Page 20 - merit 45
P. 20
العـدد 45 18
سبتمبر ٢٠٢2
المكان ،لا َتجو ُزه ،و ُتحاكم الفكر والإبداع والخيال، في بعض سيرهم ،أو في بعض ما قاله عنهم بعض
والعقل اليقظ ،بفكر وخيال وعقل نائم ،حتّى ال ُحلُم النقاد ،بل ما قلناه نحن ،لأن هؤلاء ،حتَّى لا نقتلهم،
ونرمي بهم داخل كليشيهات راسخة ،حياتهم ،هي
فيه ،لا يتغيَّر ،ولا يتن َّوع ،لأنه مشدود إلى زاوية
نظر واحدة ،لا غير. قراءتنا لهم باستمرار ،وفق ما نبلغه من معرفة
ووعي ،وفي سياق ما يجري من شعر اليوم ،ومن
وإذا كان أوفيد ،قبلنا ،بقرون ساحقة ،والعالم لم نظرية ،وتطور وصيرورة في الشعر والنظر ،وفي
يتَّ ِسع ،ولم يتن َّوع ،بهذا الا ِّتساع والتَّن ُّوع اللذين
نحن فيهما اليوم ،يرى أ َّن «معرفة [أو اكتشاف] المفاهيم والتص ُّورات ،لا أن ُنج ِّم َد ُهم في لا وعينا
العالم ،تعني إذابة صلابته» ،فسيكون ُم ْخ ِج ًل لنا داخل قوالب استقيناها من هذا الناقد أو ذاك،
نحن من جئنا بعد بقرون ،أو نجعل العالم ص ْلبًا،
نبنيه بآلهة و ُص ْلبان ،أو بأوثان نحن من صنعناها، وصرنا به نحكم على ظلم ٍة في قبر ،نظ ُّنها ال ُّنور،
كما تصنع الجماهير ال ُّزعماء .ولع َّل في الحديث دون أن نعي ما ن ْجنيه ،ليس على ال ِّش ْعر ،بل على
« ُمو ُتوا َق ْبل أن تمو ُتوا» ،ما يمكن أن ُي َخ ِّفف عنَّا الثقافة العربية ،في عقلها وخيالها ،في ُن ُظم المعرفة
َو ْط َء ما نحتمله من عبء عقول استغرقها اليقين، والإبداع التي تحكم بنياتها ،وما ُت ْنتِ ُجه من دوا ٍّل
وأحاطت نفسها بالمُسلَّمات ،وبمفاهيم ا ْس َتكانت لها،
وصارت عندها دينًا ،أو مثل ال ِّدين الذي لا يجوز ومداليل.
ال َم ّس به. []8
[]9 عقل ُم ْن َهك ،عينه خل َفه ،في ماضيه ،كيفما كان هذا
الماضي ،وفي مفاهيم يستق ُّر عليها ،لا يعود يخرج
«القصيدة»« ،البيت»« ،القافية»« ،الوزن» ،وغيرها منها ،تبقى عنده هي نفسها ،حتَّى والعالم يتغيَّر،
من التسميات ،لا َي َد لنا فيها ،من يختبر سياقاتها والشمس ليست هي نفسها ،بين البارحة واليوم،
الفكرية والجمالية ،سيجدها َص ًدى لزمانها، وهذا من أسباب تخلُّ ِفنا عن الثقافات واللغات
ولمعانيها ،ولثقافتها ،ولهذا الماضي العظيم الذي والحضارات الأخرى ،ليس في الإبداع ،بل في التبعية
ا ْب َت َدع هذه العمار َة ،وهذا المعمار ،قبل أن أن ُي ْغلِ َقه،
ويضع له حدو ًدا ،و ُي َقيِّد العقل العربي بها في كل والاحتذاء ،والسير على ُخ َطى الآخرين .سلفية في
زمان ومكان .الخليل ،استنبط العروض ،ولم يفرض الذهن ،وفي الفكر ،تختبيء خلف الحداثة والتحديث،
العروض على أحد ،قال ،بحسه الموسيقي الرياضي،
وهو عالم في اللغة تدور حول نفسها ،معتقدة أنها تسير إلى الأمام،
وفي الموسيقى ،هذا فيما الوراء هو ما يحكم دورانهاُ ،تراوح نفس
ما تفتَّقت عنه قريحة
العرب ،حتَّى وهم لا
يعرفون الأوزان ،بل
«تو َّه ُموها» ،كما يقول
ابن رشيق القيرواني،
في كتابه «العمدة» .لأن
الوزن ،في جوهره،
إيقاع ،موسيقى ،ما
نكتب به دون أن نعيه،
وليست عملية حسابية