Page 152 - merit 47
P. 152

‫تناقضات الهوية العربية التي‬              ‫في سياق المزيد من الثنائيات‬
      ‫تطرحها الدراسة في اللحظة‬       ‫والصراع الحدي المتجذر في "المسألة‬
       ‫التاريخية الراهنة؛ لا بد أن‬
       ‫تعتمد على ثلاث مقاربات‪:‬‬         ‫الأوروبية" التي تأثر بها مراد وهبة‬
      ‫التسكين‪ -‬الكبح‪ -‬المشترك‪،‬‬      ‫كثيًرا‪ ،‬نجده يطرح ثنائية الاستقطاب‬

   ‫أو ًل تسكين المواجهة مع بعض‬                 ‫والصراع الحدي بين تل أبيب‬
    ‫المكونات (التركي‪ /‬الإيراني)‪،‬‬          ‫وأورشليم‪ ،‬حيث سنجد أنه ينتصر‬
     ‫وضبط التقدم وكبح صعود‬            ‫للعدوان والقتل والعنصرية والسلب‬
 ‫بعض المكونات الأخرى (المركزية‬           ‫الذين قام بهم الصهاينة الأوائل‬
   ‫السوداء والصهيونية)‪ ،‬والعمل‬          ‫بحق الفلسطينيين‪ ،‬لمجرد أن مراد‬
 ‫لزيادة مساحة «المشترك الثقافي»‬         ‫وهبة وجد أثر "المتلازمة النفسية"‬
                                    ‫(السيندروم) لثنائية حدية جديدة بين‬
       ‫بين الدول العربية بعضها‬         ‫الأصولية والعلمانية في "إسرائيل"!‬
                        ‫البعض‪.‬‬
                                      ‫الإجمال سوف تقترح الدراسة‬             ‫والحضور في اليمن ووجهات‬
‫‪ -3‬المراكز التاريخية ودورها في‬       ‫في فرضيتها لتسكين التناقضات‬            ‫النظر المتباينة للفاعلين العرب‬
    ‫فرضية تسكين التناقضات‪:‬‬                                                   ‫هناك‪ ،‬هذا بالطبع إضافة إلى‬
                                            ‫العربية في مواجهة عملية‬     ‫التناقضات الدولية الحاضرة بقوة‬
‫إن الذي يصنع الفرق بين أطراف‬        ‫تفجيرها‪ ،‬أن يتم تسكين التناقض‬          ‫في الإقليم بشكل ناعم وخشن‪.‬‬
     ‫الحواضن التاريخية الخاصة‬                                                ‫وفي ظل صفقة القرن المعدلة‬
                                         ‫مع المكون الإيراني والتركي‬       ‫ومخطط بايدن ووزير خارجيته‬
‫بـ»مستودعات الهوية» للجماعات‬        ‫وضبط مكون المركزية العنصرية‬          ‫في «اجتماع النقب» و»قمة جدة»؛‬
       ‫البشرية عبر التاريخ وبين‬      ‫السوداء‪ ،‬مع تسكين التناقضات‬            ‫كان تفجير التناقض الرئيسي‬
                                                                            ‫الذي يتم استخدامه للتمدد في‬
  ‫مراكزها؛ هو مبادرة المراكز على‬      ‫الداخلية والبينية‪ ،‬والتوزان مع‬
  ‫تحمل المسؤولية والالتزام تجاه‬     ‫الحضور الدولي في المنطقة‪ ،‬بهدف‬            ‫مستودع الهوية العربي هو‬
‫مسلمات وأسس هذه المستودعات‬          ‫تفويت الفرصة على أمريكا وكافة‬         ‫المكون الشيعي من خلال إيران‪،‬‬
  ‫الهوياتية‪ ،‬من هنا يجب الالتفات‬    ‫القوى الدولية و»إسرائيل» للتمدد‬      ‫فإيران تشترك مع الدول العربية‬
 ‫لدور المراكز التاريخية عند الذات‬                                         ‫في «مستودع الهوية» من خلال‬
                                        ‫والهيمنة على الإرادة العربية‪،‬‬     ‫المكون الديني للإسلام‪ ،‬فأمريكا‬
    ‫العربية وعلى رأسها مصر‪ ،‬إذ‬        ‫من خلال مشروع صفقة القرن‬          ‫والصهيونية تريد تفجير التناقض‬
     ‫لا بد لمصر أن تتبنى فرضية‬         ‫المعدلة والاتفاقيات الإبراهيمية‬
 ‫تسكين تناقضات العربية لإيقاف‬                                                 ‫القائم على الصراع المذهبي‬
     ‫نزيف الذات العربية والدفاع‬         ‫ومحاولة استقطاب العرب في‬           ‫بين الشيعة والسنة لتتمدد هي‬
 ‫عن مستودع هويتها‪ ،‬لأن القوى‬              ‫الصراع الدولي والحرب في‬          ‫على حساب هذا التناقض‪ ،‬وفي‬
      ‫الخليجية الجديدة الصاعدة‬                            ‫أوكرانيا‪.‬‬
‫مدفوعة بالفوئض المالية الضخمة‬
  ‫نتيجة لثروات الطاقة‪ ،‬واقعة إلى‬       ‫وإجما ًل يمكن القول إن فلسفة‬
     ‫حد بعيد في فخ غواية الذاتية‬       ‫«إدارة التناقضات» أو تسكين‬
  ‫وحماسة الصعود الفردي لبناء‬
 ‫نفوذ خاص بها‪ ،‬ولو على حساب‬
  ‫الذات العربية ومستودع هويتها‬
    ‫التاريخي ‪-‬بدون قصد أو عن‬
    ‫قصد‪ ،-‬وفي سبيل إعمال هذه‬
   ‫الفرضية والمقاربة عربيًّا يجب‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157