Page 142 - merit 47
P. 142

‫العـدد ‪47‬‬                          ‫‪140‬‬

                                  ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫مصر وإسرائيل» الهزيمة العربية‬      ‫تام لسياسات ترامب القائمة على‬           ‫وموقف الذات العربية منها‪،‬‬
‫والمصرية الأخيرة؛ إذا استمر تيار‬    ‫تفجير التناقضات‪ ،‬ولم يكن على‬          ‫حتى انتهى الأمر بمصر الآن‬
                                   ‫قدر المسئولية في وضع «محفظة‬          ‫بعد توقيع «اتفاقية النفاذ» لتكاد‬
   ‫التطبيع القديم في سياسات رد‬                                            ‫تصبح مجرد صوت منخفض‬
   ‫الفعل وتبرير الهزيمة والتكيف‬      ‫سيناريوهات» تتوقع مساراته‬           ‫في المنطقة فعليًّا‪ ،‬وتتآكل قواها‬
  ‫مع «سيادة الآخرين» ‪-‬وتمرير‬         ‫وبدائل مواجهتها‪ ،‬ولولا بعض‬
                                     ‫الجهود الفردية من خارج هذا‬              ‫الناعمة لسبب بسيط دون‬
      ‫صفقة القرن «المعدلة»‪ -‬في‬       ‫التيار لتورطت مصر في حينه‪،‬‬             ‫تعقيدات نظرية ومفاهيمية‪،‬‬
     ‫مواقعه‪ ،‬ومعضلة هذا التيار‬                                          ‫فمصر تتآكل لأنها تتحرك دون‬
  ‫أنه يزايد باسم الوطنية وباسم‬           ‫كما دعم هذا التيار خطاب‬          ‫دفاعها الفعال عما تمثله وعما‬
‫حضوره داخل مؤسسات الدولة‪،‬‬             ‫الاستلاب في الإعلام المصري‬           ‫تحمله على كتفيها من تاريخ‬
     ‫ولو تم تشكيل لجنة محايدة‬      ‫كمقاربة منه لتمرير صفقة القرن‬          ‫والتزامات حضارية وقومية‪..‬‬
     ‫لـ»قياس أداء» هذا التيار في‬  ‫تح ُّسبًا لإفلاسه التام‪ ،‬واضطراره‬        ‫ودون أن تدافع عن محددات‬
  ‫كافة مؤسسات الدولة المصرية‬          ‫لأن يقبل بالصفقة إذا لم يجد‬        ‫«مستودع الهوية» العربي‪ ،‬فلو‬
   ‫المتعلقة بالسياسات الخارجية‪،‬‬                                           ‫تحملت مصر المسئولية لالتف‬
   ‫لصدر القرار على الفور بإحالة‬             ‫حلو ًل كافية لمواجهتها‪.‬‬    ‫حولها العالم العربي والإسلامي‬
   ‫هذا التيار إلى المعاش وتكريمه‬   ‫ومن ثم يلجأ تيار التطبيع القديم‬        ‫والأفريقي‪ ،‬لكنها الآن تتحرك‬
    ‫على فترة خدمته الطويلة‪ ،‬لقد‬                                        ‫وفق سياسات خارجية ميتة تقع‬
‫فشل فريق التبعية في توقع مسار‬            ‫مجد ًدا لسياسات رد الفعل‬          ‫حقيقة خارج الزمان والمكان‪،‬‬
‫الأوراسية وغزو أوكرانيا‪ ،‬وفشل‬       ‫والخضوع للتوجهات الأمريكية‬        ‫سياسات خارجية رد فعل لا تملك‬
     ‫قبلها في ملف «سد النهضة»‬                                         ‫أي تصور لمواجهة اللحظة العالمية‬
   ‫في فهم سيناريوهات «الشريك‬          ‫والصهيونية وتوقيع «اتفاقية‬
‫الإماراتي»‪ ،‬والصفعة القوية التي‬   ‫النفاذ» مع إسرائيل‪ ،‬وفي ظل فشل‬                              ‫الراهنة‪.‬‬
‫وجهتها له الإمارات حينما ضخت‬                                          ‫‪ -2‬معضلة تيار التطبيع القديم‬
  ‫أموالها لتمول الحلف الذي دعم‬       ‫هذا التيار في إدارة التناقضات‬
 ‫آبي أحمد في مواجهته العسكرية‬       ‫الحاضرة في «مستودع الهوية»‬             ‫ومقاربة التكيف مع سيادة‬
    ‫مع التيجراي قرب نهاية عام‬        ‫العربي‪ ،‬خاصة التمدد الشيعي‬                              ‫الآخرين‬
  ‫‪2021‬م‪ ،‬وهو الحلف الذي ضم‬          ‫مع إيران والنفوذ القوي لتركيا‬
  ‫روسيا والصين وإيران وتركيا‪،‬‬       ‫وذاكرتها العثمانية‪ ،‬واستمر في‬         ‫والحقيقة أن هناك تقصي ًرا في‬
‫فقد عجز هذا الفريق عن الخروج‬      ‫سياسة رد الفعل ودعم التوجهات‬               ‫إدارة السياسات الخارجية‬
 ‫بسياسات كلية بديلة في مواجهة‬      ‫الإماراتية والسعودية والخليجية‬
   ‫الإمارات والحلف الدولي‪ ،‬حتى‬                                          ‫المصرية‪ ،‬يرجع بالأساس لدور‬
    ‫وصلت الأمور للحظة الحالية‬         ‫عمو ًما‪ ،‬ثم الاتجاهات الدولية‬      ‫تيار التطبيع القديم المنتشر في‬
  ‫وذروة الصدام الدولي‪ ،‬وهو ما‬          ‫التي ظهرت مؤخ ًرا في الملف‬       ‫كافة المؤسسسات المصرية ذات‬
     ‫فشل فريق التبعية في توقعه‬     ‫اليمني على سبيل المثال‪ ،‬والمشكلة‬        ‫الصلة (وليس فقط في حقيبة‬
      ‫أي ًضا رغم إشارة الكثيرين‬     ‫جذرية تجاه تيار التطبيع القديم‬
   ‫لصعود الأوراسية وروسيا في‬         ‫ومنطلقاته التاريخية في مصر‪،‬‬           ‫وزارة الخارجية) ومحددات‬
 ‫مواجهة أمريكا وحلف الأطلسي‪،‬‬      ‫ذلك لأن التصورات الاستراتيجية‬            ‫عمله وتصوراته الكلية‪ ،‬فلقد‬
   ‫فقد مرت الأوراسية والصعود‬      ‫أو المنطلقات النظرية لتيار التطبيع‬     ‫فشل هذا التيار في توقع مسار‬
    ‫الروسي بمرحلتين رئيسيتين‬         ‫القديم قاصرة بشدة‪ ،‬وعاجزة‬
 ‫على الصعيد الدولي قبل أن تصل‬      ‫بالأساس عن فهم اللحظة العالمية‬             ‫الأوراسية ودوره في سد‬
                                  ‫الراهنة وفهم متغيراتها‪ ،‬فما البال‬      ‫النهضة وتقديم البدائل لضبط‬
                                     ‫بوضع البدائل والسيناريوهات‬           ‫هذا المسار بما يخدم المصالح‬
                                                                          ‫المصرية والعربية‪ ،‬وفشل هذا‬
                                                      ‫المحتملة لها‪.‬‬    ‫التيار في وضع مقاربات لمواجهة‬
                                       ‫وبهذه الطريقة في التفكير لن‬        ‫«صفقة القرن» وكان رد فعل‬
                                     ‫تكون «اتفاقية نفاذ السلع بين‬
   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146   147