Page 16 - merit 45
P. 16

‫العـدد ‪45‬‬                                                     ‫‪14‬‬

                                                                                               ‫سبتمبر ‪٢٠٢2‬‬

             ‫صلاح بوسريف‬

             ‫(المغرب)‬

             ‫بيان بشأن الثقافة العربية في راهنها‬

             ‫ُظْل َمة في َق ْبر‬
             ‫ما هو أفق وما هو هاوية‬

             ‫ما في حواري الذي صدر بمجلة "ميريث الثقافية"‪ ،‬هو اختزال‬
             ‫وتكثيف لمشروع شعري‪ -‬نظري‪ ،‬يعود إلى أربعين سنة من عمري‬
             ‫الثقافي‪ ،‬أو حضوري في المشهد الثقافي المغربي‪ ،‬وقد كان كتاب‬
             ‫"رهانات الحداثة‪ -‬أفق لأشكال محتملة"‪ ،‬الصادر عن دار الثقافة‬
             ‫بالدار البيضاء سنة ‪ ،1996‬تعبي ًرا عن هذا المشروع‪ ،‬رغم ما كان فيه‬
             ‫من غموض‪ ،‬ورغبة في الانتقال بال ِّش ْعر من "القصيدة" إلى الكتابة‪،‬‬
             ‫أو إلى العمل ال ِّشعري‪ ،‬ومن يريد أن يكتب‪ ،‬أو ُيلاحظ‪ ،‬أو ُيع ِّقب‪ ،‬أو‬
             ‫ينتقد‪ ،‬أو ي ْش ُتم‪ ،‬ح َّتى‪ ،‬لا ُبد أن يعود إلى ما كتب ُته‪ ،‬منذ هذا التاريخ‪ ،‬أو‬
             ‫قبله‪ ،‬شع ًرا وتص ُّو ًرا‪..‬‬

‫أ َّن‬  ‫يأتي‬  ‫َيلا ْس ُيَتوْشجِكدلفايلهق الض َفا ْيرا ُد اواللَفأ ُّذف‪،‬كامرن‪،‬‬  ‫فال َّزمان الذي‬  ‫الأشياء مملوءة بالآلهة» [طاليس]‬
       ‫رغم‬                                                                    ‫بال ُّسؤال‪ ،‬من‬   ‫الجملة التي نظن أنها خاطئة ُتص ِّحح ما قبلها‬
‫الأفكار‪ ،‬كما يقول جيل دولوز‪ ،‬ليست ُمتا َح ًة دائ ًما‪،‬‬
‫كون الفكرة‪ ،‬وهي تتخلَّق‪ ،‬وتنبثق‪ ،‬هي ص ْد َم ٌة في‬                                                                ‫[‪]1‬‬
‫ذاتها‪ِ ،‬لا تحتمله من تشويش‪ ،‬ومن تهجيج للعقل‪،‬‬
                                                                                                 ‫الثقافات وتنهض بالإبداع‪ ،‬بقدرة الخيال‬
‫تفرض عليه أن يخرج من ماضيه‪ ،‬من نومه الذي‬                                                           ‫على ا ْستِ ْنهاض العقل‪ ،‬وعلى وضعه في‬                       ‫تغتني‬

   ‫ا ْس َت ْغ َر َق ُه‪ ،‬للنَّظر في الشمس بعينين مفتوحتين‪،‬‬                                      ‫سياق الصيرورة والتح ُّول‪ .‬كما أنها تفتقر‬
‫ِب ُكل ما في الضوء من أ ًذى‪ .‬فال َك ْش ُف‪ ،‬دائ ًما ُي ْؤ ِذي‪،‬‬                                       ‫وتضعف‪ ،‬بما يطغى عليها من اجترار‬
‫لأنه جدي ٌد‪ ،‬ولأنه يقول ما لا نقول‪ ،‬ويكشف ما لا‬                                                    ‫وتكرار‪ ،‬وما يسود فيها من ابتسار في‬
‫نعرف‪ ،‬والعادة‪ ،‬بطبيعتها‪ ،‬تأبى الاختراق‪ ،‬ما دام‬
                                                                                               ‫ال ُّر َؤى والمواقف‪ ،‬وفي المفاهيم والتصورات‪،‬‬
‫الزمان يدور بما نريده‪ ،‬وكما ُن ِري ُده‪ ،‬لا بما علينا أن‬                                           ‫أو حينما يبقى الخيال فيها نائ ًما‪ ،‬تستغرقه ظلمة‬
‫نصون به طبيعة الزمان ذاته‪ ،‬بما فيه من أشياء لا‬
                                                                                                ‫الكهوف التي َي ُغ ّط فيها‪ُ ،‬م ْع َت ِق ًدا أ َّن الزمن ما تجري‬
 ‫يراها الجميع‪ ،‬ولا تبلغ الحوا ّس جميعها‪ ،‬وتحتاج‬                                                              ‫به الظلم ُة‪ ،‬وأن الليل لا َي ْع ُق ُبه النهار‪.‬‬
‫عق ًل وخيا ًل قادرين على ال ُّن ُزول إلى قيعان المعارف‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21