Page 157 - merit 47
P. 157

‫‪155‬‬               ‫تجديد الخطاب‬

‫نصر حامد أبو زيد‬  ‫ميشيل فوكو‬                       ‫إملي مارتن‬         ‫مشكلة النص‬

        ‫لسجالات‪ ،‬ومن ثم إلى‬                  ‫تحليل النصوص‪.‬‬        ‫النص هو «بنية لغوية تتجاوز‬
 ‫طغيان الأيديولوجيا والتأويل‬       ‫فآلية الناسخ والمنسوخ على‬      ‫حد الجملة المفيدة»(‪ ،)1‬التعريف‬
                                    ‫سبيل المثال لا يمكن حسم‬
                   ‫السلطوي‪.‬‬       ‫نتائجها موضوعيًّا‪ ،‬فأنت إما‬         ‫‪-‬كما هو واضح‪ -‬مسطح‬
  ‫هذا هو النص إذن وتلك هي‬                                            ‫ومصمت يتعامل مع النص‬
 ‫مشكلاته‪ .‬فماذا عن الخطاب؟‬           ‫أن تؤمن بالنسخ وبالأدلة‬
                                     ‫التراثية الداعمة لفكرته أو‬        ‫بإعتبار أنه «مجال محدد‬
   ‫مفهوم الخطاب‬                    ‫لا تؤمن‪ .‬وحيث إن الترتيب‬      ‫ومغلق ومكت ٍف بنفسه من حيث‬
                                      ‫التاريخي للآيات لا يمكن‬
    ‫الخطاب هو «مجموعة من‬            ‫إثباته فسيظل الجدل حوله‬          ‫دلالته»(‪ .)٢‬كان من الطبيعي‬
   ‫الرموز اللغوية والممارسات‬       ‫تحكمه الأيديولوجيا والرأي‬     ‫إذن أن يستخدم مفسرو القرآن‬
  ‫العملية يتم من خلالها خلق‪،‬‬
‫وتثبيت‪ ،‬وإضفاء الشرعية على‬                          ‫والتفضيل‪.‬‬      ‫‪-‬الذين تعاملوا معه من حيث‬
 ‫“المعنى”‪ ،‬في سياق اجتماعي‬         ‫وفي موضوع الحاكمية مث ًل‬          ‫كونه ن ًّصا‪ -‬أدوات «تحليل‬
‫وتاريخي معين»(‪ .)٣‬أو بتعبير‬
                                       ‫ستجد مثا ًل آخر لتحكم‬      ‫المضمون» للنصوص المكتوبة‪،‬‬
      ‫آخر‪ ،‬الخطاب هو عملية‬      ‫الأيديولوجيا ولانقسام فريقين‬          ‫فبحثوا في المعاني المعجمية‬
‫اجتماعية تاريخية لخلق المعني‬
                                    ‫حول تفسيرين لمعني كلمة‬       ‫للألفاظ‪ ،‬وفي غريب القرآن‪ ،‬وفي‬
                  ‫في سياق(‪.)٤‬‬    ‫«يحكم» في آيات سورة المائدة‬     ‫المجاز والاستعارة‪ ،‬وفي الدرس‬
 ‫نظرية الخطاب من النظريات‬       ‫«ومن لم يحكم بما أنزل الله‪،»..‬‬
  ‫البينية في العلوم يستخدمها‬     ‫وستجد أن كلا الفريقين يزعم‬         ‫البلاغي والأدبي‪ ،‬إلخ‪ .‬وكان‬
  ‫الباحثون في علوم الاجتماع‬      ‫أن تأويله هو الحقيقة المطلقة‪،‬‬       ‫من المفهوم (حيث إن النص‬
                                                                  ‫مكت ٍف بنفسه من حيث دلالته)‬
    ‫والأنثروبولوجيا والتاريخ‬       ‫وهو مراد الله عز وجل‪ ،‬مما‬      ‫أن ينتصر مبدأ «العبرة بعموم‬
                                     ‫أدى إلى تحويل التأويلات‬     ‫اللفظ لا بخصوص السبب» على‬

                                                                          ‫مبحث أسباب النزول‪.‬‬
                                                                     ‫وكان من المنطقي أي ًضا –ما‬
                                                                 ‫دمنا نحلل ن ًّصا‪ -‬أن يتم تفتيت‬
                                                                  ‫القرآن وتجزئته إلى آيات‪ ،‬طالما‬
                                                                   ‫تجاوزت كل منها «حد الجملة‬
                                                                  ‫المفيدة»‪ ،‬فأدي ذلك إلى قصور‬
                                                                    ‫هؤلاء المفسرين عن أن يروا‬
                                                                   ‫القرآن كسياق واحد متكامل‪،‬‬
                                                                 ‫وأن يفهموا التشريعي في ضوء‬

                                                                            ‫الروحي والأخلاقي‪.‬‬
                                                                       ‫أما أهم مشكلات التعامل‬
                                                                    ‫مع القرآن كنص فهو أن هذا‬
                                                                   ‫المدخل ‪-‬بطبيعته‪ -‬يحول دن‬
                                                                    ‫خلق أو استخدام أي وسيلة‬
                                                                 ‫موضوعية لحسم الخلاف حول‬
                                                                    ‫القضايا الملتبسة ‪-‬مثل توتر‬
                                                                    ‫القرآن‪ ،-‬وذلك بسبب طبيعة‬
                                                                  ‫الآليات التحليلية المستخدمة في‬
   152   153   154   155   156   157   158   159   160   161   162