء عناوين بعينها على
امتداد النص واكتفى النص بإبراز عنها على مسمع ومرأى من أهل
حيلته. بيته.
لم يكن غريبًا أن يكون كل من الأم
حضرت شخصية الجدة بإشكالية
جسد أقل تعقي ًدا من حضور ابنتيها