Page 159 - merit 47
P. 159
157 تجديد الخطاب
( )١٦٤٢ -١٥٦٤عن مركزية مع المعارضة أو الحكومات مع الخطاب يخلق واق ًعا اجتماعيًّا
الإنسان في الخطاب الإلهي، المواطنين ،أو وسائل الإعلام جدي ًدا لم يكن موجو ًدا قبله،
وكيف انبثقت منه فكرة مع المتابعين ،أو خطب الجمعة وهو واقع لا يمكن أن نفهمه
مركزية الأرض في الكون،
والتي تحولت بفعل الخطاب وعظات الأحد مع المتعبدين ،أو بدقة بمجرد قراءة نص الحوار
القرآن مع أهل الكتاب مث ًل. المتبادل.
الكنسي إلى “حقيقة” ،وتكون
حول هذه «الحقيقة»« ،نظام وعلي مستوي آخر أكثر تعقي ًدا، ونستطيع من هذا المثل
حاكم للحقيقة» يحدد آليات نستطيع أن نقرر أن أهم أوجه البسيط أن نفهم تعقيد
دينية تفسيرية تميز بين تلك الخطاب هو قدرته على خلق ما
أسماه ميشيل فوكو (-١٩٢٦ عملية فهم ودراسة
الحقيقة والهرطقة الزائفة التي الخطاب ،وبمد الخط
تخالفها ،والمصادر التي تستقي « )١٩٨٤النظام الحاكم على استقامته يمكن تصور
للحقيقة» .Regime of truth
منها تلك الحقيقة ،والمتحدثين كيفية فهم خطابات أكثر أهمي ًة
باسم تلك الحقيقة من رجال النظم الحاكمة للحقيقة في وتأثي ًرا ،كخطاب الحكومات
الدين ،وهم من أصبح منوط مفهوم فوكو هي أنواع
بهم حمايتها ومن صلاحيتهم
محاكمة مهاجميها (كجاليليو) الخطابات التي تنظم وتحدد:
-1ماهو حقيقى
ومعاقبته.
ويمكننا أن نجد مقاربة حديثة -2الآليات التي تمكن
لهذا المثال في عالمنا الإسلامي الفرد من التمييز بين
في قضايا متعددة كثيرة ،يمكن
أن نختار منها مث ًل مبدأ «قوامة الحقيقي والزائف
-3المصادر
الرجل» ،وكيف انبثق منه
مفهوم «أفضلية جنس الرجال المعتمدة لما هو
حقيقى
على جنس النساء» ،والذي
تحول بفعل الخطاب الديني -4الطريقة التي
إلى “حقيقة” ،وتكون حول يتم بها اعتماد
هذه «الحقيقة» نظام حاكم
للحقيقة يحدد آليات تفسيرية «الحقيقة» وعقاب
المنكر لها
تدعمها ،ومصادر معتمدة
لها ومتحدثين رسميين من -5وضعية المتحدثين
رجال دين معتمدين يتحدثون باسم هذه الحقيقة،
باسمها ،وتهم بالكفر أو إنكار
المعلوم من الدين للمخالفين، وهنا يؤكد فوكو على أهمية
وكذلك إمكانية لمحاكمتهم (ولو الخطاب في خلق «الهوية» لأنه
معنو ًّيا) أو إنزال العقاب بهم.
هذه القدرة على خلق نظام يخلق أدوا ًرا للمشاركين فيه.
حاكم للحقيقة توضح أهمية في نظر فوكو النظم الحاكمة
الخطاب ،ولماذا اعتبره الباحثون للحقيقة التي ينتجها الخطاب
دائ ًما أكثر تأثي ًرا من «النص». نسبية وذاتية وغير موضوعية
ولا يمكن فصلها عن علاقات
القوة في المجتمع.
كمثال تطبيقي على ما سبق
يمكننا تأمل خطاب الكنيسة
الكاثوليكية في أوروبا في
زمن العالم الإيطالي جاليليو