Page 141 - merit 47
P. 141

‫‪139‬‬        ‫تجديد الخطاب‬

‫طارق فهمي‬  ‫شيرين أبوعاقلة‬                            ‫دونالد ترامب‬         ‫و»إسرائيل»‪ ،‬إلا أنها في واقع‬
                                                                        ‫الأمر ليست كذلك أب ًدا! وتكاد لا‬
     ‫مطالب الفلسطينيين وطموح‬            ‫من أشكال للتعاون مؤسسي‬           ‫تمت للكويز بصلة‪ ،‬لأن اتفاقية‬
     ‫الصعود العربي الذي حملته‬       ‫النطاق (كان يبررها تيار التطبيع‬     ‫الكويز ببساطة كانت عبارة عن‬
    ‫الثورات العربية‪ ،‬هي انتصار‬      ‫بحجة أنها مفروضة عليه لضعف‬        ‫ميزة تفضيلية للمنتجات المصرية‬
   ‫لوجهة نظر الإمارات واعتراف‬       ‫قدرته على المناورة في السياسات‬     ‫الموجهة للتصدير لأمريكا‪ ،‬شرط‬
    ‫مصري بغياب السيناريوهات‬                                           ‫وجود نسبة مكونات «إسرائيلية»‬
 ‫الفعالة‪ ،‬لمواجهة المستقبل العربي‬     ‫الخارجية وتحت ضغط الحاجة‬         ‫الصنع أو المنشأ بها‪ ،‬كانت حيلة‬
 ‫وضبط سياساته الخارجية‪ ،‬هي‬             ‫للدعم الغربي‪ /‬الأمريكي لرفد‬      ‫أمريكية‪ /‬صهيونية تحت ضغط‬
 ‫إشارة إلى إفلاس جيل هيمن على‬          ‫الاقتصاد الداخلي وهشاشته)‪،‬‬      ‫التراجع الاقتصادي لمصر‪ ،‬لرفع‬
    ‫السياسات الخارجية المصرية‬                                            ‫درجة التطبيع بعض الشيء في‬
    ‫وفق منطق الرد فعل‪ ،‬وتبرير‬            ‫إنما هذه الاتفاقية هي بداية‬   ‫ظل الرفض الشعبي المصري له‪،‬‬
    ‫الهزيمة والتكيف مع «سيادة‬          ‫لعصر جديد تما ًما تتحول فيه‬     ‫وعبر التصدير لأمريكا بمميزات‬
                                    ‫مصر من مرحلة التطبيع القديمة‪،‬‬     ‫جمركية وضريبية تفضيلية‪ ،‬حيث‬
       ‫الآخرين» والاستلاب لهم‪،‬‬         ‫لتكون أقرب لمرحلة الاتفاقيات‬
  ‫وإمساك العصا من المنتصف في‬                                              ‫كان ضعف الأداء الاقتصادي‬
‫معظم المسارات ورفع راية الشيء‬             ‫الإبراهيمية وصفقة القرن‬         ‫هو بيت الداء الذي يدخل منه‬
                                       ‫وخطاب الاستلاب للصهيونية‬          ‫الخصوم والأعداء دو ًما لمصر‪،‬‬
         ‫ونقيضه في وقت واحد‪.‬‬        ‫الذي كان يبشر به يوسف زيدان‬          ‫ولكنها كانت تمر لأنها لم تكن‬
      ‫والمشكلة بجلاء هي إفلاس‬        ‫ومراد وهبة وآخرون في الإعلام‬       ‫تباد ًل تجار ًّيا مباش ًرا بين مصر‬
     ‫«المستودع الفكري» (‪Think‬‬                                           ‫والدولة الصهيونية «إسرائيل»‪،‬‬
     ‫‪ )Tank‬لتيار التطبيع القديم‬                           ‫المصري‪.‬‬       ‫إذ كان ملخص «اتفاقية الكويز»‬
      ‫في مصر وعجزه عن تقديم‬           ‫هي انتصار لوجهة نظر تمرير‬            ‫تصدير منتجات مصرية إلى‬
  ‫سيناريوهات استباقية أو حتى‬           ‫السيادة الصهيونية والتمكين‬        ‫أمريكا بميزات تفضيلية شرط‬
‫تفاعلية مع اللحظة العالمية الراهنة‬
                                            ‫الاقتصادي والثقافي لها‪،‬‬           ‫وجود نسبة من المكونات‬
                                    ‫باعتبارها ممثل الحضارة الغربية‬     ‫«إسرائيلية» المنشأ بها‪ ،‬ولم تكن‬
                                                                       ‫أب ًدا تباد ًل مباش ًرا للمنتجات بين‬
                                       ‫في المنطقة العربية‪ ،‬مع تجاهل‬
                                                                                              ‫البلدين‪.‬‬
                                                                             ‫إنما يختلف الأمر تما ًما في‬
                                                                        ‫فلسفة «اتفاقية النفاذ» الجديدة‪،‬‬
                                                                         ‫فما لم ُيعلن عنه ‪-‬ويقبع ثقي ًل‬
                                                                         ‫مري ًرا كئيبًا بين السطور‪ -‬هو‬
                                                                             ‫دخول العلاقات المصرية‪/‬‬
                                                                          ‫«الإسرائيلية» مرحلة جديدة‪،‬‬
                                                                       ‫ووفق فلسفة جديدة وهي فلسفة‬
                                                                           ‫التبادل التجاري المباشر على‬
                                                                         ‫مستوى السلع المتنوعة‪ ،‬وليس‬
                                                                         ‫على مستوى الغاز مث ًل كسلعة‬
                                                                         ‫استراتيجية تتحكم فيها الدولة‬
                                                                          ‫كما كان ساب ًقا‪ ،‬أو ما شابهها‬
   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146