Page 163 - merit 47
P. 163
161 تجديد الخطاب
العقلانية والعدل والحرية أساسيًّا في تلك الجهود ،حيث خطاب «تباعد وانفصال»
بشكل لا يفصل بين التشريعي إنه يعتبر أن تلك الآية لم تأت في (نجد له أمثلة في سور
إطار خطاب إخبار الذات الإلهية
والعقيدي والقصصي .هي عن نفسها ،ولكنها أتت في إطار البقرة والكافرون على سبيل
رؤية تفهم المقاصد كمعاني خطاب تهديدي متوعد موجه إلى المثال) أعقبه خطاب «تعايش
تنتجها لغة في سياق تاريخي كفار مكة تحدي ًدا .ويرى أنه من
واجتماعي .وهي في ذلك وفي ومشاركة» (كما في سورة
ما ذكرناه من منهجية تتشابه الخطأ محاولة الاستدلال على المائدة) ،وأنه في ظل التعايش
مع دراسات تحليل الخطاب كما صفات لاهوتية دون أخذ نوع تم تحليل الطيبات من الأكل
والتزاوج .ويفهم أبو زيد خطاب
سبق وأوضحنا. الخطاب في الاعتبار. القرآن للذكور في مجال النشاط
رؤية المقاصد الكلية للشريعة الاجتماعي في سياقه التاريخي،
خاتمة وفي ظل علاقات القوة لعصر
في ضوء السياق الكلي التنزيل كخاصية خطابية قد
أوضحنا فيما سبق شذرات للخطاب القرآني:
لما يمكن لتحليل الخطاب أن استثمرت تاريخيًّا لصياغة
يقدمه من إضافات لجهود في تسعينيات القرن الماضي حقوق للذكور تتجاوز حدود
تفسير القرآن ،وهي إضافات نشر نصر حامد أبو زيد قصد الخطاب ذاته .في حين
نراها هامة لاختلافها نوعيًّا عن إن الأصل الأصيل هو خطاب
المناحي التي اتبعها المفسرون مقالة بعنوان «المقاصد الكلية المساواة كما يتبدي في الآيات
للشريعة ،قراءة جديدة»، التعبدية ،وأنه يتعين علينا أن
منذ البداية وحتي عصرنا نمد حكم الأصل على الفرع.
الحديث. اقترح فيها ثلاثة مقاصد كلية وقد أوحى أبو زيد من خلال
تستوعب المقاصد الكلية الخمسة ذلك -وإن لم يكتب صراحة-
هل نظن إذن أن تحليل الخطاب التقليدية (حفظ الدين ،والنفس،
هو فصل الخطاب لمعضلة توتر والعقل ،والنسل والمال) وكذلك أن في هذا الخطاب ما يمكن
المقاصد الجزئية .وهذه المقاصد أن يسمح بزواج المسلمة من
القرآن؟ هي العقلانية ،والحرية والعدل.
من المبكر الإجابة على هذا أهمية تلك الدراسة المبكرة لأبو الكتابي.
فهم اللاهوتي في ضوء نوع
السؤال ،فما لدينا من زيد تنبع من كونها أكثر من
اجتهادات لا يكفي بعد ،غير مجرد إضافة أو تعديل ،لأنها الخطاب:
انقسم المفسرون كثي ًرا حول
أننا نستطيع أن نقول ،إن تقترح تغيير في بنية مبحث تفسير آية «وإذا أردنا أن نهلك
تحليل الخطاب يعدنا بذلك. المقاصد ذاته. قرية أمرنا مترفيها ففسقوا
فيها فحق عليها القول فدمرناها
هو يعدنا بذلك لأن رؤية وأزعم أن في تلك القراءة
القرآن من حيث كونه خطا ًبا الجديدة إرهاصات جنينية لفهم تدميرا» (الإسراء،)١٦ :
وأجتهدوا في تحليل لفظ «أمرنا»
تنزع شبهة التناقض بين نصر للقرآن من حيث كونه
الآيات أو بين الأحكام، خطا ًبا كما تبلور في كتاباته بعد وهل هو من الفعل الثلاثي
أكثر من عشر سنوات .إذ إنها “أمر” أم من الفعل الرباعي
وتحول «التوتر» إلى جزء من قراءة تتناول السياق القرآني في “آمر” بمعني “أكثر” .وذلك
بنية القرآن وتعتبره تمثي ًل كليته ،وتتجاوز حدود الدلالات لكي ينفوا عن الله سبحانه
وتعالي الظلم لكونه أمر المترفين
لحلقات متتالية في سلسلة من اللغوية إلى تفاعل النص مع بالفسوق ثم عاقبهم عليه .غير
الحوارات والسجالات التي كان الواقع الاجتماعي والتاريخي. أن أبو زيد يرى خطأ منهجيًّا
قراءة نصر الجديدة للمقاصد
القرآن طر ًفا فيها مع أطراف
متعددة في واقع اجتماعي كانت نتاج محاولته لتتبع
يتغير. السياق القرآني المنتج لمفاهيم