Page 21 - merit 45
P. 21

‫‪19‬‬           ‫إبداع ومبدعون‬

             ‫رؤى نقدية‬

‫محمود درويش‬  ‫محمد مهدي الجواهري‬                             ‫عبد الله البردوني‬  ‫أو رياضية‪ ،‬أو سلسلة من‬
                                                                               ‫الصوامت والمُ َتح ِّركات‪ ،‬أو‬
                                                                                ‫صي ًغا صرفيه نسير على‬

                                                                                  ‫هديها‪ ،‬دون أن نعي ما‬
                                                                               ‫للخيال والصور الشعرية‪،‬‬

                                                                                  ‫وبناء الجمل والتعابير‪،‬‬
                                                                                ‫من دور في «النَّ ْظم»‪ ،‬وفي‬
                                                                                ‫البناء‪ ،‬أو في «النحو»‪ ،‬في‬

                                                                                   ‫معناه العام‪ ،‬الذي هو‪،‬‬
                                                                                   ‫عند الجرجاني «خادم‬

                                                                                     ‫لنظم المعاني‪ ،‬وليس‬
                                                                               ‫خاد ًما للألفاظ»‪ ،‬والمعاني‪،‬‬

                                                                                  ‫لا تحدث دون تراكيب‬
                                                                                    ‫وصور‪ ،‬ودون كلام‬

                                                                               ‫بعضه يأخذ برقاب بعض‪.‬‬

                                                                                      ‫[‪]10‬‬

‫يتعداه إلى ما بعده‪ِ ،‬لا رآه دخل العربية من اختراق‬           ‫هل ما نكتبه‪ ،‬اليوم‪« ،‬قصيد ًة»‪ ،‬بأي معنى‪ ،‬وبناء‬
                             ‫وتو ُّسع لم يقبلهما؟!‬
                                                            ‫على أي «بناء» أو معمار‪ ،‬وهل الثقافة العربية‬
                 ‫[‪]11‬‬
                                                            ‫عاجزة أن ُتس ِّمي‪ ،‬وتمتلك ما ُتس ِّميه‪ ،‬يكو ُن هي‪،‬‬
  ‫هل نحن‪ ،‬اليوم‪ ،‬الآن وهنا‪ ،‬في زمن الكتابة‪ ،‬أم في‬           ‫وتكو ُن هو‪ ،‬لا تكون ال َّص َدى‪ ،‬وماضيها الصوت‪،‬‬
  ‫زمن الشفاهة والكلام واللسان‪ ،‬زمن التقنية التي‬             ‫هل ما يكتبه سليم بركات «قصيدة»‪ ،‬وما كتبه‬
   ‫أتاحت لنا الطباع َة‪ ،‬والتَّص ُّرف في التَّ ْفضيَّة‪ ،‬وفق‬
   ‫ما تقتضيه توزيعات البياض‪ ،‬وما نذهب إليه من‬               ‫الرحل «رفعت سلام» «قصيدة»‪ ،‬وهل ما يكتبه‬
 ‫تعبيرات لسانية وغير لسانية‪ .‬من يتف َّحص ال ِّش ْعر‬
 ‫العرب ّي‪ ،‬عند رواد ما ُس ِّم َي بـ»ال ِّشعر الحر»‪ ،‬وعند‬    ‫قاسم ح َّداد «قصيدة»‪ ،‬وما يكتبه محمد السرغيني‬
                                                            ‫«قصيدة»‪ ،‬وما كتبه أدونيس في «الكتاب‪ -‬أمس‬
      ‫من اختلفوا عنهم بـ»قصيدة النثر»‪ ،‬ال َّشفاهة‬
‫والصوت والخطاب‪ ،‬لم تسمح بالكتابة‪ ،‬أو أ َّن الوعي‬            ‫المكان الآن» «قصيدة»‪ ،‬وما كتبه درويش في‬
‫الشفاهي الإنشادي‪ ،‬هيمن على الوعي الكتابي‪ ،‬دوا ٌّل‬
                                                            ‫«الجدارية» «قصيدة»‪ ،‬بغض النظر عن درجة‬
    ‫تنتصر للصوت‪ُ ،‬تعليه‪ ،‬تعطيه الكلمة‪ ،‬في ُمقابل‬
    ‫المكتوب‪ ،‬أو المكتوب هو تدوين‪َ ،‬ن ْقل للسان على‬          ‫حضور الشفاهة والصوت في بعض هذه الأعمال‪،‬‬
‫الصفحة‪ ،‬والصفحة فيه هي ُمج َّرد حامل ‪support‬‬                ‫قيا ًسا بوعيها الكتابي‪ ،‬وبما تتو َّس ُع به من دوا ّل؟!‬
‫وليست دا ًّل‪ ،‬كما نجد في كثير من حالات «الكتاب‪-‬‬               ‫وهل ال ِّش ْعر هو «القصيدة»‪ ،‬ولم اختزلنا ال ِّش ْعر‬
   ‫أمس المكان الآن»‪ ،‬لأدونيس‪ ،‬وربما لهذا السبب‪،‬‬             ‫في «القصيدة»‪ ،‬عل ًما أ َّن ال ِّش ْعر ليس جم ًعا ولا‬
   ‫س َّم ْته خالدة سعيد‪« ،‬قصيدة الكتاب»‪ ،‬في كتابها‬          ‫ُمفر َد «قصيدة»‪ ،‬بل هو جامع أنواع في العربية‪،‬‬
                                                            ‫«القصيدة»‪ ،‬هي نوع من أنواعه‪ .‬فكيف‪ ،‬بابتسار‬
                                                                                            ‫اغليجرزءمق ُبك ًّول‪،‬ل‪،‬وأ ْخس َفَّم ْيْينناا‬
                                                            ‫الكثير خلف الواحد‪ ،‬واعتبرنا‬
                                                              ‫ال ِّش ْعر بـ»القصيدة»‪ ،‬وبها‬
                                                            ‫ترجمنا حتَّى كلمة ‪ poésie‬بـ»قصيدة»‪ ،‬و َح َك ْمنا‬
                                                            ‫على العا َل بتعريف ابن منظور‪ ،‬الذي حصر العربية‬
                                                            ‫في النصف الثاني من القرن ال َثاني الهجري‪ ،‬ولم‬
   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26