Page 172 - merit 47
P. 172

‫العـدد ‪47‬‬                              ‫‪170‬‬

                                 ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬                        ‫الحقيقة‪ ،‬لقد مهدت الطريق‬
                                                                       ‫لمزيد من التداول الأكثر‬
  ‫الخصائص؛ فبعضها عبارة‬          ‫من قصيدة «الرأس المقطوع»‬
‫عن نصوص مربعة‪ ،‬وبعضها‬                         ‫ل ُأنسي الحاج‪:‬‬         ‫تطر ًفا مع الشكل الشعري‬
                                                ‫لهذا السبب‬          ‫في اللغة العربية‪ ،‬ولم تخيب‬
     ‫خطيَّة‪ ،‬وبعضها قصيرة‬                                            ‫قصيدة النثر الظنون‪ ،‬منذ‬
   ‫ومكبوحة‪ ،‬وبعضها الآخر‬         ‫قال الناطور قف على الشوار‬         ‫ظهورها على الساحة الأدبية‬
  ‫طويلة‪ ،‬وأحيا ًنا مقسمة إلى‬                  ‫وتنشق الغيظ‪.‬‬
  ‫أجزاء أو إلى قصائد فرعية‪.‬‬                                                       ‫عام ‪.1960‬‬
                                     ‫ماتت الدالية بعد هذا(‪.)10‬‬     ‫لقد أعلنت وتفاخرت قصيدة‬
     ‫كما نجد بعضها سردي‬             ‫بكل تأكيد‪ ،‬هذه القصيدة‬        ‫النثر العربية بتجاوزها حدود‬
‫وبعضها الآخر ليس سرد ًّيا‪.‬‬           ‫لا ُت َمثِّل كل قصائد النثر‬   ‫الشعر العربي؛ وهي الحدود‬
  ‫ومن ثم‪ ،‬عندما يكتب النقاد‬
                                      ‫العربية‪ .‬وذلك لأنه‪ ،‬في‬           ‫التي تشوشت و ُط ِم َست‬
     ‫عن قصيدة النثر‪ ،‬فإنهم‬            ‫الحقيقة‪ ،‬يصعب إيجاد‬          ‫وتم تجاوزها من قبل بدون‬
     ‫يميلون إلى إعادة تصور‬           ‫خصائص مشتركة بين‬               ‫الإشارة إلى الأمر باعتباره‬
‫الموضوع أو إعادة رسمه من‬            ‫كل قصائد النثر العربية‪.‬‬       ‫إطلا ًقا منهجيًّا لجنس شعري‬
   ‫جديد في كل مرة بد ًل من‬        ‫فبالإضافة إلى غياب الوزن‬         ‫جديد‪ .‬وهكذا‪ ،‬قدمت قصيدة‬
‫الانخراط فيه‪ .‬وهكذا‪ ،‬تتحول‬          ‫الشعري وتأكيد الشعراء‬           ‫النثر نفسها ليس كشعر أو‬
      ‫قصيدة النثر إلى مجرد‬           ‫على أن نصوصهم تعتبر‬          ‫ككتابة أو كنص؛ بل‪ ،‬بطريقة‬
  ‫حالة أو موقف‪ .‬علاوة على‬             ‫قصائد‪ ،‬توجد قليل من‬         ‫أكثر إثارة للمشاكل‪ ،‬بوصفها‬
   ‫ذلك‪ ،‬تتحول قصيدة النثر‬              ‫القواسم المشتركة بين‬
 ‫في الكتابات عنها إلى مقاربة‬      ‫النصوص التي ُكتِ َب ْت تحت‬              ‫قصيدة عربية بديلة‪.‬‬
  ‫لشيء ما وليست شيء في‬             ‫راية قصيدة النثر العربية‪.‬‬          ‫لقد أطلق منتقدو قصيدة‬
‫حد ذاتها‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬غالبًا‬       ‫وهكذا‪ ،‬فإن الجمالية لدى‬            ‫النثر العربية ومؤيدوها‬
    ‫ما تكون الكتابات النقدية‬      ‫أُنسي الحاج شديدة التميز‬          ‫على حد سواء مجموعة من‬
  ‫عنها محيرة ومتنوعة مثلها‬       ‫والتفرد عن جماليات شعراء‬          ‫الصفات والألقاب التي تثبت‬
  ‫كمثل قصيدة النثر نفسها‪.‬‬             ‫قصيدة النثر من جيله‪،‬‬        ‫فقط استحالة إعطائها تعري ًفا‬
    ‫يبدو لي أن كتابة قصيدة‬         ‫مثل أدونيس أو فؤاد رفقة‬            ‫محد ًدا؛ فأسموها «جنس‬
    ‫النثر وقراءتها وتنظيرها‬        ‫(‪ )2011 -1930‬أو سليم‬
     ‫مترابطة؛ لا يمكن القيام‬      ‫بركات (من مواليد ‪.)1951‬‬               ‫أدبي مضاد»‪ ،‬و»جنس‬
  ‫بإحداها دون عمل الاثنتين‬       ‫وكذلك نجد الأجيال اللاحقة‬         ‫أدبي بديل»‪ ،‬و»شكل لقيط»‪،‬‬
  ‫الأخريين‪ .‬حيث إن الأمر لا‬       ‫من شعراء النثر مثل ب َّسام‬
  ‫يقتصر على وضع ممارسة‬              ‫حجار (‪،)2009 -1955‬‬               ‫و»الهجينة»‪ ،‬و»الناقصة»‪،‬‬
     ‫قراءة الشعر على المحك‪،‬‬                                           ‫و»الفجوة»‪ ،‬و»المشوهة»‪،‬‬
    ‫ولكن قصيدة النثر ُت َو ِّرط‬         ‫وعبده وازن (مواليد‬          ‫و»الشكل الحر»(‪ ،)9‬ذلك إلى‬
    ‫القارئ أي ًضا وتضعه في‬          ‫‪ ،)1957‬وعباس بيضون‬              ‫جانب العديد من التسميات‬
   ‫موقع الكاتب والناقد أثناء‬     ‫(مواليد ‪)1945‬؛ وكذلك جيل‬             ‫الأخرى‪ .‬وتنتج الشكوك‬
   ‫محاولته الإبحار في النص‬       ‫المحدثين‪ ،‬مثل إيمان مرسال‬
   ‫وفهم ادعائه بأنه قصيدة‪.‬‬           ‫(مواليد ‪ ،)1966‬وسامر‬               ‫التي تثيرها عن حقيقة‬
‫إن قصيدة النثر‪ ،‬أكثر من أي‬        ‫أبو ه َّواش (مواليد ‪،)1972‬‬         ‫أنها‪ ،‬في معظم الحالات‪ ،‬لا‬
   ‫شكل شعري آخر‪ ،‬تفرض‬                                               ‫ُت ْك َتب بغرض كتابة الشعر‪،‬‬
‫على قارئها الحاجة إلى تعيين‬            ‫وناظم السيد (مواليد‬         ‫وبالتأكيد ليس بغرض كتابة‬
      ‫الحدود‪ ،‬مثلما تفرضها‬          ‫‪ )1975‬متنوعي الأسلوب‬
                                     ‫وغير متشابهين‪ .‬كما أن‬            ‫النثر‪ ،‬بل بغرض زعزعة‬
                                 ‫نصوصهم متباينة ومختلفة‬                 ‫توقعاتنا عن الجنسين‬

                                                                  ‫الأدبيين‪ .‬ولتتأمل المثال الآتي‬
   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177