Page 168 - merit 47
P. 168

‫العـدد ‪47‬‬                              ‫‪166‬‬

                                ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬                      ‫الحاج عن وضع تصور لفئة‬
                                                                 ‫جديدة‪ ،‬حتى وإن كان التم ُّوه‬
      ‫وظائف الشاعر في أي‬           ‫يحتمل أن يسبح في فضاء‬         ‫بين الشعر والنثر موجو ًدا في‬
   ‫زمان هو اكتشاف ماهية‬         ‫شاسع على نحو حر‪ .‬فبمجرد‬           ‫الأدب العربي قبل ذلك بعدة‬
  ‫الشعر في زمانه عبر فكره‬                                        ‫قرون‪ .‬مما يترتب عليه القول‬
   ‫وأحاسيسه»(‪ .)2‬فالشعراء‬          ‫أن قفزت القصيدة العربية‬
  ‫لا ُيع ِّرفون الشعر بقدر ما‬    ‫فوق سياج الوزن الشعري‪،‬‬             ‫بأن قصيدة النثر العربية‬
   ‫يكتشفونه مرا ًرا وتكرا ًرا‪،‬‬   ‫ع َّرضت نفسها لأسئلة ُملِ َّحة‬   ‫لم ُت ْخ َت َرع عام ‪ ،1960‬وإنما‬
                                  ‫وأساسية حول لعبة الشعر‬
      ‫والقصائد كذلك ليست‬         ‫ذاتها‪ ،‬وإمكانياتها‪ ،‬والحدود‬         ‫اكتسبت لها اس ًما؛ وكان‬
       ‫تعريفات للشعر بقدر‬                                         ‫ُيشار إليها بوصفها مشكلة‬
     ‫كونها مكاشفة له؛ فهي‬              ‫الجديدة لميدان اللعب‪.‬‬
    ‫تكشف النقاب عن أوجه‬         ‫وبالرغم من مزاعمها المتعلقة‬          ‫أو سببًا في مشكلة‪ .‬حيث‬
 ‫الشعر الخفية والمتغيرة على‬     ‫بالنزوع إلى الحرية والفردية‬        ‫يرجع تاريخ الكتابات التي‬
  ‫الدوام‪ .‬وتعد قصيدة النثر‬                                       ‫يمكن وصفها بالشعر المنثور‬
   ‫أحدث مكاشفة في الشعر‬            ‫والهدم والديموقراطية‪ ،‬إلا‬
    ‫العربي‪ .‬وعلى الرغم من‬          ‫أن القوة المحركة لقصيدة‬            ‫أو النثر ذي الخصائص‬
    ‫وجود مصطلح “قصيدة‬              ‫النثر العربية ‪-‬حتى الآن‪-‬‬        ‫الشعرية إلى النثر الجاهلي‪،‬‬
 ‫النثر” الآن في اللغة العربية‬    ‫هي سعيها وراء ذلك التوتر‬          ‫والقرآن الكريم‪ ،‬والكتابات‬
 ‫كمصطلح معروف و”جنس‬              ‫المنظم الذي يخلق القصيدة؛‬          ‫الصوفية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬متى‬
    ‫أدبي” شعري مميز منذ‬                                          ‫ُق ِد َمت عبارة “قصيدة النثر”‬
  ‫أوائل الستينيات من القرن‬           ‫أعني ذلك التروي الذي‬
   ‫العشرين‪ ،‬إلا أنها لا تزال‬       ‫يوجه الشرود أو الخروج‬              ‫بوصفها تجريد بسيط‪،‬‬
  ‫تعتبر تجدي ًدا في غير محله‬        ‫عن المسار؛ ذلك التصميم‬         ‫خرج كل هذا التراث الغني‬
 ‫إلى حد ما‪ .‬حيث إن الفجوة‬         ‫الذي يشحذ نهايات الجمل‬         ‫الذي سبقها إلى حيز الوجود‬
 ‫الشاسعة بين قصيدة النثر‬        ‫لتتحول إلى موسيقى‪ ،‬وينحت‬           ‫بوصفه تاري ًخا‪ ،‬وأصبحت‬
   ‫العربي والتراث الشعري‬            ‫اللاشيء لكي ُيخ ِرج منه‬
   ‫العربي هي ما يجعلها إلى‬                                            ‫القصيدة النثرية عدسة‬
‫حد كبير حية ومثيرة للجدل‪،‬‬             ‫صورة واضحة المعالم‪.‬‬             ‫نقدية أو فئة منغلقة من‬
 ‫وما منحها أي ًضا قوة نقدية‬      ‫في كتابه «الملاك الضروري”‬       ‫المنتج الشعري‪ .‬وكان زعمها‬
                                                                   ‫الرئيسي أنها تعتبر شع ًرا‪،‬‬
                                  ‫‪،The Necessary Angel‬‬                ‫وأن وحداتها الأساسية‬
                                     ‫كتب الشاعر الأمريكي‪،‬‬           ‫هي قصائد متحررة تما ًما‬

                                   ‫والاس ستيفنز ‪Wallace‬‬                      ‫من قيود الوزن‬
                                       ‫‪« ،Stevens‬إن إحدى‬                    ‫الشعري والشكل‬

                                                                              ‫المعروف سل ًفا‪.‬‬
                                                                               ‫لكن الشعر لا‬
                                                                              ‫يمكن تحريره‪.‬‬

                                                                                  ‫فالشعر لا‬
                                                                              ‫يعد شع ًرا على‬
                                                                               ‫الإطلاق إن لم‬
                                                                             ‫يكن به توتر‪ ،‬أو‬
                                                                               ‫بالأحرى ذلك‬
                                                                                ‫التوتر المنظم‬
                                                                               ‫المنغم الذي لا‬
   163   164   165   166   167   168   169   170   171   172   173