Page 170 - merit 47
P. 170

‫حافظت على معايير الوزن‬                                   ‫العـدد ‪47‬‬                          ‫‪168‬‬
   ‫حتى لو اتسعت وتفككت؛‬
 ‫وقصيدة النثر‪ ،‬وهي الشكل‬                                                   ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬         ‫في المشروع الحداثي‪،‬‬
‫المارق التي تحدت كل المعايير‬                                                                ‫وذلك على مستوى البنية‬
‫الموجودة مسب ًقا(‪ .)4‬واتضحت‬             ‫أطلق منتقدو‬                                       ‫والشكل على وجه التحديد‪.‬‬
    ‫العديد من خصائص كل‬          ‫قصيدة النثر العربية‬                                      ‫إلا أنه‪ ،‬ومع تطور التجارب‬
‫شكل منهما من خلال الحوار‬                                                                ‫الحداثية وتجاوزها السنوات‬
                                 ‫ومؤيدوها على حد‬
       ‫الدائر المستمر بينهما‪.‬‬    ‫سواء مجموعة من‬                                               ‫المبكرة «الرائدة» خلال‬
‫وتعد القصيدة الحرة العربية‬                                                                  ‫أواخر أربعينيات وأوائل‬
 ‫هي الأقدم والأسبق بينهما؛‬          ‫الصفات والألقاب‬                                      ‫خمسينيات القرن العشرين‪،‬‬
                                     ‫التي تثبت فقط‬                                      ‫كان الشعراء والمُ َن ِّظرون أكثر‬
     ‫حيث يرجع تاريخها إلى‬         ‫استحالة إعطائها‬                                         ‫اهتما ًما بالتعليق على أعمال‬
   ‫عام ‪ 1949‬وذلك مع نشر‬               ‫تعري ًفا محد ًدا؛‬                                 ‫بعضهم البعض وبيان ردود‬
     ‫قصيدتين لنازك الملائكة‬        ‫فأسموها "جنس‬                                             ‫أفعالهم تجاهها‪ .‬وينطبق‬
    ‫(‪ ،)2007 -1923‬وبدر‬                                                                  ‫الأمر ذاته على دور التأثيرات‬
                                         ‫أدبي مضاد"‪،‬‬                                       ‫الشعرية الغربية‪ .‬وأود أن‬
     ‫شاكر السيّاب (‪-1926‬‬                ‫و"جنس أدبي‬                                           ‫أذهب بعي ًدا بالقول إنه‪،‬‬
‫‪ .)5()1964‬وقد وضع شعراء‬               ‫بديل"‪ ،‬و"شكل‬                                         ‫بعد المراحل المبكرة‪ ،‬كانت‬
                                 ‫لقيط"‪ ،‬و"الهجينة"‪،‬‬                                       ‫النماذج الغربية التي ُق ِد َمت‬
    ‫ونقاد هذه الحركة‪ ،‬وعلى‬                                                                ‫عبر ترجمة الأشعار وطرح‬
‫رأسهم نازك الملائكة‪ ،‬تنظي ًرا‬             ‫و"الناقصة"‪،‬‬                                       ‫النظرية إلى اللغة العربية‬
                                           ‫و"الفجوة"‪،‬‬                                      ‫مجرد مساهمات هامشية‬
   ‫لهذه القصيدة‪ ،‬كما حددوا‬              ‫و"المشوهة"‪،‬‬                                          ‫نسبيًّا في تطور شعرية‬
   ‫معاييرها بأدق التفاصيل‪.‬‬      ‫و"الشكل الحر"‪ ،‬ذلك‬                                         ‫القصيدة العربية الحديثة‪.‬‬
 ‫فقصيدة التفعيلة هي إحداث‬          ‫إلى جانب العديد‬                                        ‫حيث كان العامل الرئيسي‬
   ‫تغيير في الأوزان الشعرية‬             ‫من التسميات‬                                      ‫في إيضاح الشعرية الجديدة‬
  ‫الكلاسيكية للشعر العربي‪،‬‬                                                                   ‫هو المراجعات المستمرة‬
                                               ‫الأخرى!‬
     ‫وليس التخلي عنها كلية‪.‬‬                                                                    ‫والذاتية‪ ،‬والتنقيحات‬
   ‫وفي الحقيقة‪ ،‬أصرت نازك‬                ‫محمد الماغوط‬                                   ‫والتعديلات الجارية للقصيدة‬

     ‫الملائكة على أن مصطلح‬                                                                    ‫الحديثة‪ ،‬التي ساهمت‬
     ‫“الشعر الحر” يجب أن‬                                                                   ‫فيها العديد من الاتجاهات‬
   ‫يستخدم فقط للإشارة إلى‬                                                                  ‫والحركات‪ .‬وبرغم أنه من‬
    ‫ذلك الجنس الأدبي الذي‬
     ‫ُيو ِّظف القوافي والأوزان‬                                                                ‫الممكن الإشارة في هذه‬
 ‫الشعرية للشعر الكلاسيكي‬                                                                   ‫التجربة الكبيرة إلى العديد‬
 ‫بأسلوب حر “نسبيًّا» ولكنه‬                                                                  ‫من المواقف والاتجاهات‪،‬‬
      ‫لا يزال يحتفظ بمعايير‬                                                             ‫ُي َمثِّل ُك ٍل منها أجندة ومسا ًرا‬
  ‫واضحة تميزه عن النثر(‪.)6‬‬                                                                ‫متخي ًل للشعر الحديث‪ ،‬إلا‬
    ‫أما قصيدة النثر العربية‪،‬‬                                                             ‫أن ال َم ْظ َهرين الأكثر وضو ًحا‬
 ‫التي أصبحت فيما بعد نقطة‬                                                               ‫للقصيدة الحديثة العربية هما‬
   ‫الالتفاف لمجموعة «شعر»‬                                                               ‫القصيدة الحرة (أو ما ُتعرف‬
     ‫ومجلتهم التي أسسوها‬                                                                  ‫بـ»قصيدة التفعيلة»)‪ ،‬التي‬
  ‫عام ‪ ،1957‬فهي بالأساس‬
   165   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175