Page 143 - merit 47
P. 143

‫تشير خطوات التصعيد الصهيونية التي‬                                    ‫لمرحلة الذروة في ملف أوكرانيا‪،‬‬
‫شملت اغتيال الصحفية شيرين أبوعاقلة؛‬                                       ‫الأولى كانت مرحلة الثبات‬

      ‫إلى أن الصهيونية تسير على خطى‬                                   ‫والتأكيد على الحضور في الملف‬
  ‫السياسات الأمريكية في استنادها إلى‬                                  ‫السوري‪ ،‬والثانية كانت مرحلة‬
                                                                     ‫التمدد والإعلان عن الذات بقوة‬
      ‫مراكز البحوث وما تضعه من قراءة‬                               ‫في ملف «سد النهضة» والانتصار‬
   ‫للأنماط التاريخية لدراسة حالة الشرق‬                                ‫لوجهة النظر الأثيوبية‪ ،‬وأخي ًرا‬
                                                                   ‫كان ملف أوكرانيا ودك الحصون‬
    ‫العربي‪ ،‬وما تضعه من سيناريوهات‬                                    ‫والقواعد العسكرية التي دعمها‬
      ‫وخطط تطبيقية بأنماط مستقبلية‬                                     ‫الغرب وحلف الأطلسي هناك‪،‬‬
      ‫مبنية على التحليلات التاريخية تلك‪،‬‬                             ‫لينقسم العالم وتتعدد المقاربات‬
    ‫فالصهيونية تعتبر نفسها في حالة‬                                   ‫في السياسة الدولية تجاه صدام‬
                                                                    ‫الأوراسية والصعود الروسي في‬
                       ‫عداء دائم مع العرب‪.‬‬                         ‫مواجهة أمريكا والأطلسية‪ ،‬ليبحث‬
                                                                    ‫الجميع لنفسه عن موطئ قدم في‬
‫عرف باسم «اتفاقية تسهيل نفاذ‬         ‫والنهضة‪ ،‬ودعاة التكيف مع‬         ‫النظام العالمي الجديد الذي قيد‬
    ‫السلع بين مصر وإسرائيل»‬        ‫«سيادة الآخرين» وقبول الأمر‬
                                 ‫الواقع والتعايش معه والاستفادة‬                       ‫التشكل الآن‪.‬‬
 ‫والتي أعلن عنها مؤخ ًرا بتاريخ‬  ‫منه بالفتات أو ما يمكن الحصول‬           ‫‪ -3‬الصراع الهوياتي بين‬
           ‫‪ 31‬مارس ‪2022‬م‪.‬‬        ‫عليه‪ ،‬وذلك ما تبدى مؤخ ًرا حيث‬
                                  ‫حقق فريق التعايش مع «سيادة‬                ‫فريقي سيادة الآخرين‬
  ‫وتواكب ذلك ‪-‬أو جاء لاح ًقا‪-‬‬     ‫الآخرين» في مصر نقطة جديدة‬                     ‫واستعادة الذات‪:‬‬
    ‫لما عرف باجتماع النقب يوم‬    ‫لصالحه‪ ،‬وهو الفريق الذي تعود‬
    ‫‪ 28‬مارس من الشهر نفسه‬                                                ‫من زاوية أوضح سنجد أن‬
 ‫(في الأرض العربية الفلسطينية‬        ‫جذوره لقبول توقيع «اتفاقية‬          ‫الساحة الدولية تبشر بعالم‬
  ‫المحتلة) الذي ضم عدة وزراء‬         ‫كامب دافيد» ودعم سياسات‬        ‫جديد؛ فهناك لحظات مفصلية في‬
                                                                       ‫التاريخ تشبه المخاض وتشهد‬
       ‫خارجية عرب (الإمارات‬            ‫التبعية السياسية والثقافية‬       ‫ميلاد أمم جديدة وأفول أمم‬
    ‫والبحرين والمغرب ومصر)‪،‬‬            ‫والاقتصادية‪ ،‬بعد مشروع‬         ‫أخرى‪ ،‬وعادة في تلك اللحظات‬
   ‫بالإضافة إلى وزير الخارجية‬       ‫الصعود والاستقلال في العهد‬        ‫تنقسم كل البلدان إلى فريقين‪:‬‬
   ‫الصهيوني‪ ،‬ووزير الخارجية‬        ‫الناصري ‪-‬رغم كل الملاحظات‬          ‫فريق يحاول «استعادة الذات»‬
 ‫الأمريكي‪ ،‬ونلاحظ أن الاجتماع‬     ‫عليه‪ ،-‬فهذا الفريق نجح مؤخ ًرا‬    ‫والعمل لمقومات نهضتها الثقافية‬
‫ضم دول الاستلاب والاتفاقيات‬          ‫في دفع سياسات البلاد نحو‬       ‫والسياسية والاقتصادية ويبحث‬
   ‫الإبراهيمية الثلاثة بالإضافة‬  ‫إعادة إنتاج اتفاقية «الكويز» تحت‬     ‫في «مستودع هويته» عن ذلك‪،‬‬
   ‫إلى مصر (من دولتي التطبيع‬       ‫دعاوى التعاون الاقتصادي مع‬      ‫وفريق يسعى للتكيف مع «سيادة‬
   ‫القديم)‪ ،‬فيما غابت الأردن في‬     ‫دولة «إسرائيل» وأمريكا‪ ،‬فيما‬     ‫الآخرين» وينظر في فتات الموائد‬
  ‫ملاحظة مهمة‪ ،‬والأهم أنه بعد‬                                       ‫ويعيش عليه‪ ،‬والحقيقة أن مصر‬
                                                                     ‫في أزمة وجودية وليست ببعيدة‬
                                                                         ‫أب ًدا لا عن اللحظة التاريخية‬
                                                                   ‫المفصلية الراهنة‪ ،‬ولا عن الصراع‬
                                                                      ‫بين الفريقين‪ ..‬دعاة «استعادة‬
                                                                     ‫الذات» وبناء التراكم الحضاري‬
   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147   148