Page 137 - merit 47
P. 137

‫‪135‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

  ‫تطبيقية بأنماط مستقبلية مبنية‬               ‫الصينية والروسية‪.‬‬      ‫اليهود وتخضع للوصاية الدولية‪،‬‬
    ‫على التحليلات التاريخية تلك‪،‬‬     ‫وأصبح الأمر حر ًبا فعلية بين‬     ‫إلا أن الحرب قسمت المدينة فعليًّا‬
                                    ‫الجانبين على المستوى الرمزي‬       ‫بين القوات العربية والصهيونية‪،‬‬
‫فالصهيونية تعتبر نفسها في حالة‬                                       ‫فأصبحت الصهيونية تسيطر على‬
 ‫عداء دائم مع العرب‪ ،‬مثلما تعتبر‬       ‫باعتبار العلم يرمز للسيادة‬      ‫ما عرف بالقدس الغربية وظلت‬
 ‫أمريكا نفسها في حالة عداء دائم‬        ‫والهوية الخاصة بالجانبين‪،‬‬
‫مع العالم كله للحفاظ على هيمنتها‬    ‫فتصاعدت الدعوات الفلسطينية‬          ‫القدس الشرقية تحت السيطرة‬
                                    ‫برفع العلم الفلسطيني وتكثيف‬             ‫العربية والمقدسات بالبقعة‬
     ‫وسيطرتها‪ ،‬ومن أجل الإبقاء‬         ‫الظهور العام أثناء «مسيرة‬
   ‫على تلك الهيمنة تدرس أمريكا‬                                           ‫المقدسة تحت الولاية الأردنية‬
                                         ‫الإعلام الصهيونية»‪ ،‬وفي‬         ‫الهاشيمة‪ ،‬حتى جاءت الحرب‬
      ‫ومراكزها البحثية المتغيرات‬        ‫الجهة المقابلة «وعلى خلفية‬       ‫الجديدة في عام ‪1967‬م عندما‬
‫وتضع الخطط والسياسات بهدف‬             ‫الدعوات الفلسطينية لتكثيف‬        ‫احتل الصهاينة القدس الشرقية‬
 ‫إضعاف وتفكيك أي متغير عالمي‬         ‫رفع العلم الفلسطيني في أثناء‬
‫يهدد سيادة أمريكا وهيمنتها على‬       ‫«مسيرة الأعلام»‪ ،‬جدد عضو‬                ‫وباتت في حوزتهم كاملة‪.‬‬
 ‫العالم‪ ،‬وهو ما تطبقه الصهيونية‬        ‫الكنيست من حزب الليكود‪،‬‬        ‫وشهدت المسيرة هذا العام أعدا ًدا‬
                                    ‫ميكي زوهار‪ ،‬دعوته لأن تكون‬
      ‫في صراعها مع العرب‪ ،‬فهم‬          ‫هناك عقوبات بالسجن على‬            ‫ضخمة كما شهدت ممارسات‬
‫يتحركون بضغط مستمر وحروب‬              ‫رفع العلم الفلسطيني وحرق‬         ‫تصعيدية وصرا ًعا واض ًحا على‬
‫دائمة لأن لديهم دراسات تخبرهم‬       ‫العلم الإسرائيلي‪ ،‬قائ ًل «العرب‬    ‫الهوية من المتشددين الصهاينة‬
‫بنتائج دراسة الشخصية العربية‪،‬‬       ‫يستولون على البلاد‪ ،‬نرى ذلك‬
‫وأنها لن تسكت عن حقها المستلب‬       ‫كل يوم‪ ،‬إنهم يسيئون لليهود‪،‬‬            ‫المرتبطين بالأحزاب الدينية‬
                                  ‫ويفعلون ما يحلو لهم‪ .‬يخرجون‬            ‫والقومية‪ ،‬الذين سيطروا على‬
    ‫إذا استطاعت استجماع قوتها‬      ‫إلى تظاهرات عنيفة تؤدي أحيا ًنا‬        ‫المسيرة عبر تاريخها الطويل‬
  ‫والتقاط أنفاسها‪ ،‬وإذا ستطاعت‬     ‫إلى اعتداءات غوغائية‪ .‬يدوسون‬      ‫وصبغوها شيئًا فشيئًا بصبغتهم‪،‬‬
  ‫التوحد حول فكرة ما مثلما كان‬        ‫على الأعلام الإسرائيلية»‪ .‬في‬        ‫والملاحظ في هذه المسألة هو‬
  ‫مع مشروع الناصرية والقومية‬      ‫حين اعتبر عضو الكنيست أورن‬
 ‫العربية‪ ،‬أو مع مشروع الثورات‬      ‫حزان‪ ،‬أن رفع العلم الإسرائيلي‬           ‫موقف إدارة بايدن‪ ،‬فبعدما‬
  ‫العربية في القرن العشرين التي‬    ‫في المسيرة «الطريقة التي نشكر‬        ‫كان في بداية فترة ولايته العام‬
                                        ‫بها الدولة‪ .‬العلم لا يسيء‬      ‫الماضي يشيع أنه سيقوم بإلغاء‬
      ‫تعرضت للاستقطاب والتيه‬         ‫لأي شخص وحان الوقت بأن‬
 ‫وغياب التمثيل السياسي الناجح‬                                              ‫كل ما فعله سلفه ترامب في‬
                                                     ‫نحترمه»(‪.)5‬‬           ‫صفقة القرن‪ ،‬وتحدي ًدا فيما‬
                    ‫المعبر عنها‪.‬‬         ‫وتشير خطوات التصعيد‬              ‫يخص إجراءات نقل السفارة‬
 ‫من هنا فالصهيونية وتصوراتها‬         ‫الصهيونية التي شملت اغتيال‬             ‫الأمريكية للقدس‪ ،‬يبدو أن‬
                                    ‫الصحفية شيرين أبوعاقلة؛ إلى‬        ‫بايدن بتصريحاته حول الأديان‬
     ‫النظرية تخبرها بالطرق على‬      ‫أن الصهيونية تسير على خطى‬              ‫الإبراهيمية واجتماع النقب‬
  ‫الحديد وهو ساخن‪ ،‬واستغلال‬       ‫السياسات الأمريكية في استنادها‬          ‫الذي حضره وزير خارجيته‬
‫الظرف الدولي وتوظيف تناقضاته‬         ‫إلى مراكز البحوث وما تضعه‬           ‫بلينكن‪ ،‬يميل وإدارته لتطبيق‬
                                       ‫من قراءة للأنماط التاريخية‬       ‫نسخة معدلة من صفقة القرن‪،‬‬
     ‫الجديدة لصالحها‪ ،‬والتحرك‬     ‫لدراسة حالة الشرق العربي‪ ،‬وما‬          ‫مدفو ًعا بالصراع مع الصعود‬
     ‫للأمام لتنفيذ سياسة تهويد‬     ‫تضعه من سيناريوهات وخطط‬               ‫الروسي ومشروع الأوراسية‬
      ‫القدس والحضور في البقعة‬                                        ‫الجديدة وغزو أوكرانيا‪ ،‬ومحاولة‬
‫المقدسة ومحيط المسجد الأقصى‪،‬‬                                            ‫ضبط تحالفات الشرق الأوسط‬
  ‫والجديد أنهم هذا العام سمحوا‬                                         ‫بسياسة جديدة تعطي الأولوية‬
   ‫بممارسات دينية داخل باحات‬                                         ‫لمواجهة التمدد الروسي وتحالفاته‬
     ‫المسجد الأقصى ربما تحدث‬
  ‫للمرة الأولى بهذا الشكل وبهذه‬
   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142