Page 171 - merit 47
P. 171

‫حول العالم ‪1 6 9‬‬

‫لويس عوض‬  ‫سليم بركات‬            ‫رومان جاكوبسون‬                   ‫ردة فعل لقصيدة التفعيلة‪،‬‬
                                                                   ‫وتعريف الشعر الراسخ‬
  ‫مشروعه الرائد الذي غالبًا‬         ‫ونقطة انفراجة في الوقت‬          ‫نسبيًّا الذي أقره الرواد‬
 ‫ما يتم تجاهله‪ ،‬أعني ديوانه‬     ‫نفسه‪ .‬إنها تمثل حدود تفكك‬            ‫الحداثيون عام ‪1949‬‬
  ‫«بلوتولاند وقصائد أخرى‬                                            ‫(وفي مقدمتهم الشاعرة‬
  ‫من شعر الخاصة»(‪ .)8‬فلقد‬            ‫العروض العربية بدون‬            ‫العراقية نازك الملائكة)‬
                                 ‫التخلي عنها جمل ًة وتفصي ًل‪.‬‬
    ‫اكتسبت قصيدة التفعيلة‬       ‫إن هذا التفكك‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬ليس‬    ‫(‪ .)7‬لقد قدمت قصيدة النثر‬
    ‫قوتها الدافعة من كل تلك‬     ‫نتا ًجا لعمل الحداثيين العرب‬      ‫أكبر تصريحاتها بزعمها‬
‫القفزات السابقة مع العروض‬        ‫في القرن العشرين وحدهم‪،‬‬
                                 ‫بل هو نتاج التداول الطويل‬      ‫أنها نوع من الشعر المتحرر‬
     ‫العربية‪ ،‬وقدمت نفسها‬         ‫لصياغة الخليل (الخليل بن‬         ‫من أي اعتبارات أو قيود‬
   ‫في أواخر الأربعينيات من‬
    ‫القرن العشرين بوصفها‬            ‫أحمد الفراهيدي‪ ،‬المتوفي‬    ‫بالوزن الشعري مطل ًقا‪ .‬وهي‬
  ‫تصال ًحا مع الشعر العربي‪،‬‬       ‫عام ‪791‬م) بد ًءا من ظهور‬      ‫أقرب للشعر الحر الفرنسي‬
 ‫وانحلا ًل وتحري ًرا له‪ ،‬كل في‬  ‫التراكيب التدويرية للقصيدة‬
 ‫إطار حدود الشعر الموزون‪،‬‬          ‫(أي القطع أو المقطوعات)‬         ‫والإنجليزي عن قصيدة‬
                                                               ‫النثر المكتوبة بهاتين اللغتين‪.‬‬
      ‫بالضرورة وإن لم يكن‬           ‫مثل الغزل‪ ،‬و»الطردية»‪،‬‬
            ‫بشكل أساسي‪.‬‬         ‫و»الخمرية»‪ ،‬ومرو ًرا بإعادة‬       ‫وذلك لأن شعراء قصيدة‬
                                                               ‫النثر العربية غالبًا ما يكتبون‬
       ‫ومع ذلك‪ ،‬بينما كانت‬           ‫الترتيب العروضي كما‬       ‫مقطوعات خطية أو غنائية أو‬
     ‫القصيدة الشعرية تضع‬           ‫في الموشحات‪ ،‬وصو ًل إلى‬      ‫قصيرة أو طويلة تتشابه في‬
    ‫حدو ًدا لها (وقد ُو ِص َفت‬     ‫التجربة الجريئة في أوائل‬     ‫المزاج والنبرة والموضوعات‬
  ‫هذه الحدود بدقة في أعمال‬          ‫القرن العشرين التي قام‬
  ‫نازك الملائكة)‪ ،‬كان لا يزال‬     ‫بها لويس عوض (‪-1915‬‬                ‫مع ما ُكتِ َب تحت مظلة‬
  ‫هناك مجا ًل لانتهاكها‪ .‬وفي‬        ‫‪ ،)1990‬وذلك من خلال‬           ‫قصيدة التفعيلة‪ .‬إن غياب‬

                                                                    ‫الوزن الشعري المقترن‬
                                                                  ‫بالادعاء بانتمائها للشعر‬
                                                                  ‫هو ما جعل هذه الكتابات‬
                                                                 ‫مخزية‪ .‬لذا‪ ،‬من الضروري‬
                                                               ‫دراسة قصيدة النثر العربية‬
                                                                   ‫في مداولاتها مع قصيدة‬

                                                                                 ‫التفعيلة‪.‬‬
                                                                       ‫تختلف المصطلحات‬
                                                                ‫الإنجليزية الثلاثة ‪ ،verse‬و‬
                                                                ‫‪ ،prose‬و‪ poetry‬في تاريخ‬
                                                                     ‫نشأتها وعلاقاتها عن‬
                                                                ‫المصطلحات العربية «نظم»‪،‬‬
                                                                   ‫و»نثر»‪ ،‬و»شعر»‪ .‬وتعد‬
                                                                ‫القصيدة الحرة‪ ،‬في إشارتها‬
                                                                     ‫الضيقة والمحدودة إلى‬
                                                                ‫قصيدة التفعيلة التي ظهرت‬
                                                                  ‫في أوائل الخمسينيات من‬
                                                                ‫القرن العشرين‪ ،‬نقطة أزمة‬
   166   167   168   169   170   171   172   173   174   175   176