Page 173 - merit 47
P. 173

‫حول العالم ‪1 7 1‬‬

‫والاس ستيفنز‬  ‫نازك الملائكة‬    ‫محمود درويش‬                       ‫على كاتبها‪ .‬وهذه الحدود‬
                                                                 ‫ملحة‪ ،‬أعني كل من حدود‬
    ‫وإتاحته‪ ،‬تصبح قصيدة‬         ‫وبالتالي إبراز نقاط الاتصال‬   ‫الصفحة‪ ،‬والهوامش البيضاء‬
     ‫النثر فضاء تتداخل فيه‬        ‫والاختلاف‪ ،‬هي «إطار من‬        ‫التي تؤطر أي قصيدة نثر‪،‬‬
  ‫الضرورات الشعرية وغير‬                 ‫الفضاء المتميز»(‪.)12‬‬    ‫والتي تربطها بقطع أخرى‬
   ‫الشعرية‪ .‬علاوة على ذلك‪،‬‬             ‫وبالتفكير في الحدود‬
  ‫تضع قصيدة النثر العلاقة‬         ‫والسياق م ًعا‪ ،‬يمكن القول‬         ‫في مجموعة شعرية أو‬
    ‫مع الآخر (غير العربي)‪،‬‬         ‫إن قصيدة النثر هي نص‬       ‫تفصلها عنها‪ ،‬وكذلك الحدود‬
‫والصلة مع الماضي الشعري‪،‬‬           ‫لا يمكن أن يوجد إلا على‬    ‫النظرية التي تميزها عن النثر‬
 ‫والمواقف تجاه اللغة العربية‬    ‫حواف الأجناس الأدبية‪ ،‬أي‬       ‫والشعر بينما تشركهما م ًعا‬
‫موضع شك‪ .‬ويذهب البعض‬
 ‫إلى حد اعتبار تقديم قصيدة‬      ‫في الخط الأمامي أو الواجهة‬       ‫في افتراضاتها‪ .‬في الواقع‪،‬‬
 ‫النثر بمثابة انقطاع وتدمير‬         ‫حيث تلتقي الحدود مع‬           ‫تعتبر مراسم الدخول إلى‬
    ‫للاستمرارية التي تجعل‬                                      ‫قصيدة النثر والخروج منها‬
    ‫العرب في المكانة التي هم‬   ‫السياق‪ .‬فهي تمثل ذلك المكان‬     ‫بالغة الأهمية‪ .‬فغالبًا ما تبدأ‬
‫عليها‪ .‬لذا فإنني أسعى خلال‬       ‫أو اللحظة التي نبدأ فيها في‬    ‫قراءة قصيدة النثر بتحديد‬
     ‫مشروعي هذا إلى بحث‬           ‫التعرف على شيء ما يبرز‬          ‫كيف ولماذا تبدأ القصيدة‬
  ‫تاريخ هذه الحركة‪ ،‬وقيمها‬      ‫في خلفية متسقة مخالفة له‪:‬‬     ‫وتنتهي بالطريقة التي عليها‪.‬‬
 ‫الجمالية‪ ،‬والقلق والفضيحة‬      ‫كلقطة ثابتة في فيديو متدفق‬       ‫وإلا فإن القصيدة تخاطر‬
                                  ‫بالحركة‪ ،‬أو شخص يقف‬
               ‫التي ولَّدتها‪.‬‬   ‫ساكنًا وسط حشد متحرك‪،‬‬               ‫بالتفتت إلى شيء آخر‪،‬‬
‫تتنوع ممارسة قصيدة النثر‬            ‫أو سحابة وحيدة وسط‬           ‫وهو تحدي ًدا ما تدعي بأنه‬
                                          ‫سماء صافية(‪.)13‬‬         ‫ليس تدف ًقا نثر ًّيا لا شكل‬
    ‫كتنوع ُكتَّابها وخلفياتهم‬        ‫من خلال اقتراح إعادة‬         ‫له‪ ،‬بحسب وصف أنسي‬
      ‫وانتماءاتهم وأجنداتهم‬                                       ‫الحاج(‪ .)11‬ويحمل السياق‬
                               ‫تعريف مفهوم الشعر العربي‬        ‫الأهمية ذاتها لقصيدة النثر‪.‬‬

                                                                   ‫وبرغم أن السياق يعتبر‬
                                                                 ‫دائ ًما عنص ًرا مه ًّما لتحديد‬

                                                                   ‫الأجناس الأدبية‪ ،‬إلا أنه‬
                                                                  ‫يكتسب أهمية إضافية في‬
                                                                ‫حالة قصيدة النثر ويصبح‬
                                                                   ‫شر ًطا حاس ًما لوجودها‬
                                                                  ‫ذاته‪ .‬حيث يصبح القراء‬

                                                                    ‫المستهدفون‪ ،‬وتخطيط‬
                                                              ‫الصفحة وظروف النشر أكثر‬
                                                              ‫أهمية‪ ،‬وقد تعوض عن نقص‬

                                                                ‫الدلالات العامة التي يعتمد‬
                                                                  ‫عليها القراء لفهم النص‪.‬‬

                                                              ‫بعبارة أخرى‪ ،‬بحسب وصف‬
                                                                 ‫إم‪ .‬إيه‪ .‬كوز ‪،M.A Caws‬‬

                                                               ‫فإن قصيدة النثر باعتمادها‬
                                                              ‫على السياق أو تضادها معه‪،‬‬
   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178