Page 283 - m
P. 283

‫‪281‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

 ‫مث ًل لنفسية يحيى السيئة بسبب‬                   ‫أحمد سليم‬                 ‫الذي يرمز إلى أن أهل هذا‬
  ‫ضياع ليلى حبه الأول والأخير‪،‬‬                                        ‫المكان لا بد ويعودون إليه مهما‬
   ‫لتظل صورتها معه حتى نهاية‬        ‫إلى التحرير‪ ،‬حيث يعكس تمسك‬       ‫رحلوا‪( ،‬يحيى) وهو رمز للحياة‬
 ‫الرواية‪ ،‬وعلى مدار الأحداث تظل‬         ‫هؤلاء الناس بعاداتهم مهما‬      ‫والخلود‪ ،‬وهو البطل الذي قرر‬
    ‫مؤثرة في نفسيته وفي أفعاله‪،‬‬       ‫ابتعدوا عن أرضهم لكن تظل‬       ‫العودة من سفره الطويل والبقاء‬
    ‫وحمدة مث ًل جدة يحيى‪ ،‬التي‬                    ‫الجذور راسخة‪.‬‬        ‫بأرضه مرة أخرى‪( ،‬عيد) الأخ‬
   ‫رسم لها صورة الإنسان كثير‬                                           ‫المخطوف الذي قتل في النهاية‪،‬‬
     ‫الضحك والفكاهة‪ ،‬ثم بعد أن‬      ‫‪ -3‬البناء النفسي للشخصيات‪:‬‬        ‫وكأن استشهاد أحد أبناء سيناء‬
  ‫يقطع شو ًطا في حكايتها يتضح‬           ‫كان الكاتب يتوقف في أكثر‬       ‫فداء ترابها وكأنه عيد‪ ،‬ومثلهم‬
 ‫أن ذلك بسبب ما تحمله في قلبها‬          ‫من موضع ليصف نفسيات‬           ‫باقي الأسماء التي تحمل معنى‬
  ‫من مآس شديدة جعلتها ترفض‬
    ‫أن تستسلم للبكاء أو الحزن‪،‬‬      ‫الشخصيات‪ ،‬وأحيا ًنا كان يترك‬          ‫أكبر من مجرد كونه اس ًما‪.‬‬
                                      ‫الحوار ذاته والسرد لينقل لنا‬  ‫‪ -2‬الملامح الظاهرية للشخصيات‪:‬‬
‫شخصية لها تركيبتها المختلفة عن‬        ‫نفسية كل شخصية وتركيبها‬
  ‫باقي الشخصيات‪ ،‬وبالتالي كان‬                                             ‫كان من المهم ج ًّدا أن يراعي‬
                                    ‫الداخلي‪ ،‬ففي البدء يعطي إشارة‬   ‫الكاتب وصف شخصياته ظاهر ًّيا‪،‬‬
‫رسم البناء النفسي لكل شخصية‬
 ‫يوضح دوافعها‪ ،‬ويساعد القارئ‬                                          ‫وملامحهم‪ ،‬وملابسهم‪ ،‬لتحقيق‬
                                                                    ‫الغرض الرئيس من الرواية‪ ،‬وهو‬
   ‫على توقع ردود أفعالها‪ .‬أحيا ًنا‬                                  ‫ما فعله أحمد سليم‪ ،‬حيث وصف‬
‫كان يوصل نفسية الشخصية من‬                                           ‫الشخصيات حسب مقتضى الحال‬
‫خلال وصف تصرف ما يستطيع‬
                                                                       ‫عبر صفحات الرواية‪ ،‬كوصفه‬
     ‫القارئ من خلاله استيضاح‬                                         ‫للجدة غالية ص‪ ،35‬وللعم عودة‬
   ‫نفسية تلك الشخصية كما فعل‬
‫مع أبو فراج منذ ص‪ ،28‬بوصف‬                                                ‫ص‪ ،37‬وراشد ص‪ ،58‬وأبو‬
   ‫جلسته وكلامه‪ ،‬حتى تبين أنه‬                                        ‫فراج ص‪ ،79‬وباقي الشخصيات‬
   ‫منضم للجماعة الإرهابية التي‬
   ‫خطفت (عيد)‪ ،‬وقد كان الكاتب‬                                              ‫كل في موضع ذكره‪ ،‬حتى‬
 ‫في كل مشهد له يصف شيئًا منه‬                                            ‫كأننا نعايشهم من لحم ودم‪،‬‬
  ‫حتى ملأ القارئ بالشك تجاهه‪،‬‬                                            ‫نراهم أمامنا ونستمع إليهم‪،‬‬
                                                                         ‫وعني كذلك بوصف الملابس‬
    ‫إلى أن تبين صدق هذا الشك‪.‬‬                                           ‫البدوية‪ ،‬بمسمياتها عند أهلها‬
   ‫برع الكاتب كذلك في استبطان‬                                           ‫وعلى لسانهم‪ ،‬من غير فجاجة‬
 ‫نفوس الشخصية‪ ،‬ورسم حالتها‬                                              ‫ولا إقحام للمعلومات‪ ،‬ولكنها‬
‫بدقة متناهية تتناسب مع تكوينها؛‬                                           ‫جاءت أي ًضا حسب مقتضى‬
‫كوصفه لرد فعل غالية عند علمها‬                                          ‫الحال‪ ،‬كحديث غالية عن عودة‬
  ‫بوفاة والدها وأخيها حيث يقول‬                                        ‫في صغره‪ ،‬وتقليده لوالده بلبس‬
    ‫على لسانها‪« :‬صرخ ُت صرخة‬                                        ‫«المحرمة والعقال» ص‪ ،37‬وذكره‬
                                                                    ‫لعادة قديمة عند نساء البدو‪ ،‬وهي‬
      ‫سمعتها كل القرية‪ ،‬تركتهم‬                                         ‫دق ذقونهن وجبهتهن ص‪.36‬‬
    ‫وركضت في الشارع‪ ،‬لحقتني‬                                          ‫يتحدث عن عادة من عادات نساء‬
   ‫حمدة‪ ،‬حاولت جذبي كي أدخل‬                                         ‫وبنات البدو وهي تطريز الملابس‪،‬‬
  ‫البيت‪ ،‬ولم تستطع‪ .‬كنت أجري‬                                            ‫تلك العادة التي ما تخلت عنها‬
     ‫كالمذبوحة‪ ،‬حتى سقطت على‬                                           ‫غالية رغم ترحيلهم من سيناء‬
   278   279   280   281   282   283   284   285   286   287   288