Page 162 - merit 47
P. 162

‫التحدي بالتناقض بإعادة‬                                ‫العـدد ‪47‬‬                          ‫‪160‬‬
‫تصنيف خطابه وتوجيهه وجهة‬
                                                                          ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬   ‫والأنثروبولوجيا وعلم النفس‪،‬‬
    ‫الغموض‪ ،‬بحيث يصبح هو‬                                                                 ‫وبالمعلومات المستقاة ‪-‬مث ًل‪-‬‬
‫‪-‬أي الخطاب‪ -‬مرجعية التأويل‪.‬‬            ‫ولكني سأحاول فيما تلى أن‬                         ‫من الدراسات التاريخية لواقع‬
                                      ‫أعرض شذرات مما قدمه أبو‬                           ‫الجزيرة العربية في فترة نزول‬
  ‫تصبح بشرية المسيح ‪-‬وكونه‬
  ‫عب ًدا من عباد الله‪ -‬هو الأصل‬         ‫زيد كنماذج غير مكتملة لما‬                                    ‫الوحي وما قبلها‪.‬‬
  ‫(المحكم)‪ ،‬وما ورد من وصف‬             ‫يمكن لتلك الرؤية أن تقدمه‪،‬‬                            ‫كما أن هذه الآلية (تحليل‬
                                    ‫معتم ًدا في ذلك على محاضرتين‬                        ‫الخطاب) بحسب رأي أبو زيد‪،‬‬
    ‫بأنه الكلمة أو الروح تصبح‬      ‫ألقاهما في الإسكندرية في عامي‬                       ‫ستقدم تفسي ًرا أكثر موضوعية‪،‬‬
      ‫الفرع (المتشابه)‪ ،‬وتصبح‬                                                           ‫مما قبلها‪ ،‬لأنه سيكون تأوي ًل‬
                                              ‫‪ ٢٠٠٦‬و‪.)٧ ،٦(٢٠٠٨‬‬                               ‫نات ًجا عن منهجية فكرية‬
  ‫مشكلة النصاري أنهم عجزوا‬
     ‫عن التمييز بين المستويين‪،‬‬      ‫المساهمة في ترتيب‬                                                         ‫تحليلية‪.‬‬
                                           ‫النزول‬                                            ‫فعلي سبيل المثال (والمثال‬
 ‫ووقعوا نتيجة لذلك في معسكر‬                                                              ‫من عندى)‪ ،‬باستخدام تحليل‬
    ‫«الذين في قلوبهم زيغ» (آل‬              ‫دخل القرآن في حوارات‬                             ‫الخطاب لن يكون الاختيار‬
      ‫عمران‪ ،)٧ :‬الذين يتبعون‬         ‫ومساجلات مع المشركين في‬                              ‫بين عموم اللفظ وخصوص‬
   ‫المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء‬    ‫مكة ومع أهل الكتاب‪ ،‬ويمكن‬                           ‫السبب أيديولوجيًّا أو سلطو ًّيا‬
      ‫التأويل الذي “لا يعلمه الا‬                                                         ‫أو تفضيليًّا‪ ،‬بل لن يوجد هذا‬
   ‫الله»‪ .‬وبالتالي فتعميم المحكم‬         ‫من خلال دراسة الخطاب‬                          ‫السؤال أص ًل‪ ،‬وسيكون اعتماد‬
    ‫والمتشابه على مجمل القرآن‬            ‫القرآني في تلك الحوارات‬                             ‫«خصوص السبب» اتبا ًعا‬
    ‫مبني على فهم القرآن كنص‬        ‫والمساجلات تتبع تطور الخطاب‬                         ‫لمنهجية تحليلية تستلهم السياق‬
       ‫وتجاهل بنيته الخطابية‪.‬‬          ‫متواز ًيا مع تغير العلاقة مع‬                     ‫في الفهم والتفسير‪ .‬موضوعية‬
        ‫المساواه في أمر الزواج‬            ‫المخاطبين‪ ،‬ومع الأحداث‬                          ‫التفسير ستسمح بالاشتباك‬
                      ‫المختلط‪:‬‬         ‫التاريخية‪ .‬ويقترح نصر أن‬                         ‫أو الخلاف الفكري الموضوعي‬
                                    ‫«هذا الترتيب القائم على أساس‬                             ‫مع تلك التأويلات‪ ،‬وإنهاء‬
‫أوضح أبو زيد كيف أن مواقف‬            ‫التعامل مع القرآن من منظور‬                              ‫حالة السجال التي سادت‬
       ‫الفقهاء من قضية الزواج‬        ‫كونه خطا ًبا يمكن أن يساعدنا‬                       ‫تراثنا الديني‪ .‬غياب السلطوية‬
                                         ‫في عملية ترتيب النزول»‪.‬‬                       ‫والأيديولوجيا هو ما أسماه أبو‬
     ‫المختلط بين المسلمين وأهل‬                                                             ‫زيد «تأويلية ديموقراطية»‪.‬‬
 ‫الكتاب وتفسيرهم للآيات التي‬                ‫تفسير جديد للمحكم‬
‫تنظم تلك المسألة قد حكمه ثلاثة‬                         ‫والمتشابه‪:‬‬                               ‫غير أن جدة الموضوع‬
                                                                                         ‫والاختلاف النوعي في التناول‬
                         ‫أمور‪:‬‬      ‫من خلال تتبع الحوار القرآني‬
‫‪ -١‬نظرتهم للقرآن بوصفه ن ًّصا‬       ‫مع النصارى من التفاوض إلى‬                              ‫والمنهج والآليات بين تحليل‬
                                                                                        ‫الخطاب وبين كل ما سبقه من‬
   ‫قانونيًّا لايقبل تعدد الأحكام‪.‬‬     ‫الجدال يعلق أبو زيد على آية‬
      ‫‪ -٢‬رؤيتهم ‪-‬التاريخية‪-‬‬          ‫المحكم والمتشابه بقوله‪“ :‬وفي‬                          ‫منهجيات تراثية؛ تعتمد على‬
      ‫لسيادة الذكر على الأنثى‪.‬‬         ‫تقديري أن الخطاب في الآية‬                         ‫رؤية القرآن كنص تجعل من‬
                                    ‫يتعلق بالرد على فهم النصارى‬                           ‫الصعب التنبؤ بما يمكن لتلك‬
    ‫‪ -٣‬اعتبارهم مجال النشاط‬           ‫لوصف القرآن للمسيح بأنه‬                             ‫المحاولة أن تخلقه من أفكار‪.‬‬
      ‫الاجتماعى‪ ،‬الذي ميز فيه‬        ‫«كلمته ألقاها إلى مريم وروح‬                       ‫ونتائج خاصة‪ ،‬وقد توفي نصر‬
                                      ‫منه» (النساء‪ )١٧١ :‬بأنه فهم‬
‫الخطاب القرآني الذكور وتوجه‬                                                                ‫حامد أبو زيد قبل أن يكمل‬
  ‫لهم الخطاب‪ ،‬هو الأصل‪ ،‬وأن‬            ‫سقيم غير قادر على التمييز‬                         ‫إنتاجه الفكري في هذا المجال‪،‬‬
   ‫المساواة (في مجال العبادات)‬      ‫بين الواضح الغامض ‪-‬المحكم‬
                     ‫هي الفرع‪.‬‬     ‫والمتشابه‪ -‬في الخطاب القرآني‪.‬‬
                                    ‫هكذا استطاع القرآن أن يواجه‬
‫في حين يري أبو زيد أن بالقرآن‬
   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166   167