Page 47 - merit 45
P. 47
45 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
تقسيم العمل على أساس
الجنوسة ،بحيث إن
النساء ،على سبيل المثال،
لا يزلن يطبخن الوجبات
للرجال أكثر مما يحصل
العكس»( ،)1فالرجل
هو المسؤول عن العمل
وتوفير سبل المعيشة،
وسن القوانين وإدارة
الحكم ،في مقابل احتفاظ
المرأة بدورها داخل المجال
الخاص ،أو نطاق البيت
وتربية الأبناء ،ومع الوقت
تغيرت مواقع هذه الأدوار
الاجتماعية واخترقت المرأة
بيير بورديو سايمون ديورنغ محمد الن ّعاس المجال العام ،وشاركت
الرجل فيه ،لكن ظل من
من زينب ،التي يقلب معها جز ًءا أساسيًّا من هذه العسير -خاصة في المجتمعات العربية والشرقية-
الأدوار الاجتماعية ،ويختار هو العمل داخل البيت
وأداء المهام المنزلية ،ويتفق مع زينب في قيامها هي أن يخترق الرجل المجال الخاص ،و ُيقر موقعه
داخله ،دون أن توجه إليه اتهامات من المجتمع
بالعمل خارج المنزل وتوفير النفقات. بإحداثه خل ًل في هذه الأدوار المستقرة.
تلقى ميلاد تعلي ًما متوس ًطا ،في مقابل زينب/
زوجته التي أنهت دراستها الجامعية ،والتي وما تطرحه رواية «خبز على طاولة الخال ميلاد»
جمعتها بميلاد قصة حب طويلة منذ الطفولة انتهت
بزواجهما ،ومثلت قصة الحب هذه مرتك ًزا قو ًّيا للكاتب الليبي محمد الن َّعاس( ،)2هو مساءلة لموقع
في علاقتهما ،سمح لهما باتفاق ضمني على إعطاء الرجل والمرأة من الأدوار الاجتماعية التي فرضتها
الحرية للطرف الآخر وتقبله كما هو ،وعدم فرض
المجتمعات العربية تب ًعا لجنس كل منهما ،وتب ًعا
أي دور اجتماعي أقره المجتمع عليه. لما أقرته من صور جندرية لكلا الطرفين ،تشكلت
يختار الكاتب لبطله أن ُتروى قصته بضمير المتكلم،
حيث يقوم ميلاد بدور الراوية الذي يقص حكايته نتيجة للظروف الاجتماعية والسياسية والثقافية
على مروي عليه ،وهو شخصية مجهولة تحاول لهذه المجتمعات ،فنجدنا أمام بطل هذه الرواية وهو
صناعة فيلم حول قصة ميلاد وأزمته ،ويستطرد
البطل /الراوي في سرد تفاصيل حكايته من موقع (ميلاد الأسطى) ،الليبي الذي يعمل في صناعة
واحد ،موقع الشخصية المضطربة بين ما أقره الخبز بالقرية ،والذي تلقى تربية أنثوية بنشأته
المجتمع من دور اجتماعي للرجل ،وما يرغب فيه
ميلاد من دور لا يناسب الصورة التي ينشأ عليها ول ًدا وحي ًدا مع عدد من البنات ،وتتتبع الرواية
محطات أساسية داخل حياة ميلاد /الراوية/
أغلب رجال قريته ،ويتجول في حكيه بين بيته
والمخبز الذي يعمل فيه وامتلكته عائلته منذ زمن البطل ،تبدأ من عمله بالمخبز مع والده ونشأته في
بيئة تقر الأدوار الاجتماعية التقليدية المفروضة
على الرجل والمرأة في قريتي الظهرة وبئر حسين،
ثم يتتبع الكاتب محطات أخرى من حياة ميلاد في
المعسكر ،وقت انضمامه له لأداء الخدمة العسكرية،
وما لاقاه فيه من استمرار لفرض تلك الأدوار
الاجتماعية والصور النمطية عن الرجولة ،ثم زواجه